اللغة العربية في مجازر صناع المحتوى والإعلام الحديث!

تشرين- هدى قدور:

تهاونت وسائل الإعلام الحديثة مع المجازر اللغوية التي تحصل، وقالت إنه من الضروري العمل على لغة ثالثة غير مقعرة ولا تغرق في العامية، ومع الوقت نسي الجمهور والإعلاميون اللغة الأولى وهي الفصحى، وأصبحت اللغة الثالثة تحتمل كل شيء بدءا من المفردات الإنكليزية إلى العامية المحلية جداً وغير المفهومة لجميع المناطق العربية.. تراجع مستوى الطلبة في اللغة، كما تراجعت حملات التعريب، فعادت الإعلانات و”آرمات” المحلات إلى اللغة الأجنبية، حتى المحلات التي تضع لافتاتها بالعربية، لم تعد تُحسن الكتابة السليمة للهمزات فكان الخطاطون يقعون في مطب الخطأ الإملائي ويعتبرون من يدقق على ذلك دقة قديمة يعيش في عصر (سيبويه) ولا يدري ما يحدث في هذا العصر.

وربما أكثر شيء يثير الريبة والسخط، لجوء بعض الروائيين العرب إلى كتابة رواياتهم باللغات المحكية معتبرين ذلك حرية إبداع، مع أنها عملية هدم لآخر شيء يسند العرب ويحافظ على شخصيتهم وخصوصيتهم وهو اللغة للأسف.

من المتوقع حسب التراجع المستمر في إتقان اللغة العربية خلال العقود الماضية، تحول بعض الدول العربية إلى الحديث بالإنكليزية رويداً رويداً، وفي البداية ربما تكون هناك لغة مختلطة بين العربية والإنكليزية، نتيجة برامج التعليم والإنترنت وغيرها من المسائل التي تقصي العربية وتجعلها لغة بائدة غير قادرة على الاستمرار إذا ما بقيت الأمور على هذا المنوال.

قديماً، كان الخطأ اللغوي بالنسبة للعربي، جريمة تستحق الغضب والاستهجان، بل إن صاحبها كان يشعر بالفضيحة إذا ما تورط بلفظ شاذ عن أسلوب العرب في اللفظ أو الكتابة. لكن ما يجري اليوم تحت تبريرات واهية، يشعر بأن العربية يتم هدر دمها، بشكل مخطط وغير بريء ولا يتضمن أي بعد جمالي سوى النيل من آخر ما يميز الشخصية العربية ويحافظ على تميزها.

لماذا تحرص كل الدول المتقدمة على نشر لغاتها في حين يقوم العرب بتقليد اللغات الأخرى؟ المسألة بالطبع مرتبطة بمدى الوعي، فالشعوب المتخلفة تقلد الشعوب المتقدمة في لباسها وتقاليدها ولغاتها، لكن الغريب أن يقوم أصحاب الفنون الكتابية بتشجيع هذه الظاهرة أو ممارستها تحت تبريرات غير منطقية إبداعياً ولا وطنياً ولا حضارياً.

صناع الإعلام الحديث يرتكبون مجازر بحق اللغة، والغريب أن قوافل الأدباء على السوشيال ميديا يفعلون الشيء نفسه بلا قصد، بل بسبب عدم إتقانهم لمهنتهم المعتمدة على احتراف اللغة بشكل أساسي. وإذا مابقيت الأمور على هذا المنوال، فإن العربية ستتحول إلى لغة بائدة أو ميتة، وقد صنفها البعض كذلك بناء على ما يحدث بها اليوم.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
خطاب الدجل والاستعراض بحث سبل تعزيز التعاون بين وزارة الصحة والتحالف العالمي للقاحات بنسبة 5%.. تخفيض أسعار الغزول القطنية للمرة الثانية هذا العام الطيران المروحي يشارك في إخماد حريق بين الحصن والحواش بريف حمص الغربي مصادر خاصة: اللقاء بين الرئيسين الأسد وبوتين حمل توافقاً تاماً حيال توصيف المخاطر والتوقعات والاحتمالات المقبلة وزارة الثقافة تمنح جائزة الدولة التقديرية لعام 2024 لكل من الأديبة كوليت خوري والفنان أسعد فضة والكاتب عطية مسوح الإبداع البشري ليس له حدود.. دراسة تكشف أن الإبداع يبدأ في المهد تضافر جهود الوحدات الشرطية في محافظة حماة يسهم في تأمين وسائط النقل للطلاب وإيصالهم إلى مراكز امتحاناتهم الرئيس الأسد يجري زيارة عمل إلى روسيا ويلتقي الرئيس بوتين بايدن - هاريس - ترامب على صف انتخابي واحد دعماً للكيان الإسرائيلي.. نتنياهو «يُعاين» وضعه أميركياً.. الحرب على غزة مستمرة و«عودة الرهائن» مازالت ضمن الوقت المستقطع