أحلام ملونة..
عندما نتحدث عن مرحلة أقل ما نسميها (ذهبية) مرّ بها اقتصادنا الوطني , هي المرحلة التي حققنا فيها نوعاً من الاكتفاء الذاتي في المأكل والملبس وقضايا الإنتاج الأخرى، والتي أظهرت نتائج أفضل حققت زيادة في المنتجات فرضت استقراراً مريحاً على صعيد أسواقنا المحلية من جهة, والوصول إلى أسواق عشرات البلدان من جهة أخرى , وهذه كنا نتغنى بها, ونعدّها أنشودة اقتصادية يطرب الجميع لسماعها كأنها حكاية تراث من بلدي, كالقد الحلبي أو الطقطوقة الشامية وغيرها ..
لكن ظروف الحرب وتدميرها لمكونات هذه المرحلة فرضت علينا الكثير من المتغيرات ضاعت معها وفيها هذه الحكاية الجميلة, وباتت من أحلام الماضي السعيد, وعودتها تحتاج معجزات اقتصادية على مستوى وطن, وليس على مستوى قطاع بعينه, أو جهة تتحمل تبعات العودة, إنها أنشودة حتى تعود بألحانها وإيقاعها إلى ماضينا القريب لابدّ من تأمين الكثير من أسباب هذه العودة , وتوفير سيناريوهات بديلة, نتجاوز فيها مطبات العودة وخاصة أننا مازلنا نعيش تبعات حرب كونية دمرت معظم مقومات العودة من بيئة مناسبة , وبنية تحتية, ومستلزمات إنتاجية, من دون أن ننسى العامل البشري وهروب الكفاءات والخبرات التي نعتمد عليها لتحقيق العودة المنشودة , ورسم حكاية جديدة لحياة اقتصادية ومعيشية أفضل..
وتحقيق ذلك لا يحتاج مجاملة أحد, أو الاختباء خلف شعارات وخطط ترجمتها تفرض صعوبة بالغة في التنفيذ , بقدر ما نحتاج إلى إجراءات وآليات مرنة وسهلة المنال وقطف الثمار في وقت قصير يؤمن عودة متتابعة لحلمنا بأسواق مستقرة وحالة الاكتفاء تغزوها ..
وهنا يمكن ذكر بعض مقومات العودة منها على سبيل المثال: ما يتعلق بإجازات الاستيراد وآلية ترشيدها بما يحقق الغاية والهدف, وتأمين آلية دعم للمنتج المحلي تتضمن خطوات جادة وقابلة للتنفيذ وتحد من عمليات الاحتكار تنطلق من وضع أسعار استرشادية تشترك جميع الفعاليات الاقتصادية لتحديد التكلفة الفعلية لأي منتج وسقوف الربح أيضاً, إلى جانب تحمل القطاع الخاص مسؤولية تمويل مستورداته , وترشيد دعم فاتورة الاستيراد باتجاه ما يلزم لتأمين معيشة المواطنين, إلى جانب إجراءات مهمة تقتضي بالضرورة دعم مدخلات الإنتاج الزراعي والصناعي , وتقديم حوافز إنتاجية مشجعة منها مادية وأخرى معنوية تكون بمثابة محفزات كبيرة وخاصة للمشروعات والمنتجات التي تفرض حالة تنموية مرنة تتماشى مع متطلبات المرحلة ,ومتصالحة مع ذاتها وفق الإمكانات المتوافرة ..
والأهم لابدّ من محفزات جدية باتجاه الأسواق الخارجية , والبحث عن السبل التي تعيدنا إلى حكاية الماضي القريب الذي كانت فيه منتجاتنا الوطنية تغزو أسواق عشرات البلدان تحت شعار “صناعة سورية “..
وبالتالي جميعنا نحلم بعودتها، فهي أحلام بألوان مختلفة لكنها أحلام وطنية يكسوها عزّ منتجنا المحلي, وسوق مستقرة واكتفاء يحقق لنا الطمأنينة والثقة بحياة كريمة، فهل يطول انتظار أحلامنا وتصبح حقيقة على أرض الواقع ..؟
Issa.samy68@gmail.com