لماذا يتأخر توريد السكر؟.. خبير يتهم «التموين».. وتاجر يشكو القلة.. و«حماية المستهلك» تطالب بـ«تنويع المستوردين»
تشرين – لمى سليمان:
“لا تحلّيها زيادة” أيها المواطن، فليس لدينا ما يكفي من السكر! كان من الأجدر أن تُطلق هذه الحملة ممن كانت لهم اليد الطولى في اختناقات السكر ونقص كمياته. بالفعل ما كان ينقص مرارة أيام المواطن إلّا فقدان السكر! تكهنات و تصريحات لن تحلي كأس علقم الغلاء والانقطاعات المتكررة لبعض المواد ومعاناة الأمرّين لإيجادها. من المسؤول عن غياب السكر من الأسواق؟ نقص التوريدات أم ارتفاع سعر القطع الأجنبي، أم غياب المعايير المدروسة وخطط تأمين السلع؟
أسئلة كثيرة توجهنا بها إلى وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك وتحديداً لمدير المواد والمكتب الصحفي في الوزارة منذ أكثر من أسبوع ولم ننجح في الحصول على الإجابات الشافية، ما دفعنا للتواصل مع المعنيين بالموضوع على الارض من خبراء وتجار وجمعية حماية المستهلك.!
فيجيب عنها الخبير الاقتصادي عامر شهدا مبيناً لـ “تشرين” أنه من المفترض أن يتم تأمين القطع الأجنبي لمستورد السكر بفترة انخفاض أسعار البورصة لكي يتمكن من التسجيل على كميات كبيرة من المادة ليتجه بدوره إلى المصرف المركزي ويطلب تأمين المبلغ لاستيراد السكر، وبعد أن يرتفع سعر السكر، يصبح المستورد غير قادر على شراء السكر ويضطر لانتظار انخفاض السعر ليتمكن من الشراء، وفي الوقت الذي يستغرقه السكر للوصول يكون السعر العالمي قد تضاعف ويضطر لبيعه بالسعر الحالي ليربح بفرق السعر.
تأخر وصول السكر وارتفاع سعره عالمياً.. يدفع التاجر لزيادة سعره
ويؤكد شهدا أن هناك شحاً في موارد القطع الأجنبي يعود سببه لعدم النجاح في توفير أقنية لتأمين موارد القطع، إذ كان من المفترض أن يتم تأمين القطع الأجنبي داخلياً من خلال التصدير الحقيقي وليس بالاعتماد على الحوالات الخارجية.
ليست حلاً
أما بالنسبة لمنصة التسجيل على القطع الأجنبي، فيوضح شهدا أنها ليست حلاً ناجعاً، و كان الاقتراح بتشكيل قاعة مزودة بمناضد إلكترونية لشراء القطع و بذلك لا يعطي فرصة للسوق السوداء للتدخل و قوبل هذا الاقتراح بالرفض، ما أدى بالأمر إلى ما هو عليه الآن، وبالطبع فإن المستورد لن يطلب السكر من دون تأمين القطع الأجنبي وبانخفاض سعر السكر عالمياً.
ويتساءل شهدا: أين السيناريوهات التي وضعت من أجل تخفيف الاختناقات وسهولة انسياب السلع وتوفرها؟ وهل هناك من استراتيجية واضحة لتخزين المواد ليتم بعد ذلك توزيعها بالشكل المناسب؟ وأين الرؤية المستقبلية بالرغم من المعرفة الكبيرة لآثار الحرب الروسية – الأوكرانية وما قد تحمله من تبعات؟
وماذا عن إدارة المخازين والإحصاء وحساب الكميات اللازمة و كمية الاستهلاك؟ حتى الآن ليس هناك حساب إحصائي صحيح للكميات التي يحتاجها الناس من السكر ومازال احتساب الحاجات الأساسية للبلد استناداً لإحصاءات المركز الإحصائي من العام 2006 !! أين إذاً ما يسمى هندسة حساب الكميات و الهندسة المالية لهذه الكميات؟
ليس هناك حساب إحصائي صحيح لاحتياجاتنا من السكر
و لماذا تأخر توريد السكر ؟، ليبين شهدا أن إيقاف التوريد دليل واضح على احتكار الاستيراد من قبل أقلية فقط، و حصر استيراد السكر لصالح أشخاص و لربما شخص بسجلات تجارية عدة سيؤدي بالتأكيد إلى نقص المادة في الأسواق لأن التوسع الأفقي في توريد السكر يؤدي إلى توفره بشكل أكبر.
من المسؤول ؟
ولدى سؤال أحد مستوردي المواد الغذائية عن كمية السكر التي تم استيرادها مؤخراً، أشار إلى أننا لا نستورد السكر سواء الخام أم المكرر، وهناك مستوردان اثنان للسكر الخام في سورية و الأمر متعلق بهما و يبقى علينا فقط مهمة توزيع السكر حالما يصل من مصنعي التكرير بمعنى؛ (باعونا منوزع ..ما باعونا ما منوزع) و نحن الآن مستمرون في التوزيع و لكن الكميات لدينا قليلة جداً.
خمسة مصانع
أما أمين سر جمعية حماية المستهلك عبد الرزاق حبزة فقد بيّن لـ”تشرين” أن هناك 5 مصانع لتكرير السكر في سورية، و لكن خلال الأزمة توقفت جميعها ماعدا سلحب ومن ثم تم تجهيز معمل مسكنة بخبرات وطنية، وبالرغم من أننا نستورد السكر الخام (الأحمر) ليعاد تكريره وتوزيعه، إلّا أن ذلك لم يعد ملبياً لحاجات الاستهلاك المحلي لذلك هناك فكرة باستيراد السكر الأبيض مباشرة عبر الموردين.
أين السيناريوهات التي وضعت من أجل تخفيف الاختناقات وسهولة انسياب السلع وتوفرها؟
وحسب حبزة كانت هناك قفزات في سعر السكر تبعاً لدراسة بيانات التكلفة مع التجار الموزعين بارتفاع سعر الصرف و بسبب قلة الكميات المتوفرة لدى “السورية للتجارة” لسد حاجات البطاقة الذكية إضافة إلى تكلفة الشحن والنقل، ما اضطر المستهلك إلى الشراء من (السورية للتجارة) بالسعر الحر الذي نتج عنه تخفيض الكميات إلى 2 كيلو لكل عائلة و قلّت الكمية المتواجدة أيضاً ما سبّب شحاً للمادة بالنسبة للمواطن، واللجوء إلى الموزعين بالمفرق الذين بدورهم عمدوا إلى تقنين المادة وعدم طرحها في السوق لنقص الكميات المتوفرة لديهم ما أدى إلى ضعف انسيابية المادة في السوق وارتفاع سعرها.
وتحدث حبزة عن مصنع جديد لتكرير السكر قيد الإنشاء لكون الأفكار بشأن استيراد السكر الأبيض ما زالت متضاربة و لم يتم إقرارها حالياً. كما أن هناك تأخيراً من قبل شركات الصرافة في تحويل المبالغ التي أودعها التجار لتحويلها للقطع الأجنبي و من ثم تحويلها إلى الشركات الموردة لشراء المادة، و التأخير هذا يؤدي إلى فرق في سعر الصرف ومطالبة التاجر بالفرق، وبالتالي الارتفاع في سعر المادة لتذبذب سعر الصرف .
توريد 15%
وطالب حبزة بتوسيع شريحة المستوردين وعدم الاكتفاء بالمستوردين الحاليين، وكذلك إعطاؤهم التسهيلات اللازمة لاستيراد المادة عبر وضع خطط مستقبلية بتحديد الكميات المستهلكة والمخازين الباقية حسب البيانات الموجودة في وزارة التموين، إضافة إلى تأمين كميات لـ(السورية للتجارة) عبر إلزام المستوردين لمادة السكر بتوريد نسبة 15% من الكميات المستوردة لصالح (السورية للتجارة) لتتمكن من طرحها بالسعر المحدد من قبل وزارة التجارة الداخلية سواء عبر البطاقة الذكية أم بالسعر الحر، ويجب على وزارة الاقتصاد القيام بمحاصصة التجار على مادة السكر لتأمينها للمواطن والحد من تقنينها ورفع سعرها بما يفوق القدرة الشرائية للمواطن .
كما طالب بتشجيع الفلاحين وإعطائهم التسهيلات الممكنة لزراعة الشوندر السكري وتسليمه إلى معملي سلحب و مسكنة، و تأهيل معامل القطاع العام لتكرير السكر الخام لتدخل في دورة الإنتاج.