الغلاء يبدد بعضاً من طقوس عيد الأضحى.. إصرار على الاحتفاء.. والذكريات الجميلة حاضرة بكل دفئها القديم
تشرين- ضياء الصفدي:
عادات اجتماعية ارتبطت بالعيد، كانت بمتناول جميع المواطنين، من حلويات العيد إلى الثياب الجديدة والقهوة المرة والألعاب، باتت اليوم ترفاً مع الارتفاع الجنوني بالأسعار، وخاصة للحلويات واللحوم والثياب.. إلخ، ما جعل طقوس العيد حلماً للكثيرين.
لكن العادات والتقاليد، من زيارة الأقارب وواجبات العزاء، بالعيد حافظت على حالها، فاجتماعات الأهالي في قرى ريف محافظة السويداء في الساحات العامة منذ ساعات الصباح الأولى لتقديم التهاني والتبريكات للأهل والأقارب بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك لاتزال قائمة، وسط أجواء من الفرح والسرور، ومشاركة واسعة من الشرائح الاجتماعية، حيث كانت المظهر الغالب في أول أيام العيد، وتأخذ طقوس العيد طابعاً خاصاً يعكس الكثير من العادات والتقاليد المنتشرة بين السكان، وتشكل هذه الطقوس التي مازالت محافظة على الكثير من مفرداتها، شكلاً مهماً من أشكال الترابط الاجتماعي.
بدائل القهوة المرة
حرص الكثير من المواطنين على العادات المتوارثة في المناسبات، وخاصة القهوة المرة المتواجدة دائماً في المضافات.
أبو أدهم من سكان قرية قنوات، حرص على تحضير القهوة المرة منذ ساعات الصباح الباكر استعداداً لاستقبال “المعايدين”، حيث يفتح باب منزله منذ ساعات الصباح الباكر، ويضع دلّة القهوة العربية المرة على طاولة وسط مضافة كبيرة ، وبجانبها الحلويات الشعبية التي تم صنعها في المنزل ليتم تقديمها للناس.
كيلو القهوة المرّة بـ”٩٥ ” ألف ليرة وأوقية الهيل بـ “٥٠” ألفاً
ومنذ ساعات الصباح الأولى، يبدأ المواطنون بزيارة الأكبر سناً ضمن العائلة والمرضى ومن لديه حالة وفاة لم يمر عليها عيد، وعبّر أبو أدهم عن سعادته بطقوس عيد الأضحى، والجميع يشارك بهذه الاحتفالية الاجتماعية الجميلة، مصرّاً على عودة بهجة العيد رغم كل المنغصات، والغلاء وحالة الفقر التي تعصف بالعباد،حيث بلغ سعر كيلو القهوة المرة ٩٥ ألف ليرة وأوقية الهيل ٥٠ ألفاً.
أم عبد الله امرأة في الخامسة والسبعين من عمرها، تستذكر أيام العيد سابقاً والتي طرأ عليها بعض التغيرات ،وخاصة دعوات الطعام بين أفراد العائلة والجيران طيلة أيام العيد والأيام العشرة التي تسبقه، وبينت أن الطعام الذي كان يقدّم هو من المأكولات الشعبية كـ”الملاحيّة واللزّاقيات” ومعمول العيد وغيرها من الأكلات الشعبية، ولكن اليوم غابت هذه العادات عن معظم البيوت ، عدا ميسوري الحال، بسبب الغلاء، حيث وصل سعر منسف لحم الخاروف إلى نصف مليون ليرة.
مبادرات اجتماعية
من خلال المجتمع الأهلي والجمعيات الخيرية نجد أن هناك حراكاً اجتماعياً كبيراً لترميم الجراح التي عانى منها الوطن بسبب الحرب، حيث بدأت غرفة تجارة وصناعة السويداء قبل العيد حملة توزيع السلل الغذائية والألبسة والأحذية، ضمن المبادرة التي نظمتها الغرفة بمناسبة عيد الأضحى المبارك، وأوضح رئيس الغرفة نبيه بكري أن المبادرة التي قامت بها الغرفة بالتعاون والتنسيق مع تجار وصناعيي السويداء استهدفت 16 قرية من قرى المحافظة الحدودية، حيث جرى توزيع 40 سلّة في كل قرية، تم اختيار 20 أسرة من كل قرية بناء على جداول وأسماء تم تحديدها من قبل المجلس البلدي لتلك القرى وفريق العمل الإغاثي في المحافظة، لتوزيع السلل.
مساعدات وسلل غذائيّة
كما استفادت نحو ستة آلاف أسرة من الأشد احتياجاً بالمحافظة من مساعدات متنوعة، قدمتها مبادرات وفعاليات اقتصادية ودينية وأهلية، بإشراف لجنة الإغاثة الفرعية بمناسبة عيد الأضحى، وبينت عضو المكتب التنفيذي لمحافظة السويداء مسؤول قطاع الإغاثة رغدى الغوثاني، أن المساعدات شملت 330 أسرة وافدة للمحافظة بحصص من اللحوم والمواد الغذائية قدمتها مديرية الأوقاف، و1000 أسرة بوجبات غذائية، عبر مشيخة عقل طائفة المسلمين الموحدين.
وأكدت الغوثاني أن هناك 55 جمعية أهلية وخيرية، تعمل بالتنسيق مع مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل على تقديم مساعدات ومعايدات متنوعة لنحو 4600 أسرة، إضافة إلى مبالغ مادية تجاوزت قيمتها 330 مليون ليرة.
الغلاء يضرب الأسواق
شهدت الأسواق في محافظة السويداء مؤخراً ارتفاعاً جنونياً في الأسعار، وذلك مع اقتراب العيد، فباتت عائقاً أمام المواطنين من ذوي الدخل المحدود، مع ضعف القدرة الشرائية سواء من أسواق الألبسة أو من محال الحلويات، الأمر الذي دفع الكثير من المواطنين في المحافظة إلى تلبية حاجات العيد بشكل مختصر جداً.
وخلال جولة في أسواق السويداء، سجلت أسعار الألبسة ارتفاعاً ملموساً، وخاصة ألبسة الأطفال، فمثلاً سعر الفستان للبنات تراوح بين ١٥٠ و٢٥٠ ألف ليرة، وبنطال الأطفال بين ٧٥ و١٠٠ ألف ليرة والقميص بين ٦٠ و٧٥ ألفاً، وكذلك ألبسة الكبار فتراوحت أسعار الجينزات بين ١٠٠ إلى ١٤٠ ألفاً، ما دفع البعض للتوجه إلى محال البالة (الألبسة الأوروبية)، حيث الأسعار أقل من أسعار الألبسة الجاهزة.
للحلويات النصيب الأكبر
النصيب الأكبر من الغلاء للحلويات ، إذ بلغ سعر كيلو الشوكولا بين ٦٠ إلى ١٢٠ ألفاً، والراحة بالفستق الحلبي ١٣٠ ألفاً للكيلو، والسكاكر تراوحت بين ٣٠ و٦٠ ألفاً للكيلو، والفواكه المجففة بين ٤٥ و٥٥ ألفاً، وكيلو المعمول ٦٠ ألف ليرة. وبيّن أصحاب محال الحلويات أن ارتفاع الأسعار يعود إلى غلاء المواد الأولية من طحين وسكر وزيت وسمن.
تنظيم ضبوط
وقبل العيد نظمت مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بالسويداء عدة ضبوط بمحال تجارية لعدم الإعلان عن الأسعار، وتأدية الخدمة. وذكر رئيس دائرة حماية المستهلك بالمديرية أيمن أبو حمدان أنه تم تنظيم عدد من الضبوط لمخالفات مرتكبة مع إحالة أصحاب المخالفات المنظمة بموجبها للقضاء المختص أصولاً.
وأكد مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك علاء مهنا أنه تم تخصيص دوريات مناوبة طيلة أيام العطلة للرقابة على الأسواق، مع متابعة استقبال الشكاوى على الرقم 119، مبيناً أن الأفران الآلية العامة العاملة بنظام الإشراف والإدارة، وكذلك الخاصة البالغ عددها 39 فرناً، تعطل خلال اليوم الأول للعيد فقط، على أن تعاود عملها في باقي الأيام، بما فيها يوم الجمعة الذي يتم فيه ترحيل بطاقات الأربعاء لهذا اليوم، فيما تستمر محطات الوقود بالعمل حسب الطلبات الواردة إليها.
إجراءات متعددة اتخذتها القطاعات الخدمية والصحية والرقابية في محافظة السويداء لضمان استمرارية عملها وتلبية متطلبات واحتياجات المواطنين، خلال عطلة عيد الأضحى.
تشديد الرقابة
وأشار رئيس قسم الجاهزية في الأمانة العامة للمحافظة بشار الأعور إلى إصدار محافظ السويداء تعميماً للجهات العامة والوحدات الإدارية للاستمرار بتقديم خدمات النظافة والصحة والإطفاء، ومتابعة مخالفات البناء، كل حسب اختصاصه ومراقبة ساحات الألعاب والحفاظ على سلامة الأطفال وتشديد الرقابة الصحية على المطاعم والمأكولات المكشوفة وتجهيز آليات الطوارئ في الجهات الخدمية، لإنجاز الأعمال الموكلة إليها، وإبلاغ قيادة الشرطة عن أي حادثة على الرقم “130”
رفع جاهزية المشافي على مدار 24 ساعة لاستقبال جميع الحالات
رفع الجاهزيّة
وفي الجانب الآخر ذكر مدير صحة السويداء، الدكتور طارق الجمال، أن المديرية تقدم خدماتها في العيد عبر رفع جاهزية المشافي على مدار 24 ساعة لاستقبال جميع الحالات، مع رفد التابعة منها للمديرية والمراكز الصحية بالمستلزمات الطبية والأدوية ،حسب الحاجة والتأكيد على الطاقم المناوب بضرورة التواصل الجيد، وحسن الاستقبال لأي مريض وعلى التزام الاختصاصيين المناوبين والمقيمين وجميع الكوادر بالتواجد الفعلي في أقسامهم، مع رفع جاهزية منظومة الإسعاف والطوارئ ووضع جدول مناوبات على مدار الساعة، وتطبيق خطة الطوارئ العامة المتعلقة بعملهم في المشافي، بحيث تكون سيارات الإسعاف مناوبة وبحالة استنفار تام مع الكادر الصحي المطلوب.