دوهان: الإجراءات القسرية المفروضة على سورية ترقى لجرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية
تشرين – هبا علي أحمد:
حثّت المقررة الخاصة للأمم المتحدة، إلينا دوهان، المعنية بإعداد تقرير خاص حول أثر الإجراءات القسرية التي تفرضها بعض الدول على سورية على رفعها فوراً، محذرة أنها تزيد وتطيل من أمد الدمار والمعاناة اللذين يواجههما الشعب السوري منذ عام 2011 ، وترقى إلى مستوى جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية، داعية الولايات المتحدة الأميركية لإلغاء حالة الطوارئ القومية الخاصة بسورية.
وفي مؤتمر صحفي عقدته اليوم في فندق الفورسيزن، أثناء زيارتها لسورية التي استغرقت 12 يوماً، قدمت دوهان معلومات مفصلة عن الآثار الكارثية للعقوبات أحادية الجانب في جميع مناحي الحياة في البلاد، قائلة: الإجراءات القسرية أحادية الجانب المفروضة على الشعب السوري تؤثر سلباً على حقوق الإنسان، وتمنع أي جهود للتعافي المبكر وإعادة البناء والإعمار، مضيفة: لا يمكن تبرير انتهاك حقوق الإنسان الأساسية بالحديث عن النوايا “الحسنة” للإجراءات الأحادية الجانب، داعية المجتمع الدولي الالتزام بالتضامن وتقديم المساعدات للشعب السوري.
ولفتت دوهان إلى أن هذه الإجراءات تؤثر سلباً على الوضع الاقتصادي والمعيشي في سورية، وتضع الشعب السوري أمام تحديات كبيرة، فالنمو الاقتصادي ارتفع في البلاد حتى 2010 إلى 7% ولكن الحرب والعقوبات، انعكست بشكل كارثي وحدت من قدرة الحكومة على القيام بمهامها في تلبية احتياجات السكان، مشيرة في الوقت ذاته إلى العقوبات على خزانات الوقود وناقلات الوقود الذي أدى إلى انخفاض حصة الأسرة السورية من مازوت التدفئة، مشيرةً إلى أن هناك مناطق تعاني نقصاً شديداً بالموارد والاحتياجات ما يشكل تحدياً أمام الحكومة.
وبيّنت دوهان أن العقوبات حدّت أيضاً من قدرة الدولة على إعادة الإعمار وإنشاء المشروعات الضرورية في ظل النقص الحاد في الكهرباء والوقود والمياه والغاز من جراء هذه العقوبات، مشيرة إلى أن سورية كانت تنتج 10 آلاف ميغا واط من الكهرباء سابقاً والآن تنتج ألفين فقط ومعظم حقول النفط ليست تحت سيطرة الحكومة، كما لفتت إلى أن تركيا تمنع جزءاً كبير اً من حصة سورية من المياه من التدفق في نهر الفرات ما أدى إلى نقص مياه الري وانتشار الكوليرا.
وفي الجانب الصحي، أوضحت دوهان أن الإجراءات الأحادية الجانب منعت تقديم الخدمات الصحية، ما أثر سلباً على المرضى إلى جانب نقص في التجهيزات الطبية، لافتة إلى وجود 118 وحدة غسيل كلية لا تعمل بسبب عدم وجود قطع غيار مع ارتفاع تكلفة الخدمات الطبية.
كما أشارت دوهان إلى أن الإجراءات الأحادية الجانب أدت أيضاً إلى انخفاض مدخلات الإنتاج الزراعي، مبينة أن سورية كانت تصدر القمح والآن باتت تستورده.
وحثّت دوهان إلى الإفراج عن كل أصول المركز المصرفي السوري، داعية الأمم المتحدة إلى عدم الخضوع لمثل هذه الإجراءات الأحادية الجانب والدول والمنظمات إلى إيصال المساعدات الإنسانية إلى كل أنحاء سورية.
وفي بيانها حول مجمل الزيارة إلى سورية وزع على الصحفيين، قالت دوهان: لقد صُدمت عندما شاهدت الأثر الهائل واسع النطاق للتدابير القسرية أحادية الجانب المفروضة على سورية على حقوق الإنسان والوضع الإنساني إضافة إلى مدى العزلة الاقتصادية والمالية الكاملة لبلد يكافح شعبه لإعادة بناء حياة كريمة بعد حرب امتدت لعقد من الزمن.
وأفادت دوهان بأن هناك محدودية بالوصول إلى الغذاء والمياه والكهرباء والمأوى ووقود الطهي والتدفئة والمواصلات والرعاية الصحية، محذرة من أنَّ البلاد تواجه نزيفاً هائلاً للأدمغة نتيجةً لتزايد الصعوبات الاقتصادية
وأضافت: مع تدمير أكثر من نصف البنية التحتية الحيوية بالكامل أو تضررها بشدة، أدى فرض عقوبات أحادية الجانب على القطاعات الاقتصادية الرئيسية، بما في ذلك النفط والغاز والكهرباء والتجارة والبناء والهندسة، إلى القضاء على الدخل الوطني وتفويض الجهود نحو التعافي الاقتصادي وإعادة الإعمار.
وفي ظل الوضع الإنساني المأساوي الحالي والمستمر بالتدهور، حيث يعاني 12 مليون سوري من انعدام الأمن الغذائي، دعت دوهان إلى الرفع الفوري لجميع العقوبات الأحادية الجانب التي تضر بشدة بحقوق الإنسان وتمنع أي جهود للتعافي المبكر وإعادة البناء والإعمار.
كما تناولت المقررة الخاصة قضايا أخرى تُظهر التأثير السلبي متعدد الأوجه للعقوبات، بما في ذلك التعاون الدولي في مجالات العلوم والفنون والرياضة والحفاظ على التراث الثقافي الوطني وإعادة القطع الأثرية الثقافية والوصول إلى التقانات الجديدة والفضاء السيبراني ومنصات المعلومات عبر الانترنت في مجال مكافحة الجريمة والأمن الإقليمي الدولي، فضلاً عن قضية الأصول المجمدة بالقطع الأجنبي للمؤسسات المالية السورية والكيانات الأخرى.
وأضافت دوهان: أحث المجتمع الدولي والدول التي تفرض عقوبات على وجه الخصوص إلى الانتباه للآثار المدمرة للعقوبات واتخاذ خطوات فورية وملموسة لمعالجة الامتثال المفرط من قبل الشركات والمصارف وفقاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان.
والتقت الخبيرة التابعة للأمم المتحدة خلال زيارتها بممثلين عن المؤسسات الحكومية الوطنية والمحلية، والمنظمات غير الحكومية، والجمعيات والجهات الفاعلة الإنسانية والشركات ووكالات الأمم المتحدة، والأوساط الأكاديمية والشخصيات والمنظمات الدينية، فضلاً عن المجتمع الدبلوماسي، كما قامت بزيارة إلى جانب العاصمة دمشق مدينة حمص وريف حمص وريف دمشق.
وسيتم تقديم التقرير إلى مجلس حقوق الإنسان في أيلول 2023 وفق دوهان، موضحة أن سبب ذلك إجراءات معيارية يجب اتخاذها قبل التقديم.
تصوير: يوسف بدوي