هموم ما بعد المفاضلة
الآن، وبعد أن صدرت نتائج المفاضلة الجامعية النهائية، وعرف كل طالب تخصصه الذي سيرسم به مستقبله العلمي والمهني و الحياتي، بدأ الأهالي يعيشون هموماً من نوع آخر ، تتمثّل في كيفية تأمين التكاليف المادية الباهظة لتسجيل أبنائهم في كلياتهم أو معاهدهم، وخاصة تلك التي تقع في مدن أخرى ، وما يتطلبه ذلك من البحث أولاً عن سكن لأبنائهم ، سواء في المدن الجامعية ، وصعوبة الحصول على فرصة سكن فيها ، أو في استئجار غرفة، وهذا هو الأمر الأصعب ، حيث المعاناة كبيرة في هذه الأوقات من العام ، مع بدء الموسم الدراسي، في إيجاد سكن أولاً وفي ارتفاع الأجور ثانياً، وخاصة السكن القريب من الجامعات. حيث نجد استغلال المؤجرين أيّما استغلال ، بل يريدون الأجرة مقدماً لستة أشهر على الأقل، وكأن ذوي الطلبة جاؤوا من كوكب آخر وفي أياديهم سبائك من ذهب، وهذا ما يشكل عبئاً مادياً كبيراً وثقيلاً جداً على ذوي الطالب أو الطالبة، عدا عن تأمين متطلبات الدراسة لبعض الكليات أو المعاهد، التي تتطلّب شراء أدوات وتجهيزات لزوم الدراسة ، كالأدوات الهندسية ومواد طب الأسنان و الكومبيوترات المحمولة وارتفاع أسعارها الجنوني، و ما إلى ذلك.
إضافة إلى ذلك مصاريف المعيشة والتنقل واللباس وغيرها من ضروريات الحياة الدراسية الحامعية، وهذا كله يرخي على كاهل الأهالي حملاً ثقيلاً ، وغالباً ما يلجؤون -أي الأهالي-إلى بيع جزء من ممتلكاتهم من الأراضي الزراعية أو السيارات أو سحب قروض مصرفية كبيرة وما إلى ذلك.
هذا كله في حال كان هناك طالب واحد في العائلة، فكيف إذا كان هنالك أكثر من طالب؟ ، وهذا كله أيضاً على حساب معيشة الأسرة كاملة،فكيف سيتدبر الأهالي هذه المصاريف كلها، في سبيل تأمين مستقبل أبنائهم وتحقيق أحلامهم وطموحاتهم؟ .
كل ما سبق قلناه عن الدراسة في الجامعات الحكومية النظامية، فكيف هو الحال فيما إذا كانت الدراسة في الموازي أو الجامعات الخاصة، فهذه ” عنها سكتة” كما يقولون في الدارج.
ربما هناك بعض الحلول التي قد تساعد الأهالي في تيسير دراسة أبنائهم وتحصيلهم العلمي، أولها تأمين قروض طلابية طويلة الأجل إلى ما بعد التخرج والبدء بوظيفة أو عمل، يدرّ دخلاً على الطالب الخرّيج ، على أن تكون هذه القروض بمبالغ كبيرة تتناسب مع متطلبات الدراسة لكل اختصاص، والفوائد قليلة، كي يتمكن الطالب من دراسته من دون هموم مسبقة تقع على كاهله وعلى ذويه، وثانيها العمل على الحدّ من ارتفاع أجور السكن، وخاصة للطلاب، وهذا يقع على عاتق المؤجّرين وإحساسهم بالمسؤولية الاجتماعية.