مزارعو التفاح يقتلعون أشجارهم ويتحولون إلى زراعات بديلة.. والسبب الأسعار وادارة السوق
تشرين- باسمة اسماعيل:
خيبة جديدة يصاب بها مزارعو التفاح في محافظة اللاذقية بعد تسعير كيلو التفاح بما لا يتماشى مع تكاليف الإنتاج، واقع الحال هذا جعل مَن كان متردداً باقتلاع جزء كبير من أشجار التفاح يتوجه لزراعات أخرى كالتبغ والقمح.
عدد من المزارعين قالوا لـ«تشرين»: إن وفرة إنتاج التفاح هذا الموسم لم تكن مجزية بالأسعار بل مخيبة لنا، إذ بالكاد غطت تكاليف مستلزمات الإنتاج مع هامش ربح لا يذكر، بسبب التسعيرة التي طرحت من الجهات المعنية، التي لا تتناسب مع تكاليف إنتاجه، متسائلين: هل من المعقول أن توضع تسعيرة كهذه، علماً أن تكلفة إنتاج كيلو التفاح ما بين/ ١٠٠٠ – ١٥٠٠/ ليرة، حيث تم تسعير كيلو النخب الأول بـ ١١٠٠ ليرة، والثاني بـ ٩٠٠ ليرة، والثالث بـ ٦٠٠ ليرة.
وأضاف المزارعون: لماذا هذا التغاضي عما يعانيه الفلاح من تأمين السماد من السوق السوداء بسعر ٣٠٠ ألف لليوريا، وغلاء أسعار الأدوية الزراعية، ناهيك بعدم فاعلية هذه الأدوية الزراعية، واضطرارنا لمضاعفة الرشات لمكافحة الأمراض، إضافة لغلاء أسعار الحراسة والأيدي العاملة، وتابعوا بحسرة: اقتلاع شجرة بالأمر السهل على الفلاح، لكن أصبح ينطبق علينا المثل “ما بين حانا ومانا ضاعت لحانا”، فكلا الأمرين مرّ، الاستمرار أو اقتلاع الأشجار، خاصة بالنسبة لمن تشكل المواسم الزراعية مصدر رزقهم الوحيد.
وقال المزارعون: الكثيرون اعتكفوا أو باعوا قسماً ضئيلاً لـ«السورية للتجارة» بالتسعيرة التي حددتها، فيما باع القسم الأكبر للتجار رغم استغلالهم التسعيرة التي طرحت لكنها كانت أوفر لنا، لتكفلهم بشراء المحصول كاملاً بكل أصنافه ومن دون أن يتحمل الفلاح أعباء اليد العاملة وأجور النقل وغيرها، وبعض الفلاحين باع بشكل مباشر بالبازار، مدللين بأن التاجر اشترى التفاح ما بين ٦٠٠ – ١٨٠٠ ليرة حسب النوع، والصنف الثالث ما بين ٦٠٠- ٨٠٠، والصنف الثاني ما بين ٨٠٠- ١٠٠٠، والصنف الأول ما بين ١٢٠٠- ١٧٠٠ ليرة.
وتساءل المزارعون: لماذا يتركون التسويق الأكبر للتجار، علماً أنهم يقومون بتخزينه وبيعه لاحقاً بضعفي ثمنه، فلماذا لا يكون الدور والاستفادة الأكبر للجهات الرسمية، مؤكدين أن الأمور غير مشجعة، وتمنوا ألا يصلوا إلى التدفئة من أخشاب أشجار التفاح بدلاً من التفيؤ بظلها.
بدوره، أوضح مدير زراعة اللاذقية المهندس باسم دوبا لـ«تشرين» أن الزراعة تحفظت على تسعيرة استجرار التفاح خلال اجتماع اللجنة المختصة في المحافظة، بوصفها أقل من تكلفة إنتاج كيلو التفاح، وتتسبب بخسارة للفلاح، مشيراً إلى أن تكلفة إنتاج كيلو التفاح /٢٢٥٢/ ليرة يشمل الإنتاج والتسويق، و /١٦٦٥/ ليرة من دون تكاليف التسويق.
من جهته، بيّن رئيس اتحاد فلاحي اللاذقية أديب محفوض أن موسم التفاح هذا العام كان جيداً بسبب الظروف المناخية التي حصلت، لكن هذه الوفرة لم تأتِ على الفلاح بربح يتناسب مع تعبه والتكاليف، بل كانت عبئاً فيما يتعلق بتصريفه ولو بخسارة، موضحاً أن كمية الإنتاج بلغت نحو /٣٠/ ألف طن، وتتركز الزراعة في بشراغي وبشيلي في ريف جبلة والحفة وكسب وصلنفة في ريف اللاذقية.
وأضاف محفوض: الأسعار التي طرحتها الجهات المعنية مجحفة وغير منصفة للفلاح، الصنف الاول ١١٠٠، الثاني ٩٠٠، الثالث ٦٠٠ ليرة ومن ثم أضافوا مئة ليرة إلى الصنف الأول الأحمر، علماً أن هذه الأسعار لا تمت للواقع بصلة، في ظل ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج بشكل غير معقول من أسمدة وأيضاً عدم توفرها في المصارف الزراعية، وكذلك شراؤها من السوق السوداء، وأسعار الأدوية والحراسة واليد العاملة، والعبوات البلاستيكية أو الفلين وأجور النقل، وأيضاً إذا ما قارنا هذه الأسعار مع الدراسة التي قدمتها مديرية زراعة اللاذقية عن تكلفة إنتاج كيلو التفاح بـ / ٢٢٥٢/ ليرة.
وتابع: خلال اجتماع اللجنة الخاصة بتحديد التسعيرة تحفظنا على التسعيرة بوصفها غير مناسبة لكننا لم نصل إلى نتيجة، وصدرت التسعيرة رغم تحفظنا عليها، إضافة لمديرية الزراعة.
وبيّن محفوض أنه خلال لقاءاته مع الكثير من الفلاحين أكدوا له أنه إذا استمر واقع الحال على ما هو عليه فسوف يضطرون لإزالة أشجار التفاح والتوجه إلى زراعات بديلة، وأضاف: أرى أن هذا الأمر جديّ من الفلاحين، وما منوا به من خسارة هذا العام سيشجعهم على ذلك.
أما بالنسبة للتسويق، فقال محفوض: لم تستطع (السورية للتجارة) أن تفي بغرض التسويق المطلوب منها، وأن تكون داعمة للفلاحين خاصة عند تدني الأسعار، لكننا رأينا العكس حيث أصبحت تسعى للربح أكثر من التاجر، متسائلاً: كم يباع كيلو التفاح في صالات (السورية للتجارة)؟.
بدوره، قال مدير فرع المؤسسة السورية للتجارة في محافظة اللاذقية المهندس سامي هليل: دخلت المؤسسة هذا العام إلى أماكن إنتاج التفاح عبر جولات من مهندسين قبل بدء القطاف للوقوف على وضع المحصول نوعاً وكماً، خاصة ريف صلنفة حيث الإنتاج الأكبر في المحافظة، ولكون تفاح كسب قابليته للتبريد ضعيفة.
وأضاف: بدأنا بتسويق التفاح عند صدور التسعيرة الوزارية لمختلف أصناف التفاح في مناطق الإنتاج، وقد تم توزيع نحو /١٥/ ألف صندوق على مناطق الإنتاج في صلنفة وكسب، أما قريتا بشراغي وبشيلي في ريف جبلة فلم يتم توزيع صناديق فيهما، إذ تواصل معنا بعض المزارعين من قرية بشراغي لكنهم طالبوا بسعر أعلى من تسعيرة الشراء، ونحن ملتزمون بالتسعيرة الوزارية، علماً أن تفاح هاتين القريتين جيد، بينما لم يتواصل معنا أي مزارع من قرية بشيلي.
وأكد هليل استمرار العملية التسويقية، وأن الأسعار لاقت رواجاً كبيراً من الكثير من المزارعين، بدليل أنه حتى تاريخه تم تسويق / ٢٥٠/ طناً، وهذا التسويق من المؤسسة لم يتم خلال السنوات الثلاث السابقة، مضيفاً: هدف التسويق التدخل لرفع السعر، وبمجرد دخول المؤسسة ارتفعت الأسعار من التجار وعروضهم للمزارعين، وهو لب التدخل الإيجابي وهدفه، حيث إن المؤسسة لا تستطيع شراء كامل المحصول.
أما بالنسبة لما يقوله البعض في اتحاد الفلاحين بأن هدفنا ربحي وتساؤلهم عن أسعار التفاح في (السورية)، فقال: للعلم والتوضيح أن هذا التفاح الذي نسوقه حالياً تخزيني، حيث نقوم بتخزين التفاح ليبقى موجوداً طوال العام، ونضع عليه تكاليف التبريد وليس ربحاً، هدفنا إعطاء الفلاح سعراً مجزياً واستمرار وجود التفاح للمستهلك خلال الأشهر القادمة بسعر مقبول وأقل بـ٢٥ % من السوق.
وبيّن هليل أنه منذ بداية الشهر وسعر التفاح في صالاتنا بفرع اللاذقية يتراوح بين /٨٠٠- ١٥٠٠/ ليرة حسب الصنف والنوع، وتم دعم الفلاح بتقديم الصناديق المجانية له وتوفير أجور النقل و(كمسيون) سوق الهال حيث توازي ٦٠٠ إلى ٧٠٠ ليرة توفيراً على المزارع بكل كيلو غرام، والمؤسسة قامت بمجهود مضاغف، حيث قامت لجان من المؤسسة بتوزيع الصناديق بناء على طلب المزارعين من دون تدخل أي جهة أخرى، الأمر الذي حقق عدالة توزيعية وارتياحاً للمزارعين، مؤكداً أن التسعيرة تم تحديدها بشكل مركزي من وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك.