مأسسة رفيعة المستوى لمواجهة السرطان في سورية.. إستراتيجية متكاملة بأدوات جديدة

تشرين- أيمن فلحوط:

ليس البرنامج الوطني للتحكم بالسرطان، واحد من البرامج التي تتصدى لمرض السرطان وكفى، بل هو مشهد سوري بامتياز ومن أولويات السيدة الأولى أسماء الأسد.. يقوم على الشراكة التي تجمع وزارات ومؤسسات رسمية وأفراداً، ومؤسسات أهلية وخبراء، وهو بحق مشهد لرؤية وطنية تعتمد حلولاً لمواجهة هذا التحدي، أبرزها تقليل نسب الوفاة بمرض السرطان، حيث تهدف إستراتيجية سورية لرفع معدلات الشفاء من هذا المرض، وتخفيف الألم والمعاناة لدى المصابين وفق عناوين تجمع بين العمل على تأمين متطلبات العلاج، والسعي نحو الكشف المبكر عن السرطان.
يحتل مرض السرطان ثاني الأسباب الرئيسة في حالات الوفاة في العالم، إذ وصل عدد الوفيات لأكثر من 10 ملايين في عام 2020، ووفق للإحصاءات العالمية تم تشخيص ما يفوق 19 مليون إصابة جديدة في ذاك العام، وتشير التقديرات إلى أن العدد في ازدياد مستمر وسيصل خلال عقدين من الزمن إلى ما يزيد على 32 مليون إصابة في عام 2040.
ثالث أسباب الوفاة
وفي سورية كما تشير رندة برهوم خلال العرض الذي تقدمت به في ورشة العمل، التي أقامتها اللجنة العليا للبرنامج الوطني للتحكم بالسرطان، في قاعة إشبيليا بفندق الشيراتون بدمشق، يعد مرض السرطان مشكلة كبرى، لأنه بحسب إحصاءات وزارة الصحة، هو ثالث سبب للوفاة وفقاً لبياناتها، التي سجلت حوالى 17599 إصابة جديدة عام 2020 ويتوقع أن يصل إلى 38600 حالة في عام 2030.

عناوين تجمع بين العمل على تأمين متطلبات العلاج والسعي نحو الكشف المبكر عن المرض

ولم يكن سهلاً في بلد مثل سورية بعد الحرب التي فرضت عليها مواجهة هذا المستوى من المرض، ولاسيما بما يحتاجه من كوادر طبية وفنية عالية الاحترافية يجب تأمينها وتدريبها بأعلى المستويات والتقنيات المتطورة، للكشف عن السرطان وعلاجه، وخاصة أن الحرب طالت تخريباً القطاع الصحي بشكل كبير.
تحديان

ويعاني قطاع علاج السرطان في سورية بحسب برهوم من تحديين يؤثران في سير العلاج الكيماوي نتيجة نقص شديد في الأدوية السرطانية والمواد الطبية، مع انقطاعات متكررة فيها.
وعلى صعيد العلاج الشعاعي المرتبط بالمسرعات الخطية، والتي يصل عددها إلى 5 فقط مع إن المعايير العالمية حددت مسرّعاً خطياً لكل مليون نسمة من إجمالي عدد السكان.
مجانية العلاج
رغم التحديات المختلفة بيّنت برهوم أن الدولة السورية لم تتوقف ولا ليوم واحد عن تطبيق مبدئها القائم على مجانية العلاج لمرضى السرطان، حيث يخفى على كثيرين أن علاج السرطان في سورية بكل مراحله وطرقه وضمن مشافيها هو مجاني بنسبة مئة في المئة.
رؤية وطنية
بالرغم من الحرب على سورية بقيت مواجهة مرض السرطان من أولويات السيدة الأولى أسماء الأسد، التي أطلقت البرنامج الوطني الشامل للتحكم بالسرطان بكل أبعاده الطبية والاجتماعية والمؤسساتية وحتى الإنسانية.
وتعدّ اللجنة الوطنية للتحكم بالسرطان إحدى دعائم البرنامج الوطني كذراع علمي طبي تخصصي وتنظيمي لتحقيق أهداف مواجهة السرطان، فتشكلت من خبراء واختصاصيين وأكاديميين، بالإضافة لممثلين عن المجتمع الأهلي ومؤسساته المدنية.
البرنامج الوطني للتحكم بالسرطان
في إحاطتها للبرنامج الوطني للتحكم بالسرطان تحدثت الدكتورة أروى العظمة عن أهداف البرنامج المتمثلة في تعزيز الشركات الإستراتيجية والفعالية التشغيلية، وإنقاص نسب الموت من خلال الوقاية الأولية، وضمان تطبيق برامج مسح وكشف مبكر فعالة لإنقاص معدلات المصادفة والوفيات، وضمان التشخيص والعلاج الفعال لإنقاص معدلات الأمراض والوفيات بسبب السرطان، وتحسين جودة حياة مرضى السرطان وعائلاتهم من خلال الدعم والتأهيل والعلاج الملطف، وتحسين فعّالية التحكم بالسرطان.
وعمل البرنامج على تعزيز ورفع خبرات وبناء قدرات الكوادر البشرية، ورفع مستوى العلاج في سورية عبر تطوير بروتوكولات الكشف المبكر والعلاج الكيماوي والإشعاعي، والعمل على تزويد القطاع الصحي في سورية بالأجهزة اللازمة لتحقيق مواجهة فعالة ضد السرطان بالتقانات والحداثة.
ثلاثة أعوام من الإنجاز
وأشارت الدكتورة العظمة إلى الإنجازات التي تحققت على مدار ثلاثة أعوام من عمر البرنامج الوطني للتحكم بالسرطان، والتي تخللتها نجاحات وإنجازات عدة، وصعوبات وتحديات استطاع البرنامج العمل على إيجاد الحلول لها، عبر بناء شراكات فعالة تهدف إلى تبادل الخبرات وتدريب الكوادر الطبية والفنية ورفع مستوى معرفتها وتعزيزها، بإطلاق اختصاص التشخيص والعلاج الإشعاعي في كلية العلوم الصحية، وهو ما يعدّ الحدث الأهم إستراتيجياً في هذا المجال خلال عام 2021 ، وتم في عام 2022 برامج مسح للتقصي عن السرطان الأكثر شيوعاً وهي الثدي والبروستات وعنق الرحم.

الدولة السورية لم تتوقف يوماً واحداً عن تطبيق مبدئها القائم على مجانية العلاج لمرضى السرطان

كما تابع البرنامج العمل على تقليص الزمن بين التشخيص والعلاج من خلال تطوير المنظومات الطبية، ودراسة واقع تأمين الأدوية السرطانية والتحديات التي تواجهها ووضع الحلول العملية لتخطي هذه الصعوبات، وتطوير البنية التحتية لمراكز علاج الأورام في سورية.
مراكز التشخيص والعلاج الإشعاعي
وأوضح الدكتور محمد العواك مراحل العلاج الكيماوي والإشعاعي في المشافي الحكومية والخاصة، فيعمل مشفى البيروني الجامعي على تقديم كل الخدمات العلاجية لمرض السرطان، والقسم المطور في البيروني– المزة- وهو جزء مخصص لتقديم العلاج الإشعاعي من منظومة طبية تتكامل نتائجها في هدف رئيس هو زيادة معدلات الشفاء من مرض السرطان، وتقليل نسبة الوفيات الناجمة عن الإصابة به، من خلال تقديم سلسلة متكاملة من الإجراءات العلاجية لمواجهة السرطان.
حضر الورشة العديد من رؤساء التحرير في الصحف المحلية والفعالية الإعلامية في القطاعين العام والخاص، وأجاب العديد من الأطباء أعضاء اللجنة الوطنية عن تساؤلات الإعلاميين في ختام الورشة.
وسيكون الإعلام شريكاً فاعلاً ومكملاً لعمل هذه المؤسسة الراقية في الوقاية والمواجهة لأخطر أمراض العصر.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار