(الذكاء) في التعامل مع الذكاء الاصطناعي!

‏أصبح الذكاء الاصطناعي واقعاً مسيطراً، وبدأت سيطرته تتضح في التكنولوجيا. وعبر تمدد التكنولوجيا في جميع مناحي الحياة تمددت سيطرة الذكاء الاصطناعي في مجالات واسعة. لذلك ليس الوقت متاحاً لنا لنقبل به أو نعترض عليه، وليس أمامنا إلا التكيف مع هذا الواقع الجديد، وليس مقبولاً أن نتخلّف عن التعامل معه أو نتأخر عن إيجاد طريقة تجعلنا نستفيد من إنجازاته ونتجنب مخاطره أو انزلاقاته أو ما يعطيه للقوى الأخرى المتربصة بنا من إمكانيات السيطرة علينا. وهكذا وبسبب وضعنا ليس أمامنا من حل إلا اعتماد (الذكاء) في التعامل مع الذكاء الاصطناعي.
في البداية فإن معرض هايتك الذي أقيم مؤخراً في مدينة المعارض بدمشق، وما رافقه من نشاطات علمية بحثية تناولت فيما تناولت الذكاء الاصطناعي، هو نوع من الذكاء في التعامل مع هذه القوة التقنية المسيطرة القادمة، خاصة إذا استطاع هذا الحدث أن يكون منصة تشجع المجتمع على التعرف على الذكاء الاصطناعي و تطلعه على إمكانياته وطرق الاستفادة منه وسبل تجنب مساوئه. وطبعاً هذا يستلزم أن يحظى المعرض بـ«فلسفة واضحة» تنظم فعاليته ليؤدي أهدافه ويحقق غاياته، كي نخرج من مفهوم المعرض المقام لبيع وتسويق المنتجات فقط، وكي لا نقع أكثر في جعل النشاطات العلمية مجرد مكملات لسوق البيع المعتمد في أي معرض. وفي كل الأحوال كان المعرض عتبة جديدة لاستعادة النشاط لهذا الفضاء العلمي التكنولوجي الداهم، ويمكن اعتباره بوابة للتدقيق في تعاملنا مع الذكاء الاصطناعي والاستعداد للانخراط أكثر في التفاعل الواعي مع تطوراته.
لفت نظري أن الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية صممت برامج تدريب تقوم على اعتماد (الذكاء) في التعامل مع التقانات الذكية. وهذا ما يفرض على الإعلام اعتماد ذكاء إعلامي يساعد المجتمع على معرفة الذكاء الاصطناعي. ما هو؟ كيف يعمل؟ ما الفلسفة التي يعتمدها في عمله؟ كيف يمكن الانتباه لمخاطره؟ وما سبل الاستفادة منه؟ وللحق فإن جهود الزميل حسين إبراهيم في هذا الإطار جهود مهمة، لكن تحتاج أن تتحول من جهود فردية لإعلامي نشط ومثابر إلى خطة عمل إعلامية مدروسة ومُتابعة كي نحقق على الأقل اعتماداً (الذكاء) في التعامل مع الذكاء الاصطناعي.
إن سيطرة الذكاء الاصطناعي ‏التي تتمدد في الصناعة والزراعة والري والطب والفضاء والمواصلات والاتصالات و و و و و و وتصل إلى الجيوش والحروب والاستخبارات هي قوة تتعاظم وتتفاقم مخاطرها إن لم نعرف كيف نتعامل معها، ولأن الأمر أكبر من إمكانيات دولة بمفردها فإن على الدول العربية أولاً أن تتيقظ وتنسق فيما بينها وتوحد جهودها أولاً للاشتراك بتقديم المحتوى المتعلق بنا كعرب بشكل يعبر عن الهوية العربية. وثانياً كي تنشط لدى الأمم المتحدة لاستصدار قرارات تنظم عمل الذكاء الاصطناعي وتضع له الحدود وتبين له المجالات ‏المحرمة. وثالثاً وهو الأهم أن تشرع ما يمنع احتكار تقنيات الذكاء الاصطناعي من أي دولة في العالم.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار