“الحلم” يتكرر مرتين.. شمال شرق الحسكة يعود لرؤية أعلى نسبة كسوف للشمس في سورية
تشرين- خليل أقطيني:
“وعاد الحلم مرة أخرى” حقيقة عشناها هذا اليوم ونحن نتابع إعلامياً الكسوف الجزئي للشمس في منطقة عين ديوار الكائنة على الحدود السورية – العراقية – التركية في منطقة المالكية أقصى شمال شرق سورية.
فقد أعادنا حدث اليوم إلى المنظر المبهر الذي شهدناه بأم العين، من خلف النظارات المعدة خصيصاً لهذه الأحداث الفلكية النادرة، بصفتي الصحفي الوحيد الذي أوفدته صحيفة “تشرين” لمتابعة الحدث وتغطيته إعلامياً. وذلك في توقيت سيبقى محفوراً في الذاكرة إلى الأبد. إنه يوم الأربعاء الموافق 1999/8/11. حيث كانت المنطقة ذاتها وهي عين ديوار – من بين كل مناطق العالم على موعد مع الكسوف الكلي للشمس بين الساعة الواحدة والرابعة بعد الظهر.
فقد توافدت الفرق العلمية والبحثية من الكثير من الدول، برئاسة العالمة السورية الدكتورة شادية الرفاعي إلى هذه المنطقة لدراسة الظاهرة الفلكية نادرة الحدوث.
يومها كان منظر القمر وهو يحتضن الشمس رويداً رويداً بدءاً من الساعة الواحدة بعد الظهر، إلى أن انغمست كلها في حضنه، وغابت عن النظر كلياً، في غروب مبكر عند الساعة الرابعة عصراً، يسلب الألباب. حيث كانت أعين وتجهيزات ومعدات الآلاف من الإعلاميين والعلماء والباحثين والمهتمين والهواة وحتى السكان، شاخصة إلى السماء تراقب هذا المنظر المبهر – الذي كان حلماً بكل ما في هذه الكلمة من معنى – سواء من أجل البحوث العلمية والدراسات الفلكية أو للمتعة الشخصية.
وهذا اليوم الثلاثاء الموافق 2022/10/25 يتكرر الحلم نفسه في المكان نفسه. حيث كانت منطقة عين ديوار في أقصى شمال شرق سورية على موعد مع أعلى نسبة لكسوف الشمس الجزئي في سورية.
كما أبلغنا الباحث في علم الفلك المهندس نزار هاشم. كاشفاً أن نسبة حجب قرص الشمس خلف القمر بلغت 49 في المئة في منطقة عين ديوار. وهي النسبة الأعلى من بين جميع المناطق السورية. إذ جاءت العاصمة دمشق في المرتبة الثانية بنسبة 48 بالمئة. تلتها حلب بنسبة 42 بالمئة فاللاذقية بنسبة 40 بالمئة.
أما في بقية أنحاء العالم فقال هاشم أن الكسوف الجزئي للشمس كان أكثر وضوحاً في المناطق القريبة من القطب الشمالي، منها روسيا بنسبة 82 بالمئة والصين 80 بالمئة والنرويج 63 بالمئة وفلندا 62 بالمئة.
لافتاً إلى أن المنطقة الشمالية الشرقية من سورية، وخاصة في ريف محافظة الحسكة الشمالي الشرقي بمنطقة المالكية، كانت اليوم على موعد مع الكسوف الجزئي للشمس.
وبيّن هاشم أن الكسوف الجزئي للشمس بدأ في الساعة 12 و 56 دقيقة وثانيتين ظهراً، وبلغ ذروته في الساعة الثانية و 11 دقيقة و 12 ثانية بعد الظهر. وانتهي في الساعة الثالثة و 22 دقيقة و 40 ثانية عصراً. حيث استغرقت مدة الكسوف من بدايته وحتى نهايته ساعتان و27 دقيقة.
معبّراً عن ذهوله مما تمت مشاهدته في الكسوف الجزئي في عين ديوار، وهو الطبقة الملونة من الجو الشمسي التي تحيط بقرص الشمس المحتجب جزئياً بما يعادل نصف القرص، وهي تبدو بشكل هلال ضوئي أحمر متألق على الجانب الشرقي للقمر. ينعكس على جبل الجودي الذي يحيط بالمنطقة، مضيفاً عليه هالة حمراء تُذهِب العقل. والجودي هو الجبل الذي استوت عليه سفينة نوح عليه السلام.
مؤكداً أن حالة الطقس الجيدة السائدة في المنطقة وانقشاع الغيوم من السماء جعلت عملية رصد الكسوف ناجحة.
وأضاف هاشم أن متابعة الكسوف تمت باستخدام المرشحات الشمسية مثل: “نظارات الكسوف” ، والفلاتر بالنسبة للتلسكوبات والكاميرات. وذلك لأنه لا يمكن النظر للكسوف مباشرةً بالعين المجردة أو باستخدام النظارات الشمسية أو أي وسيلة تظليل مثل زجاج السيارات المظللة، نظراً للأضرار التي قد يلحقها بشبكية العين.
مشيراً إلى أن ذلك يعود للأشعة فوق البنفسجية والأشعة تحت الحمراء اللتين تصدرهما الشمس وتقومان بتسخين شبكية العين، متسببتين بأذية حرارية تدعى “التخثر الضوئي” تتمثل بحرق الأنسجة وتدمير الخلايا الحساسة للضوء (العصي والمخاريط).
وأوضح هاشم أن سورية كانت في الرابع من كانون الثاني 2011 على موعد مع أعلى نسبة لرصد ظاهرة كسوف للشمس بين كافة الدول العربية. إذ بلغت النسبة حينها 63 بالمئة. تلتها لبنان وتونس اللتان بلغت فيهما نسبة الكسوف 62 في المئة. ليتكرر المشهد نفسه في سورية في عام 2020 لكن بنسبة 40 بالمئة.