المقارنة بالآخرين حالة نفسية تسلب الإنسان ثقته بنفسه

تشرين- دينا عبد:
لكل شخص ظروفه المختلفة عن غيره، ولكن للأسف فهناك من يربط حياته بظروف الآخرين، فيغيب عنه شعور الرضا، ليبقى عالقاً داخل دائرة من المقارنات التي لا تنتهي وتسلبه ثقته بنفسه.
تحكي لبانة (30 عاماً) أنها لم تشعر بالراحة منذ عدة سنوات، فهي بحالة حرب طوال الوقت تريد أن تكون الأفضل في كل شيء، رغم إمكانات أسرتها المتواضعة، تنظر لغيرها وتحاول تقليدهم، فقط لمجرد أن تكون ملفتة تبهر من حولها، لا يهم حجم الضرر الذي تسببه لنفسها ولأسرتها، فقد أغرتها المظاهر، واعتقدت أن سعادتها تكون بملاحقة الموضة، وشراء أغلى الملابس، متجاهلة أنها بتلك التصرفات تحمل نفسها أكثر من طاقتها، فأنانيتها ستكون سبباً في تعاستها، وتربية أبنائها على عدم القناعة والرضا مستقبلاً.
ظلت مقتنعة أن تقليدها لغيرها سيرفعها وسيجعلها محط أنظار الكثيرين؛ لكنها مع ذلك لم تستطع أن تجد السعادة في كل ما تفعله.
بينما ريم ( طالبة جامعية)أدركت أن المقارنات والنظر إلى حياة الآخرين، معاناة ومرض نفسي بحد ذاته وحرمان من السكينة، وهذا ما لا تريد أن تعيشه، أدركت أن نجاحها يبدأ عندما تقارن نفسها بنفسها، وتنظر لنجاحات غيرها فقط من ناحية إيجابية، لأجل أن تتعلم وتكون أفضل بإمكاناتها وطموحها، لا بالتقليد والمقارنات المرهقة والمتعبة، والتي تسبب حسب قولها أزمة نفسية تمنعها من الاستمرار في ممارسة حياتها.

اختصاصي نفسي:  من الخطأ أن يقارن الإنسان حياته بحياة الآخرين

إدراكها لحقيقة أن المقارنات تقلب الحياة إلى جحيم، دفعها لأن تكون مجتهدة في عملها، وتطور مهاراتها، حتى تكون جديرة بكل ما ستحصده لاحقاً من علم وتميز.
فقررت أن تكون هي نفسها بشخصيتها المختلفة، عرفت أن سلامها الحقيقي بأن تركز في حياتها، بدلاً من تضييع الوقت في عقد المقارنات فهي لا تعلم ما الثمن الذي دفعه الآخرون، ليصلوا إلى ما هم عليه، وما هي العقبات التي واجهتهم في الطريق؟.
ومن جهته يرى الاختصاصي النفسي رضوان حمدان، أنه من الخطأ أن يقارن الإنسان حياته بحياة الآخرين، فهناك اختلاف في الشخصيات والأفكار، فالناس حتى وإن التقوا في بعض الأفكار والسلوكيات، إلا أنهم مختلفون بطبائعهم وبكل شيء، فلكل قصته وطموحه وقناعاته ورؤيته وظروفه الخاصة. وحسب المختص النفسي، فالمقارنات تحرم الشخص من أن يعيش بسعادة، لأنها ظلم للنفس وحسد للآخرين، وتحرمه من الاستمتاع بما عنده، فربما يملك أشياء يتمنى الآخرون لو كانت لديهم.
فالمقارنة ليست سيئة، إنما الشعور والأفكار والسلوكيات المرتبطة بها، هي من تحدد إن كانت مقارناتنا سلبية أم إيجابية.
فحسب نظرية المقارنة الاجتماعية، فإن البشر لا يستطيعون في الواقع تعريف أنفسهم بشكل جوهري أو مستقل، يمكنهم فقط تعريف أنفسهم بناء على المقارنة بشخص آخر.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار