تغيّر ملامح القصيدة النثرية بين النشر الورقي والإلكتروني

تشرين- ديما الخطيب:

هل تغيّر شكل القصيدة النثرية في ظل تزاحم الحوامل النصيّة للشعر اليوم؟ بعد أن كان موطنه الوحيد هو المجموعات والدواوين الورقية؟ وكيف يوصّف الشعراء هذا التغيير؟ وهل يتناسب مع الحوامل الحديثة كمواقع التواصل الاجتماعي وغيرها؟
“إنّ قصيدة النثر تحتاج إلى قارئ غير عادي، يتمكن من فك الدلالات والرموز المتناصّة من الأساطير، والنصوص المقدسة، والعودة إلى التراث، كما تحتاج إلى غزارة الثقافة والاطلاع” الكلام لرئيس فرع طرطوس لاتحاد الكتاب العرب منذر يحيى عيسى، الذي يرى أن: “قصيدة النثر هي المجال الأرحب لاستنبات أفكار صغيرة هامشية تخلق لدينا حالة من التجاوب الفني، وبهذا خروج عن الأفكار الراسخة التقليدية” .
التجديد حالة طبيعية
وفيما يخص التجديد الذي طرأ على بنية القصيدة النثرية يعتقد مؤلف “لا توقظوها.. حالمة” أن: “التجديد حالة طبيعية، وهو من قوانين الطبيعة، وقبول هذا التجديد أو رفضه مرتبط بالوعي ونمط التفكير، فبعضهم يرفض كلّ جديد، ونمط آخر قد يرفض إلى حين، ونمط يتريّث بإعلان موقف، وهناك نمط يتقبل الجديد، إما بدراسة أو من دون دراسة.. ذلك كلّه من منطلق أن كتّاب قصيدة النثر يرفضون التراث وهم هدّامون له”.
وعن واقع قصيدة النثر في ظل الحوامل الإلكترونية الحديثة يقول عضو جمعية الشعر ومؤلف “أوراق الوداع”: “إن شبكة الإنترنت، وتسارع العصر يساهمان بانتشار هذا الجنس الأدبي، رغم حالة العدائية من البعض تجاهه، بحيث يرى البعض أنه هدم للتراث، ومؤامرة غربية علينا، وتخريب للذائقة، لكن الواقع أن قصيدة النثر قد فرضت نفسها على المشهد الأدبي كجنس أدبي.. ويشير عيسى إلى ” استسهال الكتابة والنشر، وخصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي، أو في أحيان أخرى بإصدارات ورقية خاصة تحت مسمى قصيدة النثر، وهو في الواقع ليس بقصيدة نثر، وخصوصاً لدى من يحاولون كتابة قصيدة النثر بنفس طريقة قصيدة التفعيلة، فتخرج لا نثراً ولا تفعيلة.. كما أن الكثير مما ينشر يجيء كلاماً عادياً لا يخلق دهشة عند المتلقي، ولا صوراً مجددة، أو مستولدة، وهو بعيد عن قصيدة النثر.. وفي كثير من الأحيان يغرق البعض في الغموض فتجيء نصوصهم تهويمات لا يستطيع القارئ فك طلاسمها، كما يكون كاتبها غير محيط بها.
الغموض ليس بمصلحة قصيدة النثر، والتي هي قصيدة الحياة بكل عريّها .
ومن بين هذا الكم الهائل من الناشرين على صفحات التواصل الاجتماعي قلة من أدركت معنى قصيدة النثر بناءً وإيقاعاً، وكاتب قصيدة النثر لابدّ له من التوفيق بين الخارجي والباطني، والوعي واللاوعي، المبدع هو من يجمع بينهما.. وينهي مؤلف “الدخول في مدار الياسمين” كلامه: “لا أستطيع القول إن وسائل التواصل الاجتماعي أساءت للأدب بشكل عام ولقصيدة النثر بشكل خاص وإنما سيفرض الأدب الجيد نفسه وسيسقط الرديء على الطريق” .
أهمية النص لا تختلف بتغيّر مكان النشر
طهران صارم عضو اتحاد الكتاب العرب ومسؤولة الإعلام في مجمع اللغة العربية ولها أربع مجموعات شعرية “لحن الغريب، بيدر فواصل، على مرمى رصاصة، ومن ثرثرات الحنين” ترى أن :”القصيدة هي القصيدة وشكل وأهمية النص لن يختلفان بتغيير مكان النشر أو طريقته وهنا أتحدث عن شكل وبنية النص النثري المتكامل سواء كان منشوراً ورقياً أو على وسائل التواصل أو على قرص.. ولكن بالنسبة لي تبقى نكهة النص أجمل على الورق، مع العلم أن الوسائل الإلكترونية تخدم الشاعر أكثر من ناحية الانتشار والوصول إلى أكبر عدد من القراء”.. وبالنسبة لسؤالنا عن جودة النص في ظل سهولة النشر حالياً على وسائل التواصل، تجيب صارم: “أنا أرى أن النص الجيد سيفرض نفسه وما عدا ذلك فالزمن كفيل بغربلته وأود أن أشير هنا إلى أهمية الذائقة الشعرية عند القارئ وقدرته على الفرز والتمييز.. وتضيف صارم: “ليس كل نص ينشر على وسائل التواصل هو شعر وعلينا ألّا نتهم قصيدة النثر نتيجة لوجود متطفلين على الشعر، فقصيدة النثر لها شروطها الفنية ولها بنيتها وموسيقاها وإن كانت تلعب في مساحة أوسع. ونحن نعلم حالياً أن معظم المؤسسات الثقافية الرسمية تميل للنشر الإلكتروني لتخفيف الأعباء المادية وهذا ليس عيباً”
بنيان القصيدة الناضجة واعٍ للتغيرات

الشاعرة سعاد محمد صاحبة ديوان “لغريب” وعضو اتحاد الكتاب العرب عن جمعية الشعر تعتقد أنه: ” في هذه الجلبة الإلكترونية، حيث السهولة تدغدغ رغبة كل من لديه تضخم عاطفي أن يسيل على صفحات التواصل المجانية في مجار أدبية غير مدروسة غالباً، علينا أن نتفق هنا أنه يجب الفصل بين قصيدة النثر الجديّة وبين المحاولات الكتابية الأخرى التي لم توظف مقدرات اللغة لبناء نص مكتمل وذي ملامح ناضجة، وأيضاً تلك التي تفتقد بالأصل لأدنى ملامح الموهبة”.. وترى مؤلفة “تيمناً بالورد” أن: “قصيدة النثر الناضجة غالباً ما يكون بنيانها واعياً للتغيرات البيئية الطارئة، فالكاتب هنا يراهن على مقدراته في استغلال أقاصي اللغة لينتج نصه الجيد، حيث إن رصيده الوحيد هو اسمه، والقصيدة هي ابنته التي سيحرص على كمال ظهورها كذاته!
فهو ذاته رقيب على نفسه وناقدها الأول، وبالتالي فهو ليس بحاجة لحامل خلبي لظهوره، فحين يكون المحمول واثقاً، لن يكترث لمغريات الانتشار السريع و المجاني, بل سيتعامل بالإيمان ذاته بأن الدأب والموهبة حاملان أمينان لنصه، فالحوامل الأدبية لنصه ستبقى أفراساً منقادة لمشيئة الفارس..
وترى صاحبة “عالٍ هذا السرج” أنه: “يجدر بنا الاعتراف بأن لهذا الفضاء الإلكتروني فضلاً كبيراً على الشعر عامة، ليس فقط على قصيدة النثر، فالشاعر هنا على تماس مباشر مع ذائقة قارئيه، بل هو يستعير وحيه من همومهم وأحاسيسهم، فتأتي القصيدة أكثر حيوية والتصاقاً بجمهورها”.. وتضيف محمد: “القصيدة الحية هي التي تعيش في زمان يتنفس أفكار أهله يوماً بيوم.. أما من ناحية شكل القصيدة فلم ألاحظ أي تغيير يذكر عليه”.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
الوزير الخطيب: القانون رقم 30 يهدف إلى حماية بنية الاتصالات من التعديات الوزير صباغ: إمعان الاحتلال في جرائمه ضد الشعب الفلسطيني يعبر عن سياسات إرهابية متجذرة لديه الجلالي يبحث مع أعضاء المجلس الأعلى للرقابة المالية صعوبات العمل ووضع حد لأي تجاوزات قد تحدث طلاب المعهد الصناعي الأول بدمشق يركّبون منظومة الطاقة الشمسية لمديرية التعليم المهني والتقني أجواء الحسكة.. عجاج فأمطار الأضرار طفيفة والمؤسسات الصحية بجهوزية تامة لمعالجة تداعيات العجاج انطلاق فعاليات أيام الثقافة السورية في حلب بمعرض للكتاب يضم ألف عنوان أين وصلت عمليات الترميم والتأهيل لمتحف معرة النعمان وماذا عن متحف حماة وقلعتها؟ بسبب العاصفة.. أضرار مختلفة في الشبكة الكهربائية باللاذقية الرئيس الأسد يصدر قانوناً يشدد الغرامات والعقوبات على كل أفعال التخريب أو سوء استخدام شبكة الاتصالات وبنيتها «وثيقة وطن» تشارك في أسبوع التأريخ الشفوي العاشر بالصين