«كاستينغ» يتابعُ جولته الدوليّة ويحطُّ رحاله في مهرجان «الحمامات» الدوليّ في تونس
تشرين- ميسون شباني:
يتابع عرض كاستينغ «تجربة أداء» لمخرجه وكاتبه سامر محمد إسماعيل جولته الدولية من خلال مشاركته في الدورة الـ57 لمهرجان الحمامات الدولي في تونس، وتأتي مشاركة العرض الذي أنتجته وزارة الثقافة/ مديرة المسارح والموسيقا بعد مشاركته العام الماضي في (مهرجان مشكال) في بيروت وبعد تقديمه في (مسرح الشمس) في عمان بالأردن، إذ يقدم (كاستينغ) عرضه يوم (5 آب ) على المسرح الأولمبي في مدينة الحمامات بمشاركة مع فرق من أمريكا وفرنسا وبلجيكا وتونس ولبنان وجنوب إفريقيا، وينتظره الجمهور التونسي.
ويأتي العرض في إطار إعادة العلاقات بين سورية وتونس والحرص على مشاهدة العرض السوري الذي لقي نجاحاً كبيراً منذ تقديمه أول مرة على مسرح القباني في دمشق في (تشرين الأول عام 2021) وهو من بطولة: عامر علي، ودلع نادر، ومجد نعيم.. وسينوغرافيا أدهم سفر وموسيقا رامي الضللي وأزياء سهى العلي ومدير منصة يوسف النوري وتقنيات رضوان النوري.
وفي حديث مع (تشرين) قال كاتب العرض ومخرجه سامر محمد إسماعيل: إن مشاركة (كاستينغ) في مهرجان الحمامات تأتي من دون أي مساندة من وزارة الثقافة، فالفرق المسرحية السورية مازالت تسافر على حساب أعضائها ومن دون أي دعم أو مهمة من جانب وزارة الثقافة التي توفد العروض من دون تقديم أي مكافأة مالية، وهذا ما يجعل العرض المسرحي السوري يتيماً رغم الترحيب والاحتفاء الكبيرين اللذين يحظى بهما المسرح السوري في المحافل الثقافية الدولية.. وأضاف إسماعيل إن العرض المسرحي كائن ينمو وليس مجرد مخلوق يعيش خمسة عشر يوماً على مسرح ومن ثم يدفن ديكوره وأزياءه في مستودعات رطبة، ومن حق الفنان المسرحي السوري أن يقدم عروضه في الخارج، وأن يطلع العالم على تطور الفن المسرحي في بلاد مثل سورية تعيش أقسى الظروف المعيشية منذ أكثر من اثني عشر عاماً.
وقال إسماعيل: إن (كاستينغ) يعد بمنزلة اشتباك مع اللحظة السورية الراهنة عبر قصة حرصنا أن تكون لاهثة ودرامية ومن دون أن يكون مسرحاً عابساً ومتجهماً، بل ساعة من الفرجة المعاصرة المفتوحة على عناصر بصرية ومشهدية ودرامية مغايرة للسائد.
وأضاف إسماعيل: إن المسرح السوري حالياً يحتضر ويلفظ أنفاسه نتيجة الإهمال غير المسبوق لكوادره وعدم اهتمام وزارة الثقافة بدعم عروضه وفنانيه، وجعلهم يكابدون مشقات التدريبات في مسارح لا كهرباء فيها ولا تهوية، ولا تأمينات على العاملين في المسرح، فالأجور التي يتقاضاها الفنان المسرحي سواء في الكتابة أو الإخراج أو التمثيل أو التصميم الفني والسينوغرافيا لا تكفي أجرة مواصلات من وإلى المسرح، ما جعل الكثيرين ينفضون عن خشبات المسرح السوري الذي يعدّ من أبرز المسارح في المنطقة العربية.
وأوضح إسماعيل أن المسرح اليوم يعامل معاملة اللقطاء، ولا أحد يهتم لكل الاستغاثات التي وجهها المسرحيون عن خطر انقراض المسرح في سورية، مع أن العروض التي أبدعها فنانون من مثل: أيمن زيدان وجهاد سعد وسامر عمران وغسان مسعود وعروة العربي كانت دائماً تجتذب الآلاف إلى شباك تذاكر الحمراء والقباني، لكن اليوم نشهد تقهقراً كبيراً على مستوى الإنتاج، وحتى عندما نصل إلى صيغة عرض يدعى إلى أهم المهرجانات الدولية، وينال أرفع الجوائز فيها لا أحد يكترث من وزارة الثقافة، ولا نسمع حتى كلمة «يعطيكم العافية» التي يسمعها «شاطفو الأدراج» عادة.
ويردف اسماعيل: من المؤسف أن يلقى المسرح السوري هذا المصير، وأن تهجر مسارحنا العريقة من دون حتى أن يجتمع بنا أحد، أو يسمع شكوانا أحد من القائمين على الثقافة في سورية،علماً أن فرقة المسرح القومي انتزعت عام 2018 جائزتي أفضل نص وأفضل تمثيل في عرض (تصحيح ألوان) في مهرجان قرطاج الدولي، ولم يكلف أحد نفسه من وزارة الثقافة أن يقول لنا «مبارك».. مع العلم أننا سافرنا إلى تونس بعد «تسول» ثمن بطاقات السفر وبعد أن يئسنا من محاولة مقابلة السيد وزير الثقافة آنذاك لمطالبته بمساعدتنا في تأمين بطاقات السفر أو حتى تأمين مصروف جيب بسيط لأعضاء الفرقة.. واستكمل اسماعيل حديثه: ماذا يمكن أن نقول؟! المسرح السوري اليوم في غرفة العناية المشددة، ولا أحد يريد أن يصغي لاستغاثات المسرحيين، بل يتم تجاهلنا في كل مرة ننجح في تقديم عرض تغص به صالتا القباني والحمراء، ورغم أن مهرجانات دولية وعربية تهتم دائماً بدعوة عروض مسرحية سورية لكن وزارة الثقافة لا تقدم ليرة سورية واحدة ولا حتى مكافأة بائسة للموفدين باسم الجمهورية العربية السورية.. علماً أن كل من يعمل في المسرح اليوم ينتشل اللقمة من أفواه أبنائه كي يعمل في المسرح، وحالنا ليس أحسن من حال جميع السوريين الذين لايزالون يحلمون بأن يكون ما نعيشه كابوساً سنصحو منه، عاجلاً أم آجلاً. الجدير ذكره أن مسرحية «تجربة أداء»، من إنتاج المسرح القومي السوري، وبطولة كل من الفنانين: عامر علي، ومجد نعيم، ودلع نادر، وإخراج وتأليف سامر محمد إسماعيل، مسرحية تلتقي فيها الفنون من مسرح وسينما ورسم، ويقترح هذا العمل تجديداً يشمل كل عناصر العمل المسرحي بدءاً من النص ووصولاً إلى الإخراج وفق مقاربة تقوم على إعادة صياغة القضايا الراهنة في المجتمع بعيداً عن السائد والنمطي والكليشيهات.. وعلى إيقاع هواجس مخرج يبحث عن ممثلة مارقة عن المعايير التي صارت بمنزلة السجن، والتي جعلت من الممثلات نسخاً مستنسخة تتبدى قضايا كثيرة ومشكلات مختلفة تتراوح بين الفني والثقافي والاجتماعي وغيرها من الأبعاد.