متى يتوقف عداد الاستهلاك؟

أحد الأفران في دمشق مازال يحافظ على جودته بإنتاج الرغيف منذ تأسيسه ولكوني قريبة من الفرن كنت حريصة على شراء ربطة من أحد الباعة أمام الفرن، وبجانبي كانت سيدة تقول لصديقتها: “معقول والله نسيت إنو اليوم ما بحقلنا ناخد خبز.. يلا بشتري من الباعة أمام الفرن”.

اقتربت منها بفضول الصحفي وسألتها: لماذا لا يحق لك أن تشتري خبزاً يوم الإثنين؟

قالت: هناك جدول لتوزيع الخبز للأسر ونحن يوم الإثنين لا يحق لنا.. تساءلت بقرارة نفسي لماذا؟

الظرف صعب نعم، وإدارة النقص مطلوبة ولابدّ منها وهذا نفهمه على المستوى الاستراتيجي، إلّا أننا لا نستطيع أن نتجاهل ” الرّض” الذي يشعر به المستهلك عندما يضطر لإخضاع احتياجاته المصيرية لخطط وبرامج قد لا تكون هي المثلى في رحلة إدارة النقص، والاستسلام لعدادات التقنية الصماء، التي لا تعرف العواطف ولا التعاطف، لإحصاء عدد الأرغفة واللقيمات، و نحن بلد الخير وإكرام الضيف.. صعب على الجائع أن يستوعب أنه يحق للفرد باليوم ثلاثة أرغفة أو ربما أقل، أي هناك عداد للاستهلاك.

كذلك الأمر هناك عدادات لحساب كم ليتر مازوت للتدفئة فقد كانت ٢٠٠ ليتر صارت ٥٠ ليتراً ولكل أسرة  جرة غاز كل ٣ أشهر وهكذا أيضاً “كم” كيلو سكر أو رز يحق لك في الشهر وتحصل عليها كل ثلاثة أشهر وربما لا تصلك الرسالة.

البطاقة الإلكترونية تتحكم بالاستهلاك عبر ما تتم تغذية المحتوى من إحصائيات ووفق الوفرة المتاحة.. صحيح أن هناك حصاراً جائراً وهناك ضرورات، لكن” الرض” الذي نتحدث عنه يأتي من المفارقات العسيرة على الهضم.

نسلّم بضرورة إدارة النقص، ونسلّم بإملاءات الظرف الصعب، لكن أن تكون كل هذه المواد متوفرة وبكثرة بالسوق السوداء، فهنا المشهد الذي يترك الريبة تأكل المواطن، ويذهب للتسليم بتقاعس الجهات المعنية عن تأمين مستحقاته،

دائماً ترتفع الأسعار باتجاه بوصلة التجار ودخل المواطن مجمد لا أحد يقارن قوته الشرائية مع هذا الغلاء الفاحش.

نحسب ونحصي عدد اللقيمات والأرغفة وبالمقابل ترتفع الأسعار حتى لا يخسر المستورد أو التاجر أو صاحب وسيلة النقل، أي الحلول من جيب المواطن لمصلحة التاجر.

المخازن ستفرغ إذا لم نعتمد على الزراعة المحلية، ونشغل معاملنا، ونشجع الصناعيين والمنتجين..

سورية بلد الخير وإنتاج البلد سيحقق لنا الاكتفاء الذاتي.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار