سابق ولاحق..!
عندما نتحدث عن مشكلات القطاع العام وهمومه التي مازالت عالقة منذ عقود من الزمن , من دون حلول تذكر رغم تعاقب حكومات عدة وبُحث فيها كثيراً, عبر ماراتون من الاجتماعات, إلّا أن معظمها موجود, وأمّ المشاكل لم تحلّ بعد، وهي مشكلة غاية في الأهمية تحمل الكثير في طياتها من المعاني السلبية التي تبعدنا عن الحلول, وهذه تكمن في طريقة التعاطي مع حالات التغيير التي تفرضها الظروف مع المناصب الإدارية (مع السابق واللاحق) وطريقة عمل كلٍّ منهما , والأهم طريقة إعادة ترتيب الأوراق , ورسم استراتيجيات يتم من خلالها نسف ما بناه السابق فقط لأنها لا تعجب اللاحق في الإدارة والتفكير وحتى أسلوب العمل, وبذلك يعيد المؤسسة إلى الوراء , والسير بها من نقطة الصفر, وغالباً ما يتم من تحت الصفر, ضاربين عرض الحائط بقيمة الوقت والجهد والمال الذي أنفق لإدارة العملية الإنتاجية والإدارية في المؤسسات, وهنا الخسارة مزدوجة على الصعيد الحكومي وعمالتها وخاصة المنتج منها ..!
لا نريد أن نحمّل المسؤولية للحكومة , أو من ينوب عنها في حلّ هذه المشكلات بقدر ما نحمّلها للإدارات المنفذة على أرض الواقع , فهي المدركة أكثر في خسارة العودة إلى الصفر, وما ينجم عنها من خسارات مادية وبشرية, وما تفرضه من حالات تثير القلق والملل والتململ في صفوف العمالة يفقد الوظيفة العامة سواء المنتجة منها أم الإدارية مضمونها الأخلاقي والوطني وانعكاس ذلك على جوهر الأداء والمردودية بكل أبعادها ..!
ولكن المثير للجدل في الاستراتيجيات التي وضعتها الوزارات والجهات المسؤولة عن الوظيفة العامة تجاهلها الخطير إعادة ترسيخ مفاهيم الوظيفة على أسس جديدة تتماشى مع التطورات، وتحافظ على الجوهر في الانتماء الوطني وحب العامل لعمله على اختلاف الموقع , في ظل ظروف صعبة أنتجتها الحرب الكونية التي مازالت مستمرة على بلدنا, وأوجدت ترهلاً إدارياً، أغلبه مقصود وبفعل فاعل، سواء من آثار الأزمة السلبية, أو من قبل الإدارات ذات الرؤية الضيقة ومصلحة الأنا وشخصنة العمل، وما تحمله من تراخٍ في العمل وخسارات كبيرة في الإنتاج , وظهور مفاهيم جديدة لا تناسب قيم عملنا في كثير من المطارح الوظيفية, وخاصة لجهة تسلط الأنا الوظيفية وشرعنة الفساد وسرقة المال العام , وكثير من الحجج التي تبرر هذا الظهور تحت مسميات مختلفة ..!
وبالتالي أمّ المشاكل هذه، ألم يحن الوقت للتخلص منها, وما نتج عنها من تفريغ الجهات العامة من كوادرها والتخلص من حالة التهميش السائدة للكوادر التي حافظت على مواقعها, والأهم الخلاص من تسلط الأنا في الإدارة ..!؟
الوقت يدهم الجميع, والخسارة خسارة ” إستراتيجية” وطنية فهل سنوقف متوالية الخسائر..!؟
Issa.samy68@gmail.com