«أكساد» يدفع بوجهة نظر علمية متخصصة إلى ملف «تشرين» حول حرب البذور

تشرين:
استتباعاً للملف الذي نشرته “تشرين” الأسبوع الفائت حول “حرب البذور” .. وافانا الدكتور نصر الدين العبيد مدير عام منظمة المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة “أكساد”، بإضافة من شأنها أن تغني الملف و تقدم قيمة مضافة لما تم نشره من أفكار متنوعة، وفيما يلي ما ورد من ” أكساد”:
السيد رئيس تحرير صحيفة تشرين الغراء
الجمهورية العربية السورية – دمشق
تحية طيبة وبعد
نود بداية أن نتقدم منكم بالشكر والتقدير على ما تنشره جريدتكم الغراء من مواضيع قيّمة تهم المواطنين على امتداد أرض وطننا الغالي سورية، ويسعدنا الإشارة إلى العدد رقم 13894 الصادر بتاريخ الخميس 27 نيسان 2023، والذي احتوى على أربع مقالات غاية في الأهمية حول البذور الزراعية ولاسيما بذور القمح، هذا المحصول الإستراتيجي الأول الذي يعد عماد الأمن الغذائي في العالم. وبهذا الصدد ونظراً لأهمية الموضوع للدول العربية وسورية تحديداً، نرى أن مشاركة منظمة المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة “أكساد” في إلقاء بعض الأضواء على زراعة وإنتاج القمح في سورية، وإسهامات (أكساد) في هذا السياق قد تكون مفيدة.
تتزايد أهمية القمح زراعياً واقتصادياً وحتى سياسياً بعد أن أصبح الأمن الغذائي العالمي المرتبط إلى حدّ بعيد بمحصول القمح في وضع هشٍّ وغير مستقر بسبب المعدلات السنوية العالية للتزايد السكاني في العالم، والأزمات والنزاعات الدولية المسلحة في مناطق إنتاج القمح في أوكرانيا، إضافة إلى التغيرات المناخية الكبرى التي تشهدها معظم دول العالم حالياً والمتمثلة أساساً في تكرار المواسم الجافة قليلة الأمطار المترافقة بموجات حرارية تجاوزت بشكل استثنائي عتبة 40 درجة مئوية في مناطق إنتاج القمح الرئيسة في العالم في روسيا وأستراليا وكندا وأمريكا والأرجنتين أثناء نضج المحصول، ما أثر سلباً في إنتاج القمح عالمياً، فحدث انخفاض في الإنتاج تجاوز 30% في الأرجنتين في المواسم الأربعة الماضية على سبيل المثال، ويبدو أن هذه التغيرات مستمرة بل وتزداد حدةً وسوءاً، وتبعاً لذلك ارتفعت أسعار القمح في البورصات العالمية في السنة الماضية 2022 بشكل غير مسبوق، فوصلت أسعار القمح الطري إلى أعلى من 450 دولاراً للطن والقاسي أكثر من 500 -600 دولار للطن، وأصبح تأمين القمح من السوق الدولية ليس أمراً سهلاً حتى مع توفر الأموال اللازمة للشراء.

وتعد البذور الجيدة أساس الإنتاج الجيد للقمح، ولكل منطقة جغرافية ولكل بيئة بذور تناسبها، لذلك تخصص الدول الغنية والمتطورة علمياً الموارد المادية اللازمة بهدف أن تعمل مراكزها العلمية على تطوير أصناف من القمح تتميز بصفات الإنتاجية العالية ومقاومة الأمراض ولاسيما أمراض الأصداء ومرض الصدأ الأصفر بشكل خاص الذي قد يخفض الإنتاج بنسبة 50 %، وبسبب التغيرات المناخية التي يشهدها العالم حالياً أصبحت صفة تحمل قلة الأمطار والحرارة العالية من الصفات المهمة الواجب توفرها في أصناف القمح الحديثة، ولقد أولت أوروبا وروسيا وأمريكا هذا الموضوع أهمية كبيرة منذ بدايات القرن العشرين حينما بدأ العالم يواجه نقصاً في إنتاج القمح، وحدثت مجاعات على إثرها في العديد من الدول، فتعاونت المؤسسات العلمية في الدول المهتمة بالقمح على مدى سنوات ونفذت برامج علمية تهدف إلى زيادة إنتاج القمح، وبالفعل أثمرت الجهود الدولية في سنوات الستينيات من القرن الماضي من خلال ما يعرف بالثورة الخضراء التي أشرف عليها عالم القمح المشهور الدكتور نورمان بورلوغ – الحائز جائزة نوبل للسلام فيما بعد – ومساعدوه العلماء المختصون من الهند وباكستان والمكسيك عن استنباط العشرات من أصناف القمح عالية الإنتاج بسبب تحملها كميات كبيرة نسبياً من الأسمدة ومياه الري من دون أن تتعرض للرقاد بفضل قوة وقصر طول سيقانها نتيجةً لإدخال طفرات جينية Rht مصدرها أصناف القمح الكورية واليابانية إلى أصناف القمح المكسيكية والأوروبية والأمريكية، وسميت هذه الأصناف المطوّرة المتميزة بإنتاجيتها العالية بأصناف القمح المكسيكية نظراً لأنه تم تطويرها في المكسيك، ومن أشهر هذه الأصناف مكسيباك وسيتي سيروس وجوري والتي بدأت زراعتها في سورية بنجاح في سبعينيات القرن الماضي على نطاق واسع وأسهمت في تحسين إنتاج القمح، وبالرغم من أنها كانت أصنافاً جيدة للغاية لكنها كانت تحتاج إلى الري أو زراعتها في مناطق عالية الأمطار، لذلك لم تستطع أن تحل مشكلة حاجة سورية إلى الاكتفاء الذاتي من القمح وهو الهدف الذي كان يراود وزارة الزراعة السورية وتعمل على تحقيقه، فزجت وزارة الزراعة بأصناف قمح حديثة استنبطت في منظمة المركز العربي “أكساد” وأهمها صنف القمح القاسي أكساد 65 والذي أسهم إلى حدٍّ كبير في تطوير إنتاج القمح في سورية في فترة الثمانينيات من القرن الماضي، ولاقى قبولاً وشهرة واسعة لدى الفلاحين السوريين نظراً لإنتاجيته العالية وتحمله الجفاف والحرارة العالية، ومواصفات حبوبه العالية، وهو إلى الآن يزرع بشكل واسع في سورية والعديد من الدول العربية، ويعدّه المختصون أباً لأصناف القمح القاسي الحديثة.
“حوارني”
ولئن استفادت سورية من أصناف القمح الحديثة التي تم استنباطها في المكسيك، فإنها بالمقابل قدمت للعالم منذ انبثاق الحضارات القمح المزروع ومنها انتقلت زراعته إلى مصر وشمالي إفريقيا وإلى أوروبا غرباً وإلى الهند والصين شرقاً، إذ إن مهد نشوء القمح في العالم كان في سورية، وطور فلاحوها أصنافاً ممتازة من القمح القاسي خصوصاً لكونه أكثر ملاءمة للظروف البيئية في منطقة شرقي البحر الأبيض المتوسط، وتمتاز بمواصفات جيدة من أهمها تحمل الجفاف وقلة الأمطار والحرارة العالية 30- 33 درجة مئوية، إضافة إلى مواصفات النوعية الجيدة للحبوب كنسبة البروتين العالية فيها والتي قد تصل إلى أكثر من 15 % ومكسرها الزجاجي، ولعل أشهر هذه الأصناف صنف القمح القاسي السوري المشهور “حوراني” الذي كان يتمتع بسمعة طيبة وله سوق تجارية كبيرة وطلب واسع عليه في إيطاليا بشكل خاص لصناعة المعكرونة الفاخرة. وقد سبق أن زار عالم القمح الروسي المشهور نيكولاي فافيلوف سورية في العشرينيات من القرن الماضي، ودرس مواصفات هذا الصنف وأخذ معه كمية من بذوره للاستفادة منها في تطوير أصناف جديدة ذات نوعية جيدة ومتحملة للجفاف في روسيا، وبذوره حتى اليوم محفوظة في البنك الوراثي الروسي في سانت بيترسبرغ، وفي البنوك الوراثية الدولية بما فيها بنك البذور في سفالبارد بالنروج بالقرب من القطب الشمالي التي تحتوي على عينات من بذور أنواع وأصناف قديمة من القمح المحلي السوري، وإن المختصين في علوم وراثة القمح وبذوره يقرّون بفضل سورية على زراعة وإنتاج القمح في العالم، وأهمية بذور القمح السوري القديم في تطوير أصناف جيدة من القمح الحديث.
تاريخياً كانت سورية من الدول المنتجة للقمح ومصدّرة له حتى سنوات الخمسينيات من القرن الماضي، ولكن نتيجة للتزايد السكاني العالي فيها والذي تجاوز عتبة 2.5% سنوياً، وعدم إيلاء الزراعة الاهتمام الحكومي الكافي، وتوجيه الجهود والاستثمارات نحو تطوير الصناعة والتجارة والخدمات والتي لم تنجح في تحقيق المأمول منها، وجدت سورية نفسها مضطرة إلى أن تستورد القمح سنوياً وبكميات كبيرة وصلت بالمتوسط إلى 300 ألف طن سنوياً خلال الفترة 1976- 1979 وإلى 678 ألف طن سنوياً خلال الفترة 1980- 1989.

ونتيجة للقرار السيادي والتاريخي للقيادة السورية الذي وجه بضرورة الاعتماد على الذات وبذل كل جهد ممكن وتسخير الإمكانات المتاحة لزيادة إنتاج القمح وصولاً للاكتفاء الذاتي، تضافرت جهود وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي ومؤسساتها التخطيطية والعلمية والإرشادية الزراعية مع الوزارات والمؤسسات الحكومية الأخرى المعنية بالزراعة، ومع الاتحاد العام للفلاحين والفلاحين لتحقيق الهدف المنشود. وعملت الحكومة السورية على تكثيف الجهود في تنفيذ مشاريع استصلاح الأراضي وشبكات الري الحكومية العملاقة، ورفعت أسعار شراء القمح بشكل مجزٍ، وازدادت معدلات إقراض الفلاحين من المصرف الزراعي التعاوني، ونجحت مؤسسة إكثار البذار في توفير بذار القمح من أصناف عالية الإنتاجية معتمدة للزراعة رسمياً من قبل وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي ومستنبطة في البيئة السورية من خلال برامج التعاون العلمي بين البحوث الزراعية في سورية والمركز العربي” أكساد” ومراكز البحوث الزراعية الدولية، فكانت النتيجة أن انقلبت المعادلة رأساً على عقب وأصبحت سورية قادرة على إنتاج 4.2 ملايين طن من القمح سنوياً خلال الفترة 2000- 2008، ما مكّنها من تصدير نحو 500 ألف طن سنوياً.
وبعد هذا النجاح الباهر الذي أشادت به منظمات الأمم المتحدة ومراكز البحوث الزراعية الدولية والصحافة والإعلام العالمي، وكان من اللافت أن الدكتور نورمان بورلوغ الذي أشرف على الثورة الخضراء أعرب عن إعجابه بهذه النقلة النوعية في سورية، والتي لم تستطع سوى الصين والهند وسورية من الدول النامية والصاعدة أن تحققها وأن تكتفي ذاتياً في إنتاج القمح، أتت الأزمة الكارثية في سورية على منجزاتها الاقتصادية الكبرى بما في ذلك منظومة زراعة وإنتاج القمح، وأعادت للأسف مستويات إنتاج القمح إلى 2-2.5 مليون طن سنوياً، وبهذا اضطرت سورية ثانية إلى استيراد القمح سنوياً.
في طريقها إلى التعافي
وعادت وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي إلى بذل الجهود وحشد الإمكانات لزيادة إنتاج القمح والعودة إلى الاكتفاء الذاتي، وعمل الفلاحون السوريون بجد لتحقيق هذا الهدف، وللإنصاف يمكن القول إنه لولا تكرار المواسم الجافة قليلة الأمطار في السنوات القليلة الماضية لكانت القدرة السورية على إنتاج القمح أفضل بكثير مما هي عليه الحال اليوم، وهذا يدل على أن زراعة وإنتاج القمح في سورية في طريقها للتعافي .
إنّ المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة “أكساد” يبذل ما في وسعه ويقوم برد الجميل إلى القيادة السورية والحكومة والشعب السوري انطلاقاً من تقديره وامتنانه لسورية التي وبلا حدود قدمت الكثير من الدعم والمساندة للمركز العربي “أكساد” لتأدية المهام المكلف بها، ويسهم (أكساد) حالياً في إعادة إعمار الزراعة السورية بشكل عام ودعم منظومة إنتاج القمح بشكل خاص.
تمتلك منظمة أكساد بنية تحتية قوية للبحث العلمي تتمثل في 13 محطة بحوث حقلية جيدة التجهيز في سورية، تنتشر في مختلف البيئات الزراعية السورية المروية منها والبعلية (عالية ومتوسطة وقليلة الأمطار) والبادية والمنطقة الساحلية، إضافة لعشرات مواقع التجارب ومحطات البحوث الحقلية في الدول العربية. ومنظومة متكاملة من المخابر المتطورة تعمل في زراعة الأنسجة النباتية وإكثار النخيل نسيجياً، وفي التقانات الحيوية وتحديد الجينات المسؤولة عن صفات مقاومة الجفاف والأمراض ورسم الخرائط الوراثية في محاصيل الحبوب والأشجار المثمرة، وفي تحليل الترب والمواد النباتية، والتلقيح الاصطناعي للحيوانات الزراعية، وتجميد أجنة الغنم العواس والماعز الشامي وغيرها.
أصناف عالية الإنتاجية

ويعمل في (أكساد) خبراء سوريون وعرب من المشهود بكفاءتهم العالية، في وضع وتنفيذ برامج بحثية في استنباط أصناف عالية الإنتاجية ومقاومة للجفاف من القمح والشعير والذرة البيضاء، وتطوير المعاملات الزراعية والزراعة الحافظة، وكذلك في إنتاج الملايين من غراس الزيتون والفستق الحلبي والأشجار المثمرة الأخرى وتوزيعها على الدول العربية وسورية حيث وصل عدد الغراس التي وزعها (أكساد) على الدول العربية أكثر من 3.5 ملايين غرسة، وفي تطوير المراعي في سورية والمنطقة العربية وتحسين الغطاء النباتي فيها، وفي مكافحة التصحر، وحصاد المياه وتطوير طرق الري الحديث وإنشاء خزانات المياه وخاصة في القرى التي تعاني من العطش صيفاً في الجبال الساحلية وصلت إلى 6 خزانات بأحجام متوسطة في محافظتي اللاذقية وطرطوس، ومثلها في لبنان وليبيا، كما يقوم خبراء أكساد بتنفيذ برامج خاصة بتحسين التركيب الوراثي للغنم العواس والماعز الشامي بطريقة انتخاب النسل والنسب لزيادة إنتاجيتها من اللحم والحليب التي وصلت بالفعل إلى مستويات قياسية عالمية تجاوزت 500 كغ حليب عند الماعز الشامي و265 كغ عند الغنم العواس في الموسم، إضافة إلى رفع نسبة الولادات التوءمية بنسبة 75 % عند الماعز و45 % عند الغنم العواس. وكما هو واضح تهدف هذه البرامج العلمية الواسعة والتي تنفذ على امتداد الأرض العربية إلى تطوير الإنتاج الزراعي في سورية والدول العربية وتعزيز الأمن الغذائي فيها.
ولدى أكساد برامج واسعة لتحسين التركيب الوراثي للقمح بهدف إنتاج بذور أصناف جديدة عالية الغلة ومقاومة للجفاف بطرق التهجين بين الأصناف والتراكيب الوراثية الموجودة في سورية والدول العربية والعالم وتبتعد عن أساليب التعديل الجيني والهندسة الوراثية ونقل الجينات أو قطع الكروموسومات من أنواع نباتية بعيدة عن عائلة نباتات الحبوب، ويتم سنوياً في محطات بحوث (أكساد) تنفيذ 400- 500 عملية تهجين في القمح الطري والقاسي، ينتج عنها نحو 300- 400 تركيب وراثي جديد كل عام، تتم زراعتها ومراقبة أدائها لمدة 5-6 سنوات حتى استقرارها وراثياً، عندها يقوم خبراء (أكساد) بانتخاب أفضلها بما يقارب 200 تركيب وراثي يتم دراسة إنتاجيتها ومواصفاتها في تجارب خاصة في السنوات اللاحقة حتى الوصول إلى أعلى التراكيب إنتاجية في ظروف الزراعة البعلية قليلة الأمطار في منطقة الاستقرار الزراعي الثانية في محافظة درعا، وبناء على هذه النتائج يتم إرسال أحسن سلالات القمح المستقرة وراثياً عالية الإنتاج والمقاومة لقلة الأمطار وعددها نحو 20 سلالة جديدة من كلٍّ من القمح الطري والقمح القاسي إلى مراكز البحوث الزراعية في الدول العربية سنوياً بهدف تجريبها وتحديد إنتاجيتها ومواصفاتها تحت ظروف البيئات الزراعية العربية في تجارب خاصة ودقيقة حسب المنهجية العلمية المتبعة في علوم وراثة وتربية القمح، وبناءً على النتائج المتحصل عليها حقلياً ومخبرياً ولعدة سنوات يتم بشكل رسمي وبقرارات صادرة عن وزارات الزراعة في الدول العربية اعتماد زراعة الأصناف المتفوقة، بعد إجراء دراسات مستفيضة لأساليب وطرق تنفيذ التجارب الحقلية والمخبرية وبعد فحص دقيق للنتائج تقوم بها اللجنة الوطنية لاعتماد الأصناف والمكونة من خبراء مختصين بكل أوجه زراعة وإنتاج ورعاية القمح من وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي والجامعات ونقابة المهندسين الزراعيين واتحاد الفلاحين ومراكز البحوث الزراعية الدولية العاملة في سورية. ويجدر التنويه بأن استنباط الصنف الواحد يحتاج إلى عمل منظم ودقيق يستمر لمدة 8-10 سنوات وبتكلفة 1 مليون دولار.

85 صنفاً
لقد نجح المركز العربي “أكساد” بالتعاون مع وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي في سورية، ووزارات الزراعة في الدول العربية ومراكز البحوث الزراعية فيها في استنباط واعتماد 85 صنفاً من القمح والشعير في الدول العربية، اعتمدت وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي في سورية منها 4 أصناف من القمح القاسي و 4 أصناف من القمح الطري و 3 أصناف من الشعير، وكان آخرها اعتماد صنف القمح القاسي دوما 5 ورمزه أكساد 1469 وصنف الشعير فرات 8 ورمزه أكساد 1745 في عام 2022، ومن الجدير بالذكر أن معظم الأصناف المستنبطة في (أكساد) تتفوق زراعتها في بيئات زراعية مختلفة عبر المنطقة العربية، أي إنها تتميز بمرونة بيئية عالية وهذه ميزة إيجابية جداً في زراعة وإنتاج القمح، فمثلاً صنف القمح القاسي أكساد 65 اعتمد للزراعة في 7 دول عربية بما فيها سورية، وصنف القمح الطري أكساد 901 اعتمد في 5 دول عربية بما فيها سورية أيضاً. ويتميز البعض من هذه الأصناف بصفات استثنائية فصنف القمح الطري دوما -6 ورمزه أكساد 1133 يتصف بمقاومته العالية لمرض الصدأ الأصفر أشد أمراض القمح خطورة إضافة لإنتاجيته العالية، وقد عدّ الدكتور راجا رام مدير المركز الدولي لتحسين القمح والذرة CIMMYT في المكسيك وأحد أكبر خبراء القمح في العالم أن هذا الصنف يعد من أفضل الأصناف مقاومة لمرض الصدأ الأصفر، كما وحقق صنف القمح القاسي دوما-1 ورمزه أكساد 1105 غلة استثنائية قدرها 11 طن /هكتار لسنتين متواليتين 2021 و 2022 في منطقة ريف دمشق الغربي.
ودعماً لجهود منظمة المركز العربي “أكساد” في أن يكون لديها مخزون من الجينات والمواد الوراثية والبذور المستخدمة في استنباط الأصناف الحديثة عالية الإنتاجية والمتحملة للتغيرات المناخية أنشأ “أكساد” بنكاً جينياً يحتوي على الآلاف من عينات بذور الأصول الوراثية البرية والمزروعة والأنواع والسلالات، وكذلك الأصناف المعتمدة من القمح والشعير والذرة البيضاء والبقوليات الغذائية، وهي محفوظة وفق الطرق والمعايير الدولية.
وبينت الدراسات الاقتصادية الأخيرة أن العائد المالي السنوي للقيمة المضافة الناجمة عن زراعة أصناف أكساد عالية الإنتاجية من القمح في الدول العربية تبلغ أكثر من 300 مليون دولار سنوياً يستفيد منها الفلاحون العرب وتحسن من أوضاعهم الاقتصادية، وتبلغ نسبة الإنفاق: العائد الاقتصادي لبحوث القمح في أكساد نحو 1:80 وهو عائد مرتفع وينسجم مع النسبة المتحققة في المركز الدولي “سيميت” في المكسيك، وهذا ما يشجع على استثمار المزيد من الموارد في برامج تربية القمح الهادفة إلى استنباط أصناف جديدة من القمح عالية المردود.
ويتعاون المركز العربي” أكساد” مع المؤسسة العامة لإكثار البذار التابعة لوزارة الزراعة ولإصلاح الزراعي في سورية، من خلال تزويد المؤسسة سنوياً بكميات كافية من بذار أصناف “أكساد” القمح والشعير المعتمدة للزراعة في سورية، وهذا البذار نقي وراثياً ويدعى بذار المربي، يتم إكثاره في حقول المزارعين المتميزين حسب شروط فنية خاصة بهدف تأمين آلاف الأطنان من البذار عالي النوعية المغربل والمعقم النقي وراثياً يكفي لزراعة مئات آلاف الهكتارات من القمح من مختلف الأصناف.
ويستمر المركز العربي “أكساد” في تعاونه مع مختلف المؤسسات السورية التابعة لوزارة الزراعة والإصلاح الزراعي في استنباط المزيد من أصناف القمح الملائمة للبيئات الزراعية فيها، والتي تتميز بإنتاجيتها العالية وتحملها للجفاف ومقاومتها للأمراض، ويشمل هذا التعاون أيضاً إكثار هذه الأصناف وتأمين البذور الجيدة للفلاحين بأيدٍ وخبرات وطنية سورية وليس من شركات البذور متعددة الجنسيات، أو من وكالات التنمية الزراعية الأجنبية، والهدف الذي تسعى إليه منظمة أكساد هو الإسهام في تحقيق المهمة الوطنية الكبرى المتمثلة في عودة إنتاج القمح إلى سابق عهده، ولتكون سورية قادرة على تحقيق أمنها الغذائي وإنتاج قمحها من أرضها بالاعتماد على ذاتها ومن دون الحاجة إلى الاستيراد .

• الدكتور نصر العبيد مدير عام
منظمة المركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة “أكساد”

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
تعزيز ثقافة الشكوى وإلغاء عقوبة السجن ورفع الغرامات المالية.. أبرز مداخلات الجلسة الثانية من جلسات الحوار حول تعديل قانون حماية المستهلك في حماة شكلت لجنة لاقتراح إطار تمويلي مناسب... ورشة تمويل المشروعات متناهية الصغر ‏والصغيرة تصدر توصياتها السفير آلا: سورية تؤكد دعمها للعراق الشقيق ورفضها مزاعم كيان الاحتلال الإسرائيلي لشنّ عدوان عليه سورية تؤكد أن النهج العدائي للولايات المتحدة الأمريكية سيأخذ العالم إلى خطر اندلاع حرب نووية يدفع ثمنها الجميع مناقشة تعديل قانون الشركات في الجلسة الحوارية الثانية في حمص إغلاق الموانئ التجارية والصيد بوجه ‏الملاحة البحرية.. بسبب سوء الأحوال الجوية صباغ يلتقي بيدرسون والمباحثات تتناول الأوضاع في المنطقة والتسهيلات المقدمة للوافدين من لبنان توصيات بتبسيط إجراءات تأسيس الشركات وتفعيل نافذة الاستثمار في الحوار التمويني بدرعا خلال اليوم الثانى من ورشة العمل.. سياسة الحكومة تجاه المشروعات متناهية الصغر والصغيرة والرؤية المستقبلية مؤتمر "كوب 29" يعكس عدم التوازن في الأولويات العالمية.. 300 مليار دولار.. تعهدات بمواجهة تغير المناخ تقل عن مشتريات مستحضرات التجميل