أربع جهات تعيد افتتاح سوق الدَّين الخليجية بـ3 مليارات دولار للتمويل الحكومي البديل وتعزيز النمو الاقتصادي وتمويل المشروعات الرأسمالية والبنية التحتية
تشرين – رصد:
قادت أربع جهات خليجية إعادة افتتاح سوق الدّين الخليجية في أيلول، بعد توقف الإصدارات الخليجية لما يلامس الشهرين بسبب موسم الإجازات الصيفية للمستثمرين.
وحسب وكالات، فإن جهات الإصدار الخليجية أصدرت ما يزيد على ثلاثة مليارات دولار من الصكوك والسندات في ظرف سبعة أيام، ويتوقع المزيد من الإصدارات الخليجية خلال الفترة المقبلة مع توافر السيولة الفائضة لدى المستثمرين.
إلى ذلك، يترقب مستثمرو الدخل الثابت غداً مزاد الصكوك الشهري، فيما تحتفظ جهة الإصدار السيادية السعودية بخيار الطرح من عدمه.
يأتي ذلك بالتزامن مع تداول عائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل عشرة أعوام دون 4.30 في المئة خلال منتصف شهر أيلول الجاري، وذلك بعد أن كان العائد يتداول أوائل آذار فوق 4 في المئة.
المرونة الكافية
تملك السعودية المرونة الكافية للتعامل مع تحديات ارتفاع أسعار الفائدة، ولاسيما أنه في حال أصبحت أسعار الفائدة أقل مستقبلاً، فقد يتم التشاور مع حملة الصكوك من أجل ترتيب مشروع إعادة تمويل للمستحقات المستقبلية على الأسعار الجديدة المنخفضة، ما يسهم في تخفيض تكاليف المحفظة تراكمياً.
وأظهر رصد أن تلك الاستراتيجية ممكنة على أرض الواقع، غير أن المستثمرين قد يرغبون في أن تتم عملية الشراء فوق القيمة الاسمية، خلال فترة الفائدة المنخفضة، ولاسيما أن العائد الذي يحصلون عليه فوق 4 في المئة لن يكون متوافرا خلال فترة الفائدة المتدنية.
إدارة الالتزامات
أعلنت السعودية أخيراً إصدارها أدوات دّين جديدة بقيمة 35.7 مليار ريال وبفائدة متوافقة مع أوضاع السوق الحالية، ما جعل البعض يتساءل عما إذا كان من الأجدى جعل تلك الصكوك والسندات تنطفئ في أوقاتها المحددة، لأنه تم إصدارها بفائدة منخفضة؟
غير أن هذا التصور يكون مناسباً في حال رأت جهة الإصدار تطبيق منهجية إطفاء الالتزامات والتوقف عن إعادة التمويل، التي ستأتي مع استدامة الفوائض المالية.
وبالرجوع إلى قرار الشراء المبكر الذي تم في آب الماضي، فإنه يأتي بهدف التحوط من مخاطر أسعار الفائدة وإعادة التمويل.
على سبيل المثال في نهاية عام 2021، قامت السعودية بترتيب إعادة شراء لصكوك مستحقة في عام 2022 تراوح تكلفتها بين 1 و2 في المئة، وتم إصدار صكوك مقابلها بتكلفة تزيد على 3 في المئة، لكن لو تم الانتظار إلى أن يحل أجلها لكانت إعادة تمويلها بأكثر من 4 في المئة حسب أسعار الفائدة في عام 2022.
وبذلك وإن كانت الفائدة مرتفعة في نهاية 2021، إلا أن قرار إعادة الشراء والإصدار كان مفيداً بخفض التكلفة ولاسيما أنه يكون بشكل جزئي من المستحقات.
وتأتي تلك المبادرات لتعزيز المالية العامة للدولة على المديين المتوسط والبعيد، إضافة إلى توحيد الإصدارات المحلية للحكومة لتكون ضمن إطار برنامج إصدار الصكوك بالريال لكون العملية تتضمن أوراقاً مالية تم إصدارها خارج إطار برنامج الصكوك المحلية. إضافة إلى إدارة التزامات الدَّين الحكومية واستحقاقاته المستقبلية وإدارة مخاطر المحفظة بتخفيف الانكشاف لمخاطر أسعار الفائدة وإعادة التمويل.
وفي آب 2023، أعلن المركز الوطني لإدارة الدَّين اكتمال عملية شراء مبكر لجزء من أدوات دّين للمملكة قائمة ومستحقة في الأعوام 2024، 2025، 2026، بقيمة إجمالية تجاوزت 35.7 مليار ريال. وتعد هذه أكبر عملية شراء مبكر قام المركز بترتيبها حتى تاريخه.
وأعلن المركز إصدار صكوك جديدة ضمن إطار برنامج صكوك المملكة المحلية بالريال، بلغت قيمتها الإجمالية نحو 35.9 مليار ريال.
وأشار إلى أن هذه المبادرة تعد استمراراً للجهود التي يبذلها المركز لتعزيز السوق المحلية، ومواكبة التطورات التي انعكست بشكل إيجابي في ارتفاع حجم التداولات في السوق الثانوية خلال الفترة الماضية، وتفعيلاً لدور المركز في إدارة التزامات الدَّين الحكومية واستحقاقاته المستقبلية، ولتتكامل الجهود مع المبادرات الأخرى لتعزيز المالية العامة للدولة على المديين المتوسط والبعيد.
وقام المركز بتقسيم إصدارات الصكوك الجديدة إلى أربع شرائح بلغت قيمتها الإجمالية 35.9 مليار ريال، بلغ حجم الشريحة الأولى نحو 7.5 مليارات ريال لصكوك تستحق في عام 2031، وبلغت الشريحة الثانية 14.5 مليار ريال لصكوك تستحق في عام 2032، وبلغت الشريحة الثالثة نحو 10.8 مليارات ريال لصكوك تستحق في عام 2033، فيما بلغت الشريحة الرابعة 3.2 مليارات لصكوك تستحق في عام 2038.
الدَّين العام
ارتفع الدَّين العام للسعودية بنهاية الربع الثاني من العام الجاري إلى 989.16 مليار ريال، مقارنة بنحو 966.5 مليار ريال بنهاية الفترة المماثلة من العام السابق.
وبلغ معدل النمو في الدَّين العام خلال الفترة 2.3 في المئة، مقارنة بالربع المماثل من العام السابق، أما على أساس ربعي فقد ارتفع الدَّين العام 2.8 في المئة.
وبنهاية الربع الثاني، بلغ حجم الدَّين الداخلي 623.5 مليار ريال، ما يشكل 63 في المئة من حجم الديون، بينما بلغ الدَّين الخارجي 365.6 مليار ريال بنهاية الفترة مشكلاً 37 في المئة.
وتهدف وزارة المالية من خلال المركز الوطني لإدارة الدَّين إلى تنويع مصادر التمويل بين المحلية والخارجية، من خلال استراتيجية الدَّين المتوسطة المدى التي راعت مستهدفات رؤية 2030 من خلال تعميق سوق الدَّين المحلية.
وحسب بيان ميزانية 2023، فإن السعودية تستهدف تراجع حجم الدَّين العام خلال العام الجاري، استكمالاً لجهود الحكومة في تعزيز كفاءة الإنفاق وتحقيق مستهدفات الانضباط المالي.
وخلال الربع الثاني، بلغ حجم نفقات التمويل نحو 8.7 مليارات ريال، وهي تزيد بنحو 14.7 في المئة على الربع المماثل من العام الماضي البالغة 7.6 مليارات ريال.
ورغم الارتفاع في حجم نفقات التمويل، إلا أن حجمه من إجمالي المصروفات خلال الربع الثاني من العام الجاري بلغ 2.7 في المئة، في حين كانت تشكل نحو 2.6 في المئة خلال الفترة المماثلة من 2022.
كما أن عجز الميزانية في الربع الثاني البالغ 5.3 مليارات ريال تم تمويله كاملاً من الخارج، ولم يتم مسّ الاحتياطيات الحكومية أو الحساب الجاري.
وحسب ميزانية 2023، فإن حجم نفقات التمويل للعام كاملاً يتوقع أن يبلغ 39 مليار ريال، ما يمثل نحو 4 في المئة من المصروفات المقدرة للفترة نفسها، وإذا ما قورنت بميزانية 2022 البالغة 32 مليار ريال، فإن النفقات زادت بنحو سبعة مليارات ريال أو ما يعادل 22 في المئة.
وخلال العام الماضي، نفذ المركز الوطني لإدارة الدَّين عملية شراء مبكر لسداد جزء من مستحقات أصل الدَّين المحلي للأعوام 2023 و2024 و2026 وإصدار صكوك محلية مقابلها.
خطة الاقتراض السعودية
في أوائل العام الحالي، اعتمدت السعودية خطة الاقتراض السنوية لـ2023، بعد أن صدّق عليها مجلس إدارة المركز الوطني لإدارة الدَّين.
وتضمنت الخطة أبرز تطورات الدَّين العام ومبادرات أسواق الدَّين 2022، وخطة التمويل في 2023 ومبادئها التوجيهية، إضافة إلى تقويم 2023 لإصدارات الصكوك ضمن برنامج صكوك المملكة المحلية بالريال السعودي.
كما تضمنت الخطة توقعات بأن تشكل الاحتياجات التمويلية لـ2023 ما يقارب 45 مليار ريال، نظراً إلى خفض جزء من إجمالي الاحتياجات التمويلية لـ2023، عبر عمليات تمويل استباقية تمت خلال 2022 بما يقارب 48 مليار ريال.
وعلى الرغم من توقعات تحقيق فوائض في الميزانية خلال 2023، إلا أن المملكة تهدف إلى الاستمرار في عمليات التمويل المحلية والدولية بهدف سداد أصل الدَّين المستحق خلال عام 2023 وعلى المدى المتوسط، واغتنام الفرص المتاحة حسب أوضاع السوق لتنفيذ عمليات تمويلية إضافية بشكل استباقي لسداد مستحقات أصل الدَّين للأعوام المقبلة، وتمويل بعض المشروعات الاستراتيجية، إضافة إلى استغلال فرص الأسواق لتنفيذ عمليات التمويل الحكومي البديل التي من شأنها تعزيز النمو الاقتصادي مثل تمويل المشروعات الرأسمالية والبنية التحتية.
وسيواصل المركز الوطني لإدارة الدَّين مراقبته الأسواق المحلية والدولية لاغتنام فرصة إمكانية الدخول في عمليات تمويلية إضافية استباقية حسب أوضاع السوق، وبهدف تعزيز وجود المملكة في أسواق الدَّين وتعزيز خصائص محفظة الدَّين، مع الأخذ في الحسبان حركة الأسواق وإدارة المخاطر في محفظة الدَّين الحكومي.
وفي أوائل كانون الثاني من 2023، باعت السعودية سندات قيمتها عشرة مليارات دولار على ثلاث شرائح، مستفيدة من فرصة سانحة للاستفادة من أسواق الدَّين وسط إقبال قوي من المستثمرين.
وذكرت وكالة “رويترز” أنها حصلت على وثيقة من أحد البنوك تفيد بأن السعودية باعت سندات قيمتها 3.25 مليارات دولار بآجال استحقاق مدتها خمسة أعوام عند 110 نقاط أساس فوق سعر سندات الخزانة الأمريكية.
أما الشريحة لأجل عشرة أعوام ونصف العام، فوصلت قيمتها إلى 3.5 مليارات دولار عند نحو 140 نقطة أساس فوق سعر سندات الخزانة الأمريكية، وما قيمته 3.25 مليارات دولار أخرى للشريحة لأجل 30 عاماً عند 5.5 في المئة.
وكانت المملكة قد باعت صكوكاً وسندات بخمسة مليارات دولار، في تشرين الأول 2022، التي سبقتها إعادة شراء سندات ضمن استراتيجيتها لإدارة الالتزامات.
ومع الإصدار الشهري لشهر شباط، أعلن المركز الوطني لإدارة الدَّين إكماله تمويل احتياجات إعادة تمويل أصل الدَّين المستحق لعام 2023، والاستمرار – وفقاً لخطة الاقتراض السنوية المعتمدة- بالنظر في إمكانية الدخول في عمليات تمويلية إضافية بشكل استباقي وحسب أوضاع السوق عبر القنوات التمويلية المتاحة سواء محلياً أم دولياً من خلال أسواق الدَّين والتمويل الحكومي البديل.