«عبد الفتاح قلعه جي» من روّاد الحراك المسرحي السوري يترجّل
تشرين- ميسون شباني:
لطالما شكّل عبد الفتاح قلعه جي حراكاً مهماً من نهوض المسرح السوري العربي المعاصر، وامتاز ككاتب مسرحي باشتغالاته على التراث كبنية أساسية من بنى تأصيل المسرح العربي، وتأسست اشتغالاته على استلهام المادة التراثية استلهاماً فنياً وفكرياً مشرقاً، لذا لم يتوقف عند حدود المادة التراثية المنتقاة، زمانياً ومكانياً، بل انطلق منها الى فضاءاتها المعاصرة.
لكن القدر لم يمهله لينهي اشتغالاته المسرحية والأدبية، وارتقت روحه الى باريها عن عمر يناهز الـ 85 عاماً، ويعدّ الراحل أحد أعلام المسرحيين الكبار في سورية والوطن العربي، وهو أديب وباحث متعدد الجوانب، يكتب الشعر والمسرح والنقد المسرحي وقصص الأطفال، وله بحوث ودراسات عدة في الفكر والأدب والتراث. ومن رواد الصحافة السورية التي دخل معتركها منذ أوائل سبعينيات القرن الماضي.
ولد الأديب والشاعر عبد الفتاح قلعه جي في حلب عام 1938م ودرس فيها فحصل على شهادتي أهلية التعليم والثانوية ثم تابع دراسته في جامعة دمشق، كلية التربية أولاً، ثم كلية الآداب قسم اللغة العربية وآدابها وحصل على إجازتها عام 1965م. مارس تدريس الأدب العربي، ثم أرسل في بعثة تعليمية إلى الجزائر (1969-1973) وشارك هناك في ملتقيات أدبية وفكرية، ثم قام بعدة زيارات علمية وسياحية إلى دول أوربية، وعاد إلى حلب مدرساً، كما ندب للعمل في إذاعة حلب والمركز التلفزيوني كمعد لبرامج إذاعية وتلفزيونية، وهو عضو في اتحاد الكتّاب العرب –جمعية الدراسات ثم جمعية المسرح- عضو لجنة التراث في مهرجان الأغنية السورية، وعضو جمعية العاديات السورية، وفي الجمعية السورية لتاريخ العلوم عند العرب، وباحث في الموسوعة العربية قسم التربية والفنون، ونشر شعره وأدبه في الصحف والمجلّات السورية، وشارك في العديد من الندوات والمهرجانات في سورية والوطن العربي وإيران بصفته باحثاً ومحكماً.. له مؤلفات قصصية للأطفال ودواوين شعرية وأعمال مسرحية ودراسات في الفكر والأدب والفن.
منح الراحل جائزة الباسل (جائزة مجلس مدينة حلب) للإبداع الفكري عام 1998، كما فاز بجائزة الدولة التقديرية في الآداب عام 2015 .
رثاه اتحاد الكتّاب العرب في سورية كواحد من أهم روّاد المسرح والثقافة والإبداع في سورية والوطن العربي وأحد المدافعين عن الثقافة الوطنية الأصيلة، والمسرح الملتزم، ويعد الراحل أحد أبرز المشتغلين على تأصيل المسرح وعصرنة التراث العربي مسرحياً من خلال تثبيت شخوصه في واقعنا المعاصر.
واستطاع ببراعة المثقف الأديب، والمسرحي البارع، أن يعزِّزَ حضورَ شخصياتٍ كبيرةٍ لها حضورها الفاعل في التراث العربي، ما يؤكّد إخلاصه لمثقفي أمته ورجالاتها، تماماً كما بقي مخلصاً لبلده ومدينته حلب التي نشأ وتعلّم فيها، وبقي وفيَّاً لها حتى رحيلهِ.
ترك الراحل إرثاً أدبياً رفيعاً بلغ تسعةً وتسعين كتاباً، كتب العديد من المسلسلات التلفزيونية والإذاعية، أشهرها مسلسل جسر البيت -فنون الطرب في حلب ومسلسل العرس الحلبي .وفي الإذاعة اشتهر عبر مسلسلات: ليلى الأخيلية ، الصعاليك ، مولد النور، طريق السعادة، وقالت شهرزاد، أحلام شهرزاد، حكايات رمضان ومسلسلات أخرى وتمثيليات إذاعية في إذاعات حلب ودمشق والسعودية والكويت.