فيلم الطريق.. النجاح الذي يتم بمعجزة غير متوقعة
تشرين – زينب شحود:
وددت لو أن وزارة التربية هي من تعاونت مع المؤسسة العامة للسينما في مسألة عرض فيلم (الطريق) للمخرج عبد اللطيف عبد الحميد والمؤلف عادل محمود بدلاً من وزارة الثقافة لما يحمله من رسائل تربوية هادفة يجب على الكوادر التدريسية الاطلاع عليها فيما يخص مسألة إسقاط حكاية طرد أديسون من المدرسة لاستحالة تعليمه وغبائه على واقعنا بطريقة هادفة تربوياً واجتماعياً وفلسفياً، وأصبح أديسون الغبي فيما بعد أشهر عالم ومخترع في العالم وهذا ما تدور حوله أحداث الفيلم الذي يتضمن قيماً أخلاقية تهدف إلى عدم التسرع في إطلاق الأحكام من دون دراية والذي ينتج عنه إقصاء الأذكياء لتحقيق نمطية التعليم وضرورة تعليم الطلاب حسب طاقاتهم الفكرية وابتكار أساليب متجددة لتحرير إبداعاتهم الكامنة وتوجيه الاهتمام نحو اكتشاف أي سبب يؤخر عملية التعلم لدى الطالب ومحاولة معالجة هذا السبب حسب الطبيعة والشخصية، الأمر الذي قد لا يتقنه الكثيرون والذي لابدّ من أخذه بالحسبان، فلولا أديسون ربما لم يكن لدينا كهرباء الآن.
تم عرض الفيلم اليوم في حلب في المركز الثقافي العربي في العزيزية ضمن خطة المؤسسة العامة للسينما وسط حضور جماهيري كثيف نوعاً ما، لكن لم أرَ أي حضور لافت للتربويين إلّا ما ندر، رغم أن قصة الفيلم كلها تدور حول التربية والتعليم، ولا أعتقد أن التربويين مهتمون بالفيلم بشكل أساسي وإنما اللحاق بالمنهاج وفق الخطط الموضوعة لإعطاء الطلاب ضمن فترة زمنية محددة وهو الأمر الأهم، لكن بعضهم ينتهج أسلوب والدة أديسون أو جد (صالح) في فيلم الطريق في أسلوبية التعليم غير المباشر أي من دون تلقين أصم وإنما عن طريق تدريب الوعي على عدة مراحل وهو أحد أسرار النجاح.
أذكر مرة أنني كنت أقلب في صفحات «فيسبوك» فوجدت مدرسة تبث مواد مصورة عن طريقة إعطاء الدروس وكانت المادة التي تابعتها درساً في مادة النحو والصرف لطلاب الصف الرابع، وفوجئت بقيام الطلاب بتمثيل مسرحية عن أدوات النصب أخذ كل طالب فيها دور أداة من الأدوات وما تفعله في الأفعال بأسلوب شائق وسلس ومميز، وهذا ما فعله تماماً جد صالح بطل الفيلم من خلال جعله يكتب كل ما يشاهده على طريق القرية من أحداث وهو أسلوب تربوي قيّم وهادف يجب أخذه بالحسبان. ويعزز الفيلم روح التعاون والتكافل من خلال العلامات السيميائية الموجودة فيه ومن خلال الصراعات الدرامية البسيطة والحوارات المختصرة والهادفة والتي أدت مهمتها بشكل جيد جداً ووصلت إلى المتلقي بسلاسة رغم تباطؤ الرتم في منتصف الفيلم الذي أصاب الجمهور بنوع من الملل، وكان الأجدر تسريع الأحداث في مسألة تصوير عملية تعليم (صالح ) من خلال مدرسته الخاصة التي بناها له جده.. وأعتقد أن الفيلم وصل إلى هدفه رغم عدم شهرة الممثلين، ما يؤكد أن البطولة كانت للفكرة (النص) الأمر الذي نحتاجه في الدراما السورية عموماً.
ويُلاحظ أن الفيلم قدم رؤية مهمة في مسألة الإشارة إلى ضرورة توثيق وكتابة التراث اللامادي الذي يعد جزءاً من هويتنا السورية، ودعا إلى الاهتمام بالنفس الإنسانية وعدم إهمالها مهما كلف الأمر، فـ(صالح) الطالب الذي طرد من المدرسة أصبح طبيباً على قدرٍ عالٍ من الأهمية والنجاح، وعاد ليثبت للجميع تفوقه وتميزه ومقدرته العالية كنتيجة غير متوقعة لمن طرده وحكم عليه باستحالة التعلم.
باختصار؛ إن البساطة هي روح الفن وهذا ما شاهدناه في فيلم الطريق من خلال المواقف والحبكة والمعالجة، رغم اعتراضي على بعض الكلمات نصف البذيئة، لكنه قدم رؤية فنية اجتماعية نفسية مهمة على صعيد الإنسانية.
الجدير بالذكر أنه تم اختتام العرض بحوارات نقدية للفيلم طرحها عدد من المهتمين أكد خلالها جابر الساجور مدير الثقافة في حلب أهمية استمرارية تقديم عروض فنية هادفة ذات صراع رمزي هادف.
بشار إلى أنه تم تصوير الفيلم في مدينة دريكيش في ريف محافظة طرطوس.