اختصاصية نفسية تحذّر من الصراخ على الأطفال لتوجيههم… يسبب أذيات نفسية وجسدية وله بدائل تربوية كثيرة

تشرين – دينا عبد:
الصراخ في وجه الطفل من أكثر الحالات التي يتعرّض لها أثناء مسيرة التربية من والديه ومعلميه ومع الأصدقاء والعائلة، حيث يُعتقد أن الصراخ يخيف الطفل ويجعله يلتزم بالقوانين ويقوم بتنفيذ ما يُطلب منه، ولكننا لا ننكر أن ردود فعل الأطفال هي الخوف والجمود في المكان نفسه بسبب الصوت العالي، وليس خوفاً من الشخص نفسه أو محاولة للانصياع لأوامره.
فقد أثبتت الدراسات التربوية والنفسية أن الطفل يولد بلا أي سلوك مكتسب، وأن شخصيته تتكون بنسبة كبيرة من أساليب التعامل معه أثناء طفولته، فعندما يشاهد ويشعر بالانفعالات الغاضبة من حوله يتملكه سلوك العنف والعصبية، من هنا كانت أهمية التحكم في الغضب والتقليل من حدة الصراخ أو منعه كلياً إن أمكن.
اختصاصية الصحة النفسية د.غنى نجاتي بيّنت أن الأهل يعتقدون أن الصراخ بوجه الطفل هو وسيلة لإيقافه عن السلوك غير المرغوب فيه، لكن في الحقيقة علمياً وسيكولوجياً كلما ارتفع الصوت أمام الطفل ، قل استيعابه للمعلومات الموجهة له، والطفل يتوقف عن السلوك الذي يقوم به وقت الصراخ لأنه يكون في حالة جمود وذهول فيحاول أن يستوعب لماذا ارتفع الصوت؟
الآثار النفسية والجسدية
بحسب د. نجاتي فإنّ الصراخ في وجه الابن أو الطفل يخلق لديه آثاراً نفسية وجسدية منها؛ انعدام الأمان العاطفي لديه، فكل طفل من حقه الطبيعي أن يحس بالدعم والقبول الوالدي والأسري الانفعالي والوجداني ضمن محيطه الأسري، فعندما يكون المصدر الذي من المفترض أن يمد الطفل بالأمان هو الذي يصرخ بوجهه سيفقد ثقته به.
ومن الآثار السلبية أن الطفل يصاب بالذهول وخاصة إذا كان من يصرخ الأهل أو المعلم أو أي أحد مقرب، فالصراخ لا يحفز ولا يساعد الطفل على تقديم أفضل إمكاناته على العكس تماماً، يفقده الثقة بنفسه و بالآخرين من حوله فيصبح متردداً في سلوكياته.
وأيضاً من الآثار السلبية التي تؤثر في الصحة النفسية للطفل نتيجة الصراخ هي فهمه أن الصراخ نتيجة للتواصل بينه وبين الآخرين فيتصرف بما يشابه ذلك كأن يطلب من أهله ومعلميه بالأسلوب نفسه الذي صدر عنهم(الصراخ).
في هذه الحالة يلجأ الأهل إلى عقاب الطفل لأنه صرخ وغضب فيصاب بما يسمى (الكبت) وعدم التعبير عما في داخله فيصاب بالإحباط وهذه الحالة تنتقل معه من حالة نمائية إلى حالة نمائية أخرى.
ومن الآثار السلبية إضافة إلى ما ذكرناه فهو يصاب ببعض الأمراض العضوية مثل الصداع – مشاكل في الأذن – مشاكل بالنطق – التأتأة – التبول اللاإرادي الليلي- أرق – عدم القدرة على النوم وكلها بسبب الشعور بالخوف.
دراسة
وبحسب د. نجاتي فإذا أجرينا تسجيلاً لنشاط دماغ طفل تم الصراخ عليه وتسجيلاً لنشاط طفل لم يتم الصراخ عليه نجد أن مركز اللغة وفهم الأصوات واستيعاب المعلومات عند الأطفال الذين لم يتم الصراخ عليهم فعال وسريع التنبيه بشكل أكبر من الأطفال الذين تم الصراخ عليهم، لأن هؤلاء الأطفال ومع مرور الوقت يصابون بحالة تنميل بأجهزتهم الحسية ولا يستوعبون ما هو المطلوب منهم، بالإضافة إلى النمو النفسي والمعرفي والإدراكي للطفل الذي يتأذى عندما نصرخ بوجهه لأن ذلك يحسسه بالترهيب والخوف فلم يعد ينمو بشكل طبيعي وبشكل يحاكي المرحلة النمائية التي يجب أن يكون فيها، وسيكون مقصراً في العمر العقلي عن العمر الزمني الذي من المفترض أن يكون فيه، إضافة إلى ذلك فإنّ الصراخ يصيب الطفل بطاقة سلبية.
وسائل تربوية بديلة
وتبين الخبيرة نجاتي أنه يمكن معاقبته بطريقة سحب الامتيازات منه مثلاً: حرمانه من اللعب و تصفح الإنترنت- قطع المصروف اليومي عنه، أو عندما يخطئ الطفل بدلاً من الصراخ علينا تعليمه كيفية تصحيح الخطأ والتفريق بينه وبين الصواب.
أو اللجوء إلى أسلوب الحوار العاطفي والحنون والإيجابي معه لأن ذلك يعلّمه كيف يواجه الحياة بمشقاتها وصعوباتها من دون أن يكون لديه خوف من ردات فعل من حوله، فالمشكلة الأساسية في الصراخ على الطفل عدم تفكيره بالشيء الذي يفعله، إنما سيكون تفكيره بردة الفعل السلبية التي سوف يتلقاها من الطرف الآخر، وهنا يجب الحذر فربما يصبح الطفل كاذباً أو سارقاً ويصاب بسلوكيات جانحة حتى يتحاشى ردة الفعل السلبية التي يتلقاها من أهله فيحاول أن يبحث عن بدائل أخرى حتى لو كانت خاطئة، فيلجأ إلى السرقة إذا أضاع النقود مع معرفته بأنها أسلوب خاطئ حتى لا يصرخ أهله في وجهه لأنه أضاعها.
وأخيراً الصراخ والتوبيخ والضرب والتعنيف كلها وسائل تربوية خاطئة يعتقد الكثير من الأهالي أنها تردع لكنها على العكس تصيب الطفل بالعناد وتحرمه من ممارسة حياته بشكل طبيعي.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
عمل جراحي نوعي في مشفى الباسل بطرطوس.. نجاح استئصال كتلة ورمية من الدماغ لفتاة بعمر ١٤ عاماً «صحة الحسكة» تتسلم شحنة جديدة من الأدوية "الزراعة" تعتمد أربعة أصناف جديدة من التفاح وتدعو للتشارك مع القطاع الخاص لإنتاج البذور رئاسة مجلس الوزراء توافق على مجموعة من توصيات اللجنة الاقتصادية المرتبطة بتقديم وتحسين واقع الخدمات في عدد من القطاعات بقيمة تجاوزت تريليون ليرة.. 28 مليون مطالبة مالية عبر منظومة الشركة السورية للمدفوعات الإلكترونية أميركا تعود إلى مسار «اليوم التالي» بمقايضة ابتزازية.. و«كنيست» الكيان يصوّت ضد الدولة الفلسطينية.. المنطقة مازالت نهباً لمستويات عالية المخاطر مع استمرار التصعيد شهادتا تقدير حصاد المركز الوطني للمتميزين في المسابقة العالمية للنمذجة الرياضية للفرق البطل عمر الشحادة يتوج بذهبية غرب آسيا للجودو في عمّان... وطموحه الذهب في آسيا مسؤول دولي: أكثر من ألف اعتداء إسرائيلي على المنشآت الصحية في قطاع غزة برسم وزارة التربية.. إلى متى ينتظر مدرسو خارج الملاك ليقبضوا ثمن ساعات تدريسهم.. وشهر ونصف الشهر فقط تفصلنا عن بدء عام دراسي جديد؟