مخترع على الرف…!
للأسف ما أريد الحديث عنه هو وجعنا الدائم الذي لم نجد له علاجاً شافياً طوال العقود الماضية, وما نأسف عليه أكثر أنه مستمر وعلى مرأى ومسمع الجميع (هجرة إبداعاتنا) والأصح الاستخفاف بها , ورميها في الطرف الآخر الذي يقدر قيمتها ويحسن التعامل مع أهلها , ويقدم لهم كل أسباب الترغيب ..
وهذه الإبداعات تطلقها حناجر الشباب وأفكارهم الإبداعية , وإنجازات أناملهم فيها حلول لمشاكل قطاعاتنا , في الكهرباء والمياه والزراعة والصناعة وغيرها كثير, ومن يريد التأكد عليه مراجعة حماية الملكية في وزارة التجارة الداخلية, وإن لم يكتفِ فعليه بمعرض الإبداع والاختراع الذي تقيمه الوزارة نفسها, وعدد المبدعين المشاركين فيه , وهنا يخطر السؤال الأهم لفعالياتنا الاقتصادية الخاصة منها والعامة، وأصحاب رؤوس الأموال : أين استثماراتكم في هذه الاختراعات, وكم عددها.؟
وما الفائدة من طرحها في معرض ضخم كالإبداع والاختراع الذي يكلف مئات الملايين سنوياً..؟!
أم هي لمجرد العرض وإظهارها للعالم الآخر والتفاخر بها , وكم لدينا مبدعون وإبداعات نكنزها في أدرج الطاولات ومدافن الخبرة والكفاءة , ونقدمها لهم (على البارد المستريح) خبرات واختراعات تعود إلينا صناعات ومنتجات (استهلاكية) متنوعة في كل المجالات بأفكار واختراعات ولمسات سورية ..!
والمشكلة الجميع يعلم بهذه (الهجرة لإبداعاتنا واختراعاتنا ) من دون تحريك ساكن , ويدركون أن الآخرين في أوروبا والدول العربية وغيرهم هم المستفيدن منها, ويقدمون كافة التسهيلات من رعاية خاصة, ورؤوس أموال والكثير من المغريات , نستطيع نحن في بلدنا توفيرها, فلدينا أصحاب رأس المال , وقطاعات صناعية واقتصادية قادرة على الاستيعاب وتقديم الكثير من المغريات لاستقطاب الإبداعات وأصحابها , واستثمارها في تطوير العجلة الإنتاجية على المستويين العام والخاص , ولدينا ميدان عمل واسع يمكن ترجمتها بصورة تحاكي الواقع بكل أبعاده الفكرية والعلمية والإنتاجية , وهنا أجزم أن أغلبية المبدعين يفضلون استثمار إبداعاتهم في وطنهم مقابل اليسير مما يسد التكاليف, وتحسين واقع العيش , لكنْ هناك ثمة أشخاص وفئات, ورجال أعمال وأصحاب رؤوس أموال , ومن يقف خلفهم من أصحاب الرأي في الوظيفة العامة لا يريدون لهذه الإبداعات أن تبصر النور في بلدنا, لأنها تتضارب مع مصالحهم الشخصية , ولا يريدون لأصحاب الفكر والإبداع أن يسخّروا منتوجهم لخدمة الاقتصاد, لأنهم مستفيدون مما يحصل في أسواقنا وحالات (العوز) للعالم الخارجي , التي تعيشها كل قطاعاتنا في تأمين مستلزماتها وغير ذلك كثير..!
نحن بحاجة لأيادٍ وطنية , ورأس مال وطني حر يرعى أهل الإبداع والاختراع , ومخابر تقدم لهم كل أسباب النجاح وترجمتها على أرض الواقع عندها ندرك حجم الفائدة , والحالة الاقتصادية التي تعكس إيجابيتها على تطوير الإنتاج وزيادته ومن ثم تحسين مستوى معيشة المواطن , والعيش في بحبوحة كريمة , فهل يفعلها رأس المال الخاص , أم يبقى جباناً يختبئ خلف مبررات ربحه السريع وخوفه من مجهول الأمور؟
Issa.samy68@gmail.com