وسائل إعلام صينية: بكين وموسكو لن تسمحا لواشنطن بتكرار الأزمة الأوكرانية في المحيط الهادئ

تشرين- شوكت أبو فخر:
تعمل الصين وروسيا، كدولتين حليفتين، معاً على تعزيز عالم متعدد الأقطاب، وتدعمان بإصرار نظام علاقات دولية، تشكل الأمم المتحدة جوهره، بل تنشدان نظاماً عالمياً يقوم على القانون الدولي، وهما في سبيل هذا الهدف، لا تعترفان بسياسة القوة الغاشمة ولا الهيمنة أحادية القطب.
وعلى ضوء هذه التوجهات، ومن خلال الدروس والخلاصات المستنتجة من الحرب الأوكرانية، فإن الدولتين لن تسمحا لواشنطن بإعادة إنتاج الأزمة الأوكرانية وخاصة في منطقة المحيط الهادئ.
وفي هذا المجال أكدت وسائل إعلام صينية أن جيشي الصين وروسيا سيواصلان التعاون من أجل تعزيز الاستقرار في تلك المنطقة.
يأتي ذلك بعد الإعلان عن تنفيذ روسيا والصين دورية جوية مشتركة جديدة في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، في هذا الخصوص أشارت وزارة الدفاع الروسية إلى أنه لأول مرة في سياق الدوريات الجوية المشتركة، هبطت طائرات روسية في مطار بالصين، وهبطت طائرات صينية في مطار في روسيا.
ونقلت صحيفة «غلوبال تايمز» الصينية، عن خبراء عسكريين صينيين أنه «من المتوقع أن تعمق الصين وروسيا تعاونهما العسكري في المستقبل، وبما أنهما لا تستهدفان أي دولة أخرى أو طرفاً ثالثاً، فإنهما ستعززان السلام والاستقرار في المنطقة والعالم وسط حالة من عدم اليقين، حيث تحاول الولايات المتحدة إعادة إنتاج الأزمة الأوكرانية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ بما فيها من موضوعات حساسة مثل قضية تايوان وقضية بحر الصين الجنوبي وقضية شبه الجزيرة الكورية.
وفي سياق ذي صلة بالمواقف المشتركة للبلدين،عدّ مندوب روسيا الدائم في المنظمات الدولية في فيينا، ميخائيل أوليانوف أن الصين وروسيا وإيران باتت تشكل «مثلثاً جديداً» في الدبلوماسية الدولية.
وكتب أوليانوف عبر «تويتر» إن «البعثات الدائمة للصين وإيران وروسيا أجرت مشاورات ثلاثية مثمرة حول القضايا ذات الاهتمام المشترك»، وتساءل: «ألا يبدو ذلك أنه مثلث جديد في الدبلوماسية متعددة الأطراف يضم الصين وإيران وروسيا؟».
وأضاف أوليانوف: هذه الصيغة «يمكن أن تتوسع بسهولة»، لأن هناك كثيراً من الدول «بل ربما معظمها» تؤيد وجود عالم متعدد الأطراف وتعارض محاولات إبقاء العالم أحادي القطب على قيد الحياة بأي ثمن.
ويرى محللون في قراءتهم للموقف الإيراني من الأحداث الدائرة أن ما بين طهران وواشنطن ما صنع الحداد وبالتالي فإن إيران تتعاطى مع واشنطن باعتبارها قوة غاشمة ومتدهورة، وتنظر في الوقت نفسه إلى روسيا والصين على أنهما أقطاب المستقبل للنظام الدولي، وأنه يجب أن يكون لإيران تحالف مع الزوج الأخير.
بالعودة إلى موقف واشنطن فإنها بلا شك تسعى بالتأكيد لعزل بكين، والضغط على موسكو، وكانت، أي واشتطن، تتوقع أن تنضم أوروبا إلى تحالفها لمناهض للصين، لكن هذا لم يحصل بالشكل الذي تريده واشنطن، كما نشهد بوضوح في الصراع في أوكرانيا، فقد دفعت أوروبا الثمن الباهظ لسياسة واشنطن تجاه روسيا، ولا تواجه الولايات المتحدة الغنية بالطاقة أي نقص في الغاز أو النفط على عكس شركائها الأوروبيين الذين يكافحون لتلبية متطلباتهم، ما يؤدي إلى استياء الرأي العام.
ويبدو الانقسام والتململ واضحين، في صفوف المعسكر الغربي، ويمكن رؤية بعض الإجراءات الأوروبية التي تكتشف عمق الانقسامات بخصوص العلاقات والعقوبات على كل من روسيا والصين، حيث رفعت هولندا بالفعل بعض العقوبات عن موسكو لتخفيف الضغط على اقتصادها وأشارت إلى أنها ستتواصل مع الصين أيضاً.
وقالت وزيرة التجارة الخارجية الهولندية ليسجي شرينيماخر: لن تتبع هولندا الإجراءات الأمريكية تماماً، كما أشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى أنه سيزور الصين في بداية العام الجديد في محاولة لإعادة تقويم العلاقات بين باريس وبكين، ما يظهر شرخاً آخر في المعسكر الغربي ضد بكين، ويعدّ بيان ماكرون في هذا السياق مؤشراً آخر على تزايد الخلافات حول سياسة الغرب تجاه الصين.
من بين أمور أخرى، يبدو أن ألمانيا هي الخاسر الأكبر في المعسكر الغربي، مع انقطاع إمدادات الغاز من روسيا، أكبر مورد لألمانيا قبل حرب أوكرانيا، تواجه برلين أزمة طاقة غير مسبوقة أثرت بشكل كبير في أكبر اقتصاد في أوروبا، ما دفع البلاد إلى حافة انتكاسة مالية، ووفقاً للخبراء، ربما يكون الاقتصاد الألماني دخل بالفعل في فترة ركود، وتشير بعض المؤشرات إلى أنه سيستمر في الانكماش أكثر في العام المقبل.
العالم اليوم إزاء مخاض، وبات من الواضح أن العالم كله دفع وسيدفع التكاليف، ولاسيما في إطار بنية جديدة للنظام الدولي الذي أصبح ينأى بنفسه لصالح التحديات الاقتصادية والتنموية التي تحتاجها الشعوب اليوم، تزامنا مع حقيقة بروز القوى الصاعدة في مواجهة الغرب، سواء على صعيد التكتلات السياسية أو الأندية الاقتصادية التي أصبحت تُبلور نظاماً دولياً جديداً يؤسس لعالم متعدد الأقطاب.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
اتحاد الكتاب "فرع اللاذقية" يحيي مع مؤسسة أرض الشام ندوة عن المرأة السورية ندوة فكرية ثقافية عن "النقد والنقد الإعلامي" في ثقافي أبو رمانة السفير الضحاك: سياسات الغرب العدائية أضرت بقدرة الأمم المتحدة على تنفيذ مشاريع التعافي المبكر ودعم الشعب السوري مؤتمر جمعية عمومية القدم لم يأتِ بجديد بغياب مندوبي الأندية... والتصويت على لا شيء! الرئيس الأسد يؤكد خلال لقائه خاجي عمق العلاقات بين سورية وإيران وزير الداخلية أمام مؤتمر بغداد الدولي لمكافحة المخدرات: سورية تضطلع بدور فعال في مكافحة المخدرات ومنفتحة للتعاون مع الجميع الرئيس الأسد يؤكد لوفد اتحاد المهندسين العرب على الدور الاجتماعي والتنموي للمنظمات والاتحادات العربية عقب لقائه الوزير المقداد.. أصغير خاجي: طهران تدعم مسار الحوار السياسي بين سورية وتركيا العلاقات السورية- الروسية تزدهر في عامها الـ٨٠ رئاسيات أميركا ومعيارا الشرق الأوسط والاقتصاد العالمي.. ترامب أكثر اطمئناناً بانتظار البديل الديمقراطي «الضعيف».. وهاريس الأوفر حظاً لكن المفاجآت تبقى قائمة