النّهوض التشكيلي يرتفع إلى أفق «بقعة ضوء» وزوايا كبيرة من الأمل في معرض لموفّق المخول

تشرين_ لمى بدران:
افتتاح يعجّ بالحياة والأمل ومحبّي الفن وأهله، وبوجود العدد الكبير هناك في صالة زوايا في القصاع دمشق ندرك يقيناً أن الفن التشكيلي في مسار تطوّر وعطاء مهم، إنه معرض للفنان التشكيلي موفق مخول تحت عنوان «بقعة ضوء» يحتضن ٤٦ لوحة فنّية تشكيلية تسافر بنا نحو عوالم روحيّة ناصعة.
تظهر من خلال اللوحات العلاقة الوطيدة والمتينة بين الفنان ولوحاته فهي تحاكي ٤٠ عاماً من التجارب الفنيّة له ومحورها هو الإنسان بحزنه وفرحه وفلسفته وحواراته مع محيطه، كما أن هناك بعض التّغيير في هذه الأعمال عن سابقاتها حدّثنا عنها الفنان موفّق مخوّل أثناء الافتتاح، فهو قاصد أن يعطي إضاءة أكثر وألواناً أقوى هذه المرّة ليعكس الحاجات النفسيّة للإنسان المتمثّلة بالحب والفرح وكل المشاعر التي قد تصنع السعادة من خلال الفن، وتشبع حاجاتنا الإنسانية.
فقد عدَّ أحد أهم النّقاد في الفن التشكيلي السوري، وهو الفنان غازي عانا الذي كان حاضراً في الافتتاح، هذا التغيير تطوّراً في التجربة الفنيّة لموفّق، وأنه بمنزلة إضافة مهمّة وصفها بمستودع من الجمال على الرغم من ازدحام العناصر، ولفت إلى أن هذه اللوحات تشبه شخصيّة الفنّان، وفيها جمع بين الناس ودعوة إلى الحياة والمحبة.
ومن المدهش أن يعود بك هذا المعرض إلى أبيات شعريّة لأبي العلاء المعرّي كما عاد بالدكتورة الفنانة فاطمة إسبر والتي ذكرت لـ(تشرين) الأبيات التي أتت لذهنها، وهي:
وهوّنت الخطوب عليّ حتى
كأنّي صرت أمنحها الودادا
فلا هطلتْ عليّ ولا بأرضي
سحائب ليس تنتظم البلادا
وعند السؤال عن السبب وراء الذهاب بالذاكرة نحو الأبيات الشعرية في معرض فنّي تشكيلي ذكرت الدكتورة أنها رأت، ولمست، وأمسكت تلك الخيوط الناعمة والخفيّة التي تظهر بين الكلمات والخط واللون في اللوحة وفي القصيدة وفي الموسيقا، ورأت عناق التلاقي بينها… وفي هذه الأعمال رأت العناق بين شعر أبي العلاء والأشخاص الذين سكنوا لوحات الفنان موفق مخول.
وهناك من يشير إلى الجديّة في طرح الموضوعات، ويفهم أن «بقعة ضوء» هو معرض يقصد فنّانه تسليط الضوء على زاوية معيّنة من مواقفنا النّفسيّة بهذه الحياة، ما يُظهر الهمّ المشترك بين المتلقي والفنّان في حد ذاته، وهو الدكتور في كلية الفنون الجميلة الفنان سائد سلوم وهذا بتحليله ما يحقّق معادلة مهمّة في عالم الفن التشكيلي وهي تطابق العامل الذاتي والموضوعي بين الفنّان والقضيّة التي يناضل من أجلها، وعن أهميّة هذا النوع وهذا المستوى من المعارض في هذه المرحلة أجابنا الدكتور سائد أننا لا شك في مرحلة بحاجة للبحث عن ملجأ روحي خاص بنا جميعاً كمتلقيّن وهذا الملجأ لا يمكن أن نجده إلا في الأعمال الفنيّة الجميلة.
عند حضور هذا المستوى من المعارض لا نستطيع القول إن الفن التشكيلي يتراجع أو مكانته ضعيفة، بل الإقبال كثيف وحالة التفاعل والتعايش مع الأعمال واللوحات المعروضة كبيرة، ومتذوّقو الفن يزدادون يوماً وراء يوم، وهذا المعرض يستمر ثمانية أيام قادمة من الشهر الجاري.
بمعنى، لا فورة اليوم في المشهد التشكيلي السوري، وإنما ثمة تطور عقلاني يتسامى صعوداً خلال مرحلة أمسى عمرها يقارب المئة سنة ضمن حركة تشكيلية عالمية معاصرة.. وإن بدا لافتاً الحراك التشكيلي مؤخراً الذي تمثل في كثرة المعارض المقامة، وكذلك افتتاح أكثر من صالة عرض جديد، ولاسيما في دمشق الشام.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار