افتتاح معرض الحرف التراثية والتقليدية السنوي في سوق المهن اليدوية بطرطوس
تشرين- ثناء عليان:
تحت شعار (يداً بيد نبني الوطن) افتتح مساء اليوم فرع اتحاد الجمعيات الحرفية في طرطوس (جمعية المهن اليدوية والحرف التراثية والتقليدية) معرضه السنوي بسوق المهن اليدوية في العبارة التي تقع آخر الكورنيش البحري بمحاذاة حديقة الطلائع، بمشاركة 30 حرفياً وحرفية ونزلاء ونزيلات السجن المركزي، وضم المعرض مشغولات يدوية وفنية تحمل عبق التاريخ مضافاً إلى بعضها لمسة عصرية تلائم مع متطلبات الشباب، كالحلي القديمة وشرانق الحرير التي تحولت إلى لوحات فنية إضافة إلى ما ينسج من خيوطها المذهبة التي تحمل في طياتها تاريخ تجاوز بعمره مئات السنين عبر طريق الحرير الشهير، والذي كان معبره الرئيسي من شواطئنا وسفننا التي كانت تنقل ما ينتج في معاملنا إلى جميع أنحاء العالم.
وتضمن المعرض أيضاً مجسمات لسفن تميزت بأشرعتها التي تحاكي الحضارة الفينيقية، وأطباق القش التي كانت تجمع أفراد الأسرة السورية على مائدة الطعام، والتي تحولت إلى تحفة فنية بأيد حرفية مبدعة، ومشغولات متقنة من الخيزران، وأخرى مصنوعة من خيوط الصوف ذات الألوان المتناسقة والتي تلبي كافة الأذواق، وكان للفخاريات والمنحوتات الفنية الخشبية حضور جميل وخاصة أنها نحتت بأياد مبدعة، إضافة إلى لوحات فنية صنعت من حصى البحر وتوالف البيئة جسدت التراث والحضارة وتاريخ الأجداد.
الحرفي إسماعيل حاج معلا الذي تميزت أعماله بالدقة والحرفية بيّن أن مشاركته تتمثل بآلات حل وغزل الحرير التي استعملها الأجداد بعد أن أدخل عليها بعض التعديلات، للحفاظ على مهنة صناعة الحرير التي تكاد تنقرض بعد أن ابتعد عنها مربو دودة القز لعدم جدواها الاقتصادية.
وأشارت روجيه إبراهيم إلى أهمية الاستمرار بإقامة هكذا مهرجانات وتعميمها على مستوى المناطق لتصل لأكبر عدد من المواطنين، بهدف التعريف بالأعمال اليدوية والتراثية التي تكاد صناعتها أن تندثر.
وفي تصريح لـ”تشرين” بيّن عضو مجلس اتحاد الحرفيين في طرطوس منذر رمضان أن المعرض يحمل أهداف عدة بدءاً من شعاره، لأن الوطن هو المنزل الحقيقي لأبنائه، وسواعدهم مجتمعة هي من تعيد بنائه، ويساهم بنقل موروث الأجداد وابتكاراتهم إلى الأجيال المعاصرة.
وأكد رمضان أهمية إقامة هذا المعرض سنوياً وخاصة أنه يؤمن فرصة مهمة لترويج منتجات الحرفيين ويدعم استمرارايتهم في الإنتاج، من خلال دمج المواد الأولية وابتكار تحف معاصرة تحاكي التاريخ ببصمة الحاضر يتكلم عنها الأحفاد في المستقبل لأنهم سيصبحون أجداداً في الحقبات القادمة.
أضاف رمضان: هناك عدد كبير من الحرفيين المبدعين المنتشرين على كامل المساحة الجغرافية للوطن، ولكن في المعرض لم نجد قطعة تشبه الأخرى لأن كل من يعمل بهذه الحرف له بصمته الخاصة، وعندما نشاهد هذه الفنون ندرك بأنه مهما تطورت الآلات والصناعات والفنون لن تتمكن من تنفيذ أي من هذه التحف لأنها صنعت بروح محبة لتاريخها، لذلك ظلت محافظة على ما ورثته من الأجداد، وفي الوقت ذاته مواكبة للتطور بفكر علمي حضاري مبدع.
وأكد رمضان أن سوق المهن اليدوية والحرف التراثية الواقع في العبارة المحاذية لحديقة الطلائع على الكورنيش البحري أحدث منذ ما يقارب السنتين، يفتح أبوابه يومياً، لافتاً إلى وجود ساحة متاخمة للسوق يعرض فيها حالياً أعمالاً يدوية ومنتجات المشاركين في المعرض، ويأمل رمضان في المستقبل القريب أن تتحول هذه الساحة إلى مبنى بانورامي يضم تراثنا وحضارتنا ويتحول إلى حاضنة لتدريب الأحفاد على الحرف التراثية خوفاً من اندثارها.