المخالفات والعشوائية سمة المنشآت الإنتاجية في درعا… السبب تعثر المناطق المتخصصة وغياب المدينة الصناعية

تشرين – وليد الزعبي:

على ما يبدو أن المطالب بإحداث مدينة صناعية واستكمال المناطق الصناعية المقررة في محافظة درعا، باتت كمن ينفخ في قربة مثقوبة رغم أنها ليست ترفاً بل غاية ضرورية وملحة جداً، لكونها تتيح الأماكن الملائمة والمخدمة بالشكل المناسب لإنشاء الاستثمارات والصناعات والحرف الجديدة واحتواء القائم منها، بدلاً من بقائها متناثرة بشكل عشوائي في أحضان الأحياء السكنية بشكل لا يُمكن من أداء عملها بالمستوى المطلوب ويتسبب بتنغيص حياة السكان في محيطها.

المنعكسات: استجداء الاستثناءات لمزاولة العمل ومعوقات بتأمين المواد الأولية والتسويق

*الأصوات تعلو بالمطالب

تعلو الأصوات بشكل متكرر مطالبة بضرورة استكمال البنية التحتية في المناطق الصناعية المقررة في عدة مدن وبلدات على مستوى محافظة درعا، وكان آخرها في المؤتمر السنوي لاتحاد حرفيي درعا، حيث أشار الحرفيون إلى ضرورة تخصيص المكتتبين بالمقاسم، وذلك بعد إيجاد آلية لتأهيل البنى التحتية الخاصة بها، حيث إن الحرفيين لا يتمكنون من مزاولة عملهم أو التوسع به في الأماكن الحالية والتي تتوضع في محال معظمها ضمن أبنية سكنية، حيث يضطرون إلى التأخر اليومي في بدء عملهم والإغلاق باكراً تفادياً لعدم إزعاج الجوار السكني، وخاصة منهم أصحاب حرف الحدادة والنجارة وإصلاح السيارات وتصويجها، كما أن أجور المحال باتت باهظة جداً ولا قدرة للكثيرين على استمرار احتمالها، وخاصة مع ضعف حركة العمل ومردوده المادي.

*اشتراطات غير الواقع

ولفت عدد من الصناعيين إلى المعضلة المتمثلة بعدم إمكانية الترخيص لإقامة أي منشأة على أرض المحافظة، لكون الشروط تنص على وجوب أن تكون ضمن المناطق الصناعية، أو على أرض مصنفة من الدرجة الخامسة، أي غير صالحة للزراعة وفيها تكشف صخري بنسبة تفوق ٧٠٪، واستغربوا عدم التزام الجهات المعنية حتى الآن بإنشاء المدينة الصناعية الموعودة، علماً أنه كان قد تحددَ قبل سنوات عديدة موقعٌ لها في المحافظة واصطدم بمعوقات حيدت الأنظار عنه، وتكررت الوعود بأنه سيتم إيجاد موقع آخر مناسب لكن من دون جدوى حتى الآن، وذكروا أنه إضافةً إلى عدم وجود مدينة صناعية، هناك مشكلة بواقع المناطق الصناعية في المحافظة، فهي عدا عن منطقة درعا القديمة لم تفعّل إلى الآن بمسوغات مختلفة، ما أبقى حال المنشآت الصناعية والحرفية القائمة معلقة من دون معالجة.

إيجاد آلية تمويل البنى التحتية لإطلاق عملية توزيع المقاسم لا تحتمل التأجيل

*معاناة لا تنتهي

وللسكان في هذا المجال رأي، حيث شخّصوا معاناتهم الشديدة مع بعض المهن المجاورة لمنازلهم، وخاصةً منها تلك التي تعمل في تصويج وبخ السيارات حيث إن صوت صاروخ الجلخ المقزز لا يهدأ فيما روائح اللحام والدهانات السامة تزكم الأنوف، وحال ورشات الحدادة والألمنيوم والمنجور الخشبي ليست بالأحسن، فهي مصدر إزعاج لا يطاق، وخاصة لكبار السن والأطفال والطلاب، وعلى الشاكلة نفسها ورشات إصلاح الإطارات والتشحيم واستبدال الزيوت وغسيل السيارات، إذ تترك مخلفات لا تحتمل وتشكل بمجملها عبئاً ثقيلاً على البنية التحتية من صرف صحي ومياه وطرقات، لجهة عدم استيعابها لاحتياجات هذه الورشات أو لجهة تخربها، وأملوا تخليصهم من هذا الواقع وترحيل مختلف الفعاليات الصناعية والحرفية إلى المناطق الصناعية بأسرع ما يمكن.

*الطرح حاضر دائماً

رئيس اتحاد الحرفيين في درعا شكري بجبوج، أشار إلى أن موضوع المناطق الصناعية أخذ حيزاً كبيراً من طروحات ومناقشات المؤتمر السنوي لاتحاد حرفيي درعا الأخير، مبيناً أن أهمية المناطق الصناعية نابعة من كونها توفر الحاضنة المناسبة لعمل المنشآت الحرفية والصناعية من جهة المساحات الكافية أو جهة البنية التحتية الملائمة، وخاصةً توفير التيار الكهربائي بلا تقنين ما يمكن من استمرارية العمل، لا كما يحدث الآن ضمن الأحياء السكنية حيث إن عمل الحرفي تحت رحمة ساعات التقنين الطويلة، ولفت إلى أن المُستثمر على مستوى محافظة درعا هو منطقة درعا فقط، التي تحتوي 1115 محلاً وكانت مفعمة بالنشاط والحيوية قبل الحرب وتزاول العمل فيها مختلف حرف الحدادة والنجارة والألمنيوم والبلور وكهرباء وميكانيك وتصويج وبخ السيارات، إضافة إلى معامل البلوك والأطاريف والمحارم والدهانات وغيرها، لكن هذه المنطقة خرجت عن الخدمة لعدة سنوات ثم عادت للعمل التدريجي لكن بنسبة إشغال لا تتعدى حتى تاريخه ١٥٪ فقط والبقية لا تزال متعثرة.

بقاء الوضع الراهن يعني منغصات تحد من عمل الصناعيين والحرفيين وضرر بالجوار السكني

*مناطق معلقة

وبيّن رئيس الاتحاد أن هناك ١٠ مناطق صناعية مقررة في مدن وبلدات أخرى، بعضها كان قيد الإنشاء وتعرض للضرر أثناء الحرب ويحتاج إلى استكمال، ومنها ما لم يتم العمل فيها رغم توزيع مقاسمها مثل مناطق نوى والشيخ مسكين وداعل، أو تم العمل الجزئي وبشكل محدود فيها مثل منطقة الطيبة، وهناك أخرى جاهزة لكن لم توزع على الحرفيين مثل إزرع والصنمين، لافتاً إلى ضرورة دراسة واقع مجمل هذه المناطق ووضع رؤية مناسبة لتجهيزها وفق مخطط زمني على المدى المنظور، ليتم وضعها بالاستثمار تباعاً، لما لها من أهمية بالغة في تأمين الحاضنة المناسبة لعمل المنشآت الحرفية على اختلافها.

*التكاتف ضروري

بدوره رئيس المكتب الإداري والقانوني في اتحاد حرفيي درعا أيمن الضماد، تطرق إلى أهمية العمل مع وزارة الإدارة المحلية والجهات المعنية للمساهمة في 40% من قيمة تنفيذ خدمات البنية التحتية للمناطق الصناعية، وأن يتم تخصيص مساحات كافية فيها لحرف البلاط والرخام والبلوك والمنتجات الإسمنتية، لكونها تحتاج مساحات كبيرة لعملها، وأن تكون خارج المخطط التنظيمي للمدن والقرى والبلدات، والمبادرة إلى توزيع المناطق الصناعية على الحرفيين وفي مقدمتها استكمال توزيع منطقة إزرع حيث إنّ الموزع منها لا يتعدى حتى الآن ١١ مقسماً من أصل ١٢٨ مقسماً، خاصةً أنها جاهزة لجهة البنى التحتية من ماء وكهرباء وصرف صحي، ويليها توزيع منطقة الصنمين بعد تنفيذ أعمال ترميم وتأهيل بنيتها التحتية المتضررة، ومن ثم منطقة الطيبة، حيث إن المبني فيها 75 مقسماً، وكانت خدماتها جاهزة عدا الصرف الصحي ومستثمرة فيها 7 مقاسم، لكنها توقفت عن العمل نتيجة التعديات خلال الحرب، فيما منطقة نوى مخصص منها 376 مقسماً وهناك 42 مقسماً لا تزال شاغرة، ووصل مجموع الإعانات للمناطق الصناعية إلى 1.378 مليار ليرة منذ عام 2019 لغاية 2022، توزعت بين المناطق الصناعية في كل من درعا ونوى وإزرع والشيخ مسكين دعماً للبنى التحتية فيها، لكن ذلك لم يكن كافياً وأبقى تلك المناطق متعثرة.

*هل من التفاتة؟

لا شك في أن الأمل لا يزال معقوداً على حدوث التفاتة مسؤولة تنعش المناطق الصناعية من سباتها الطويل، وترفع منغصات المنشآت الصناعية والحرفية وكذلك المحيط السكني، توازياً مع أهمية إيلاء إحداث مدينة صناعية تفتقد المحافظة لأي منها أولوية قصوى، لتمثل هي والمناطق الصناعية حلّاً جذرياً يزيل معظم معوقات دخول استثمارات جديدة، ويوفر البيئة النظامية والمناسبة لاحتواء الفعاليات القائمة.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
في ذكرى تأسيس وزارة الثقافة الـ 66.. انطلاق أيام الثقافة السورية "الثقافة رسالة حياة" على سيرة إعفاء مدير عام الكابلات... حكايا فساد مريرة في قطاع «خصوصي» لا عام ولا خاص تعزيز ثقافة الشكوى وإلغاء عقوبة السجن ورفع الغرامات المالية.. أبرز مداخلات الجلسة الثانية من جلسات الحوار حول تعديل قانون حماية المستهلك في حماة شكلت لجنة لاقتراح إطار تمويلي مناسب... ورشة تمويل المشروعات متناهية الصغر ‏والصغيرة تصدر توصياتها السفير آلا: سورية تؤكد دعمها للعراق الشقيق ورفضها مزاعم كيان الاحتلال الإسرائيلي لشنّ عدوان عليه سورية تؤكد أن النهج العدائي للولايات المتحدة الأمريكية سيأخذ العالم إلى خطر اندلاع حرب نووية يدفع ثمنها الجميع مناقشة تعديل قانون الشركات في الجلسة الحوارية الثانية في حمص إغلاق الموانئ التجارية والصيد بوجه ‏الملاحة البحرية.. بسبب سوء الأحوال الجوية صباغ يلتقي بيدرسون والمباحثات تتناول الأوضاع في المنطقة والتسهيلات المقدمة للوافدين من لبنان توصيات بتبسيط إجراءات تأسيس الشركات وتفعيل نافذة الاستثمار في الحوار التمويني بدرعا