كان التوجه إلى منطقة اللجاة الواقعة بين محافظتي درعا والسويداء والتي تعدّ في بعض جنباتها متحفاً طبيعياً يزخر بالكثير من المعالم الأثرية.. أشبه برحلة استكشاف، حيث لم يكن لدينا أنا وزملائي بالمهنة أي خبرة بهذه المنطقة التي قصدنا بلدة السويمرة ضمنها بمهمة عمل لتغطية عملية توزيع مساعدات إنسانية على أهلها مؤخراً.
لكن؛ لم يخطر ببال أيّ منا مواجهة صعوبات في كيفية الوصول إليها ليقيننا بحتمية وجود لوحات دلالة ترشدنا إلى هدفنا، وبالفعل انطلقنا من مدينة درعا على الأوتوستراد الواصل للعاصمة دمشق ولم تكن هناك أي مشكلة في التعرف إلى المدن والبلدات على المسار حيث توجد لوحات دلالة على طول امتداده، وعند محاذاة بلدة المسمية سلكنا الطريق الذاهب باتجاه محافظة السويداء.
وأثناء المسير حيث بدأت تتغير ألوان المشهد من الأخضر الذي تشكله حقول الخضار والأشجار المثمرة والحراجية التي تغطي معظم سهل حوران إلى اللونين الأبيض والأسود لطغيان التربة الصحراوية المطعمة بالحجارة البازلتية، لم نعد نعرف أين نمضي وبدأنا نسأل كل من يواجهنا في الطريق عن مبتغانا حتى بلغنا أوتوستراد دمشق- السويداء.
بعد تجاوز الأخير حيث زادت كثافة الحجارة أكثر فأكثر وأخذت تظهر ملامح كثبان رملية احتبستها الأسوار الحجرية لباحات بعض المنازل.. تكررت حالة التشتت والضياع حيث كنا نمضي في طريق ثم نعود بالاتجاه المعاكس بعد السؤال عن مقصدنا إلى أن وصلنا أخيراً إلى بلدة السويمرة، وحينها كان الطريق استغرق حوالي ساعتين تخللها وقت ضائع كبير في التوقف والسؤال عن كيفية الوجهة إضافةً لوقت ليس بقليل لقاء عملية إحضار ماء من إحدى الآبار الزراعية على حافة الطريق لملء (الريديتير) الذي تبخر ونفد ماؤه بفعل ارتفاع درجات الحرارة الشديد لكون المنطقة شبه صحراوية.
أنجزنا مهمتنا بسرعة لأن عملية توزيع المساعدات كانت في نهايتها نتيجة تأخرنا، وخلال العودة بدت حالة التعب على الجميع، إلّا أن مبادرة أحد زملائنا بإسماعنا أغاني لفيروز وأخرى شعبية من جواله كان لها تأثيرها في امتصاص الكثير من غضبنا واستغرابنا تجاه عدم وجود لوحات للدلالة تعرف ببلدات منطقة اللجاة وترشد المارة إليها، وعقدنا العزم على ضرورة لفت انتباه الجهات المعنية إلى أهمية أن تبادر لتركيب لوحات دلالة واضحة في أماكن مناسبة تمكن المارة من الوصول إلى مبتغاهم بيسر وسهولة من دون أي تشتت أو تأخير..
فهل من استجابة؟.. كلنا أمل بذلك.