مياهنا بين (الجفت) والصرف الصحي

لست متفائلة من أي قرارات وتحضيرات سوف تتخذها محافظة طرطوس لمنع تلوث مياهنا الجوفية وينابيع وآبار مياه الشرب بمياه الجفت… والسبب هو أن آليات المعالجة نفسها تتكرر كل عام.. ويزداد قلقنا.
مع اقتراب موعد قطاف الزيتون في محافظة طرطوس، والذي يبدأ عادة في أول الشهر العاشر من كل عام، إلا أن هذا العام وبسبب الانخفاض الكبير بالحمل، قرر المزارعون بدء قطاف محصولهم منتصف الشهر الجاري.
ومع هذا ما زالت محافظة طرطوس وكالعادة تنام في شهر عسلها، وتنتظر وقوع كارثة التلوث، حتى تبادر في عقد اجتماعاتها، وتشكيل لجانها ووضع الضوابط الملزمة لأصحاب المعاصر بالتخلص من مياه الجفت بشكل آمن.
ولكن بعد أن يقع الفأس بالرأس و يخرج العديد من آبار مياه الشرب عن الخدمة، وتتلوث المياه الجوفية والينابيع.
وللأسف في كل موسم تتكرر مسرحية تلوث المياه للآبار والينابيع نفسها، وبالتالي يحرم آلاف السكان من مياه الشرب لأيام طويلة.. هذا التكرار للمشكلة وبالأمكنة والينابيع ذاتها، يعني أن المعاصر التي تسبب هذا التلوث يفترض أنها أصبحت معروفة.. فإما هي مستهترة بالقرارات والضوابط الموضوعة، وإما أنها محمية بقوة النفوذ.. والأنكى من هذا أن الجهات المعنية تغط في نوم عميق طوال عام كامل، ولا تحرك ساكناً إلا بعد وقوع الكارثة.
ولا يقتصر التلوث على مياه الجفت، بل يتعداه لتلوث أخطر وأكبر، وهو تلوث الينابيع بمياه الصرف الصحي، ولهذا حديث آخر لا يبدأ بالإشارة إلى إهمال شركة الصرف الصحي.. ولا ينتهي بتأنيبها، بل يحتاج الأمر إلى حل جذري للمشكلة، خاصة أن هذه الينابيع تعدّ مصدراً رئيساً للشرب لسكان المناطق الجبلية، كما حدث مؤخراً في ينابيع مدينة الشيخ بدر وسبب حالات من التسمم والتهاب الكبد للعديد من السكان، ويحدث كل شتاء في مدينة الدريكيش.
والسؤال الذي يطرح نفسه اليوم: مياهنا الجوفية وآبارنا في خطر داهم، في ظل تراجع المخزون المائي، والتغير المناخي الذي تشهده البلاد، ماذا فعلتم يا أصحاب المعالي لحماية ثروتنا المائية من التلوث.. وأين خططكم الإستراتيجية، وإلى متى ستبقون تُدورون التحديات التي تواجه المحافظة وأخطرها تلوث مياه الشرب من عام إلى عام من دون وضع الحلول الصائبة التي تحمي مياهنا وصحة مواطننا.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار