انتخابات مصيرية غداً.. على أي هوية ستمسي تركيا ؟

تشرين – مها سلطان

على بعد ساعات من انتخابات مصيرية تشهدها تركيا صباح يوم غدٍ الأحد، مازالت استطلاعات الرأي تعطي تقدماً لمرشح المعارضة كمال كيليتشدار أوغلو.. لكن رجب أردوغان، الرئيس الحالي، هو من سيفوز فيها..!!
هذه المعادلة غير المفهومة وغير المنطقية ترخي بثقلها على الساحة الانتخابية التي يُسيطر عليها الترقب الشديد وحالة عدم اليقين حيال هوية الفائز، وستبقى كذلك حتى تقول صناديق الاقتراع كلمتها لنعرف على أي هوية ستمسي تركيا.. قديمة يمثلها أردوغان، أم جديدة يمثلها كيليتشدار أوغلو، علماً أن الهوية التي يمثلها الثاني هي هوية تركيا القديمة نفسها التي كانت قبل أن يتسلم حزب العدالة والتنمية – حزب أردوغان – مقاليد السلطة في البلاد منذ بداية هذه الألفية، ليُصبح في عام 2017 حاكماً بسلطات رئاسية كاسحة مع فوز أردوغان برئاسة البلاد التي جرت في ذلك العام.
فوز أردوغان لا يعود لمسألة أن استطلاعات الرأي تعطي تقدماً طفيفاً لمرشح المعارضة كيليتشدار أوغلو، بل لجملة أسباب بعضها معروف وتم عرضه طيلة المرحلة السابقة من الحملة الانتخابية، وعلى رأسها النهوض الاقتصادي المحسوب له، علماً أنه، وللمفارقة، الاقتصاد نفسه قد يكون أحد الأسباب الرئيسية لهزيمته في الانتخابات بعد وصول التضخم وغلاء المعيشة إلى مستويات قياسية.. يُضاف إلى الاقتصاد العلاقات الدولية الجديدة التي نسجها أردوغان مع قوى إقليمية ودولية، انعكست بصورة إيجابية كبيرة على البلاد لناحية الدور والمكانة وحتى الاستثمارات الاقتصادية..
والبعض الآخر، ونحن نتحدث عن أسباب فوز أردوغان المحتمل، البعض الآخر ستكشفه التحليلات والتفسيرات التي ستنطلق في إثر نتائج الانتخابات في حال فاز فيها أردوغان، كما ذكرنا.
أما في حال فاز كيليتشدار أوغلو فسيكون هناك حديث آخر.. وتركيا مختلفة بصورة كليّة ليس على مستوى الداخل فقط بل على مستوى الإقليم، والجوار اللصيق، خصوصاً سورية، وعلى المستوى الدولي.
استطلاعات الرأي التي تعطي المعارضة تقدماً طفيفاً، وترجح جولة ثانية، لم يخرقها سوى استطلاعين مختلفين صدرا في ربع الساعة الأخير من الحملات الانتخابية، ويعطيان أردوغان تقدماً مهماً وبما يكفي ليحسم السباق الانتخابي من الجولة الأولى.
الاستطلاعان أجريا مباشرة بعد انسحاب المرشح محرم إينجه يوم الأربعاء الماضي.
الاستطلاع الأول أجراه مركز الدراسات «Areda» ويعطي أردوغان فوزاً بنسبة51.3% مقابل 44.2% لصالح كيليتشدار أوغلو.
الاستطلاع الثاني أجراه مركز الدراسات «Asal» ويعطي أردوغان 50.6% وكيليتشدار أوغلو – 46.3%.
هذان الاستطلاعان يحتملان أن يكونا واقعيين وغير واقعيين في آن، نظراً لما تشهده الساحة الانتخابية التركية من تجاذبات وحالة استقطاب شديدة بين المرشحين انعكست حالة عدم يقين على مجمل العملية الانتخابية وتالياً على عملية توقع النتائج ومن سيفوز فيها. وحتى الساعات الأخيرة ما قبل يوم الحسم استمرت الحملات الانتخابية على أشدها، وبصورة أكثر شراسة خصوصاً لناحية الاتهامات المتبادلة بالمسؤولية عن تدهور الوضع الاقتصادي، وما وصلت إليه العلاقات التركية من سوء مع دول الإقليم، لاسيما سورية، علماً أن الاستدارة التي ينفذها أردوغان تجاه الإقليم خصوصاً الدول العربية، وصلت إلى مراحل متقدمة لتحط في محطتها الأهم والأخيرة عند سورية ولتتحول إلى أحد أبرز الملفات الانتخابية استناداً إلى مسار التقارب مع سورية الذي طلبه أردوغان ووسّط روسيا به (وانضمت إليه إيران مؤخراً).. وكان هذا المسار وصل يوم الأربعاء الماضي إلى محطة اللقاء الرباعي على مستوى وزراء الخارجية.. هذا اللقاء صبّ بحسب المراقبين في خدمة أردوغان وعزز أوراقه الانتخابية بمواجهة المعارضة.
وفي إطار الحملات الانتخابية، كانت السلطات التركية أعلنت أنها ضبطت أوراق اقتراع مزورة مختومة بـ «نعم» لصالح كيليتشدار أوغلو وذلك في سيارة أحد مسؤولي المعارضة في ولاية قونية، حسب صحيفة «يني شفق». يأتي ذلك كما يبدو كرد مباشر على المعارضة وعلى كيليتشدار أوغلو الذي يطالبون بنشر مراقبين ويتهمون أردوغان وتحالفه بالسعي إلى تزوير الانتخابات للفوز فيها.
بكل الأحوال تعد هذه الانتخابات مصيرية لأردوغان، وهي الأصعب التي يخوضها ضمن مسيرة سياسية مستمرة منذ عقدين كان فيها سيد الانتخابات بلا منازع، ولكن في هذه الانتخابات استطاعت المعارضة ولأول مرة اقتحام قلاعه الانتخابية وصولاً إلى مستوى القدرة على هزيمته.  
هذه الانتخابات الرئاسية يرافقها انتخابات برلمانية أيضاً تتنافس فيها خمسة تحالفات تتباين بتوجهاتها ما بين اليميني المحافظ والعلماني الأتاتوركي والقومي اليميني.
ويوم الثلاثاء الماضي انتهت عمليات التصويت خارج البلاد والتي كانت قد بدأت في 27 نيسان الماضي. ومن المقرر أن يتوجه صباح الغد إلى صناديق الاقتراع  64 مليوناً و113 ألفاً و941 ناخباً، وفق اللجنة العليا للانتخابات، وفي نهاية العملية الانتخابية وفي حال عدم حصول أي مرشح على نسبة الـ50% من الأصوات سيكون هناك جولة ثانية في الـ28 من الشهر الجاري.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار