“شالاتها” لوحات عالمية.. هيام سلمان: شغفي يتحول يوماً بعد يوم إلى نمط حياة
تشرين – باسمة إسماعيل:
لوحات فنية لم تميزها الألوان والأفكار فحسب، بل الأسلوب والتقنية، رغم أنها موجودة في التراث، لكنها لم تكن مطروقة بالفن كثيراً، أحيت روحها الفنانة التشكيلية هيام سلمان من قصاصات قماش لوحات تحاكي الواقع، وتحيي تراث الجدات، لوحات يبدو للوهلة الأولى للمتلقي أنها رسمت بالألوان، حملتها مخزونها الهائل ورؤاها وأفكارها الباحثة في عوالم النفس الإنسانية، بأسلوب تفردت به بطريقة تعاطيها مع القماش بعيداً عن التقليد والاستنساخ، وبروح محلقة ومبدعة كسرت الجمود، لتطلق فكرتها إلى فضاءات وعوالم جديدة.
وعن تجربة الفنانة والإغواء الذي جعلها تحول القماش إلى لوحات ومن ثم تصبح “شالات” تحدثنا قائلة: لوحاتي من القماش تتجمع فيها البقايا بألوان وتصاميم متنوعة، تتمايز وتتألق برائحة ريفية تنثر عبقاً في الأجواء، وبين الإبرة والخيطان الملونة تاريخ نساء أغوتني عوالمهن المغرقة بالقدم لألج في خضم بحر من التجريب، لتكون لوحاتي القماشية شغفاً يتحول يوماً بعد يوم إلى نمط حياة.
وتابعت: ولأن عبق التراث يجتذب كل مهتم بالجمال والأصالة، استطاعت لوحاتي القماشية أن تصل إلى السيدة يوكي ياسودا مديرة مشروع “يدي” في اليابان، الذي من أهم أهدافه دعم النساء في مناطق تعرضت إلى الحروب، ودعم منتجاتهن الفنية أو اليدوية، التي تعكس ثقافة بلدانهن، لتختار خمسة من أعمالي الفنية كي تتحول إلى “شالات” غاية في الجمال، ولم أتردد بقبول العرض لأنه ، فور عرض المشروع علي، تبادرت إلى ذهني صورة الشال الجميل الذي أمتلكه للوحة للفنان بيكاسو ، وشال آخر تمتلكه صديقة عزيزة علي للفنان رينوار. كما أغوتني فكرة لوحة تتحول إلى شال، وتصبح بمتناول اليد، وتغطي الرأس، وتنسدل على الكتف، وتحيط بالعنق وتتدلى على الصدر، ما اجمل هذا.. وافقت فوراً وبلا تردد، وتحولت اللوحات التي نهلت من نبع التراث تقنيتها المشغولة ببقايا أقمشة مهملة، وباستخدام الإبرة والخيطان الملونة.. ثمّ لتعود السيدة يوكي مرة أخرى وتطلب لوحات جديدة، من أجل إقامة معرض فني خاص بأعمالي القماشية، تنتقيها بعناية /متنوعة الموضوعات- صغيرة الأحجام/ ، وكان المعرض الأول في نيسان والثاني في أيلول وتبعه ثالث في جامعة طوكيو في تشرين الأول 2022.. وأثناء تلك الفترة كنت أعمل على تدريب السيدات من خلال دورة خاصة على كيفية صناعة مشغولات قماشية من بقايا الأقمشة المهملة، وبدأت المنتجات الجميلة تتنوع بين أيديهن المبدعة (جيابيات- نزالات- حقائب يد صغيرة مزينة بلوحاتهن الخاصة والمميزة)، وعند انتهاء دورة الأعمال اليدوية قدمت لهن الفرصة لعرض هذه المنتجات ضمن معرض الأعمال اليدوية في مهرجان”أرسم حلمي” التشكيلي السابع الذي أقمناه مؤخراً، لتكون تجربتهن الأولى في التواصل مع الجمهور، وتسويق تلك الأعمال داخل سورية، بعد أن تم اختيار حقيبة لكل سيدة منهن لإرسالها إلى اليابان، لعرضها خلال الفترة القادمة ضمن معارض أعمال يدوية وتسويقها، ما شكل لهن دافعا كبيرا للعمل على المزيد من تلك المنتجات الجميلة، ودعم أسرهن بمردود مالي، إضافة إلى قضاء أوقاتهن في ممارسة عمل فني ممتع ومبتكر بأدوات تقليدية تراثية.
وعن مهرجان” أرسم حلمي” التشكيلي السابع الذي أقيم مؤخراً في دار الأسد للثقافة باللاذقية، أشارت إلى أن هذا المهرجان تقليد سنوي للجمعية التي تبنته منذ تأسيسها عام 2010، لاكتشاف المواهب وتنميتها في المجتمع، وإتاحة الفرصة للمهتمين بالفن وجماله للتعبير عن أنفسهم، وكل ذلك إيماناً بأن الفن روح الإنسان في كل مراحله، وطريقة راقية للتعبير عن هذه الحياة، فالفنان بالنسبة لي ليس مَن يرسم ويصور الأشياء بقدرات احترافية، لكنه ذاك الحر الذي يستطيع أن يقدم نفسه ضمن عمله الفني، بجمالية ورهافة وعشق يتجاوز اللوحة إلى عمقها.