الوقائع الصعبة تكسر البروتوكول والمجاملات وتفرض نفسها بقوة على فعاليات اليوم الأول للمنتدى الاقتصادي السوري – الأردني بدمشق
باسم المحمد:
غلبت معاناة قطاع الشحن وقوائم المواد الممنوع تصديرها من سورية إلى الأردن بسبب مبدأ المعاملة بالمثل على فعاليات المنتدى الاقتصادي الأردني- السوري الذي افتتح اليوم في دمشق بدعوة من غرفة تجارة الأردن وبالتعاون مع اتحاد غرف التجارة السورية تحت شعار” تشاركية لا تنافسية”.
وكانت النوايا المعلنة من الطرفين إيجابية تعمل على تحديد أهم التحديات والعقبات التي تواجه زيادة التبادل التجاري بين البلدين ولاسيما قائمة السلع الممنوع استيرادها من كلا البلدين ورسوم الترانزيت والتي أخذت حيزاً كبيراً بين أخذ ورد، تعهد على إثرها معاون وزير النقل عمار كمال الدين بالعمل على تنفيذ التوصيات التي ستصدر وما تفرضه الأردن مستعدون لفرضه شرط أن تُعامل شاحناتنا وسائقونا في الأردن بنفس طريقة معاملتنا للشاحنات والسائقين الأردنيين.
أما رئيس غرفة تجارة الأردن نائل كباريتي فقد أكد أن السياسة لن تؤثر على العلاقات بين الشعبين الشقيقين ولاسيما الاقتصادية، مدللاً أنه ورغم منع استيراد الألبسة السورية في الأردن فهو يرتدي الآن بدلة صناعة سورية.
وفي افتتاح المنتدى بيّن وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية الدكتور محمد سامر خليل، ضرورة زيادة التبادل التجاري بين البلدين وأن يكون هناك تفاعل أكثر على مستوى قطاع الأعمال وزيادة الاستثمار وخاصة أن هناك تكاملاً بالقطاعات الاقتصادية والإنتاجية بين البلدين وما نحتاج إليه هو بعض المكاشفات مع الجانب الأردني، مشيراً إلى وجود قطاعات نمت خلال الحرب ونحتاج إلى أسواق لتصريف منتجات هذه القطاعات. وموضحاً أن ظروف الحرب اقتضت ترشيد القطع الأجنبي لما له من تأثير على الاقتصاد السوري وهذا الترشيد كان على كل الدول وليس فقط على الأردن، حيث لا يوجد استيراد لمواد كمالية ولا يسمح باستيراد مواد ننتجها محلياً، مؤكداً أن الحرب فرضت إعادة ترتيب الأولويات في الاستيراد، وإلى أنه لا يوجد منع استيراد من الأردن.
وأوضح خليل أنه ظهرت خلال الفترة الماضية مجموعة من العقبات والصعوبات التي تحول دون تحقيق الطموح بمستوى التبادل التجاري ودون تحسين التعاون الاقتصادي في المجال الاستثماري، مبيناً أن هذا اللقاء فرصة للحوار بشكل واضح لكل المشاكل التي تعوق تطوير التبادل التجاري بين البلدين وكل الإجراءات التي جرت خلال الفترة الماضية التي حالت دون انسيابية المنتجات السورية إلى الأسواق الأردنية أو عبر الأردن إلى أسواق الدول الأخرى وعن قضايا إمكانيات التعاون بين البلدين في المجال التجاري والسياحي والاستثمار الصناعي، مبيناً أن كل هذا متاح للحوار بين الحضور الكبير من الأردن وسورية للوصول الى تعاون مشترك بين البلدين.
أما وزير الصناعة زياد صبحي صباغ فقد أوضح أن هذا المنتدى جاء بناء على الزيارات المتبادلة بين الطرفين لتطوير والارتقاء بالعلاقات الاقتصادية والصناعية إلى مستويات تلبي حاجة أبناء البلدين. مبيناً أنه ستتم مناقشة العلاقات الاقتصادية وبعض القرارات التي تسهل انسيابية البضائع وأن الجلسة الثانية تطرقت لمشكلات النقل وكيفية التواصل، وأن اليوم الثاني من المنتدى سيناقش قطاع الصناعة والزراعة للوصول إلى رؤية مشتركة قابلة للتطبيق على أرض الواقع.
شريان الحياة
معاون وزير النقل عمار كمال الدين أشار إلى أن قطاع النقل لاقى الكثير خلال فترة الحرب نتيجة الدمار في البنى التحيتية، لكن سورية وخلال هذه السنوات استطاعت النهوض بهذا القطاع وأسطول النقل السوري من أفضل الأساطيل في المنطقة حالياً من خلال الإجراءات الحكومية التي قامت بها وتجديد أسطول النقل الذي دمر وسرق ونهب، ونحن نعاني في موضوع قطاع النقل البري ليس مع الجانب الأردني وإنما مع دول الجوار بسبب الحرب والحصار.
وأضاف: إن سورية والأردن لديهما اتفاقيات ومذكرات موقعة ترسم هذه العلاقات مع الدول المجاورة منذ عام 1999 تم من خلالها تحديد رسوم العبور بين البلدين، واليوم هناك صعوبات بنقل البضائع التي تنعكس على الشاحنات والسائقين.
وكانت هناك تسهيلات من الجانب السوري كما يعلم الجانب الأردني وكانت هناك معاناة يعاني منها قطاع الشحن السوري وكانت تُحلّ بشكل مباشر.
من جهته أكد رئيس غرفة صناعة دمشق ونائب رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية الدكتور سامر الدبس، أنه في ظل التحديات الدولية التي تواجه كل الاقتصادات وخاصة سورية والأردن ولبنان والعراق يجب علينا التكاتف والتكامل لا التنافس، ولاسيما في الاستثمارات الصناعية والزراعية المشتركة وتبادل السلع بين البلدين، مؤكداً على ضرورة معالجة معوقات النقل وما يتعلق بعملية تبديل السيارات على الحدود الأردنية لما يسببه من ضرر للمنتجات وخاصة الزراعية، مشيراً إلى أن أسعار السلع السورية التي تلبي احتياجات السوق الأردنية منخفضة مقارنة بغيرها.
وأشاد الدبس بالتواصل الإيجابي مع الأردن والعمل المستمر لإزالة المعوقات بين البلدين، مبيناً أن الجانب الأردني على معرفة بما تتصف به الصناعة السورية من جودة عالية، واستطاعت خلال فترة الحرب الاستمرار بالعمل والإنتاج بكافة قطاعاتها، وأن إقامة هذا المنتدى يأتي لتعزيز التعاون بين الجانبين كون كل جانب لديه مميزات، حيث يتمتع الأردن بوضع مستقر في المنطقة ولديه اقتصاد واعد واتفاقيات مع عدة دول عربية وأوروبية وتمثل سوق للمنتجات السورية إلى دول الخليج، كما نحن نمثل سوقاً للأردن للبنان والدول الأوروبية، وطالب بأن يكون هناك حلول لمشكلات نقل البضائع على الحدود، كما دعا للاستثمار في سورية ولاسيما في الطاقات البديلة.
شراكة وتكامل
وبيّن رئيس اتحاد غرف التجارة السورية أبو الهدى اللحام أن سورية تحتل نسبة كبيرة من حجم التبادل التجاري مع الأردن وأن القوانين والتشريعات السورية تشجع على الاستثمار، منوهاً بوجود مشاريع كبيرة شاركت سورية فيها مع الأردنيين في صناعة السجاد والإسمنت، وهناك ٥٠٠ مساهم أردني في شركات سورية منها جامعات ومصارف، مؤكداً أن الجانب السوري مستعد لتلبية الطلبات الأردنية، آملاً أن تكون أرقام الصادرات بين البلدين كبيرة وتقديم التسهيلات لبناء تشاركية مع الجانب الأردني.
من جانبه أمل رئيس مجلس إدارة غرفة تجارة الأردن نائل كباريتي بالوصول إلى شراكة حقيقية مبنية على التفاهم ما بين اقتصاد البلدين وخاصة في موضوع الأمن الغذائي والابتعاد عن التنافس والنظر إلى الأمور الصغيرة مثل المعوقات والبحث عن كيفية إيجاد سوق موحد لمنافسة الغير والتوجه إلى الأسواق العالمية، مؤكداً على عدم وجود عقبات وإنما بعض القضايا الموضوعة تحت مجهر الحل، ولاسيما القوائم الاسترشادية للسلع السورية المصدرة إلى الأردن وكذلك السلع الأردنية الداخلة إلى سورية، وقريباً سيكون لهذه القضايا حلول وضرورة التفكير بوضع استراتيجية.
النقل والرسوم
من جانبه نقيب أصحاب شركات نقل وتخليص البضائع ضيف الله أبو عقولة أشار إلى أن المنتدى يجمع السوريين والأردنيين لبحث كافة العقبات والتحديات التي تواجه انسياب البضائع أو التجارة البينية، آملاً أن تكون هناك توصيات بتذليل كل العقبات بخصوص رسوم الشاحنات والسماح بالتجارة البينية وإزالة كل قوائم المنع سواء كانت صناعات أردنية أو سورية وتسهيل كافة الأمور التي من شأنها انسياب البضائع بين البلدين.
وأشار أبو عاقولة إلى التعثر الكبير الذي يعاني منه قطاع الشحن في كلا البلدين بسبب الإغلاقات بعد كورونا، إضافة إلى إغلاق معبر باب الهوى بسبب الحرب وقطع طريق ٢٥٠٠ شاحنة أردنية و٦٠٠٠ أخرى سورية كانت تشحن إلى أوروبا.
لهذا يجب التعاون الوثيق بين البلدين على صعيد القطاع الخاص والحكومي لتذليل كل العقبات والعودة إلى اتفاقية عام ٢٠٠٩ الخاص بالترانزيت بين البلدين لأنه سيخفض التكاليف على الجميع.
وأكد جمال الرفاعي النائب الأول لغرفة تجارة الأردن على ضرورة تطبيق شعار التكاملية واللاتنافسية على الأرض وإذا لم نستخلص إستراتيجية موحدة على أساس مصلحة البلدين ورضخنا لبعض المصالح الضيقة التي تعوق التكامل لن تقوم لنا قائمة، ولاسيما أننا في عصر التكتلات في المنظومات اللوجستية المتينة بعد جائحة كورونا ومن الصعب على الدول أن تنافس اقتصاديا بمفردها.
إعادة الإعمار
وفي لقاءات لـ”تشرين” مع المشاركين في المنتدى، أكد المهندس نصر زيادين من الجانب الأردني استعداد الشركات للدخول فوراً إلى السوق السورية للمساهمة في إعادة الإعمار ولاسيما أنها من أكبر الشركات في الشرق الأوسط تعنى بصناعات الصلب والحديد والصناعات الهندسية وصناعات UPVC للأبواب والشبابيك المقاومة للحرارة والعازلة للصوت، لذلك عد المشاركة في المنتدى فرصة لإيجاد منافذ بيع وزبائن في سورية ونتمنى تحقيق التعاون مع الأشقاء السوريين.
مشكلة الجلديات
من جانبه تمنى محمد خير درويش رئيس لجنة الجلود والأحذية بغرفة تجارة دمشق ورئيس لجنة الجلود والأحذية بهيئة المواصفات والمقاييس العربية السورية – وزارة الصناعة إعادة تنشيط التبادل التجاري بين البلدين وخصوصاً الصناعات الجلدية والأحذية التى تم منع دخولها بسبب قرار أردني علماً أن هناك رغبة شديدة من التجار والصناعيين الأردنيين في الحصول على هذه المنتجات من سورية فنضطر إلى إرسالها إلى دول أخرى بشهادات منشأ غير سورية وهذا ما يزيد من التكاليف وأسعارها إلى المستهلك الأردني.