بواعث الإبداع في النص الأدبي وطبيعته
د.رحيم هادي الشمخي:
يعد النص الأدبي – أي نص- مرآة تعبّر عن ذات الشاعر أو الأديب، فالعمل الأدبي هو نتاج إبداعي مرتبط أشد الارتباط بذات المبدع، لذا يرتبط هذا العمل بسلوكيات المبدع وحالاته النفسية ومحيطه الاجتماعي، إذ إن هذا النتاج هو رؤى لإسقاطات نفسية تبدو ومضاتها على شكل إضاءات تكتنف كل خطوات العمل الأدبي، وتظهر في أسلوب التعبير الذي يؤديه الكاتب.
التعبير عن الذات
إن أسلوب التعبير عن الذات هو الدافع الباعث الذي فُطر عليه الإنسان مع دفع الضرر وتجنبه والسير وراء اللذة واغتنامها لجذب النفع، وقد ربط علماء النفس المعاصرون السلوك الإنساني بمبدأ (اللذة والألم) الذي تحكمه غرائز النفس ودوافعها الفطرية أو المكتسبة وقسموا البواعث لأساليب القول إلى نوعين رئيسين هما:
١- بواعث تقف وراء إبداع النص وطبيعته، وهذه تتضمن العوامل والقوى النفسية التي تشترك في عملية الإبداع والحالة الشعورية التي يكون عليها حين إبداعه.
٢- بواعث تقف وراء الأسلوب في المتلقي وأفعاله معه وطبيعة الانفعال الذي يثيره النص.
نظرتان إلى النص
أما الناقد فإنه ينظر إلى النص الأدبي بشقيه بنظرتين: النظرة الأولى عندما يقرأ النص قراءة متلقٍ أول، ولاسيما إذا سمع هذا النص من مؤلفه مباشرة، وإلّا فإنه سيعمل على استحضاره عند القراءة، وربما يفلح في ذلك أو يفشل حسب قابليته، أما القراءة الثانية فهي قراءة الناقد الفاحص لبنية النص، فهو يستحضر آنذاك كل خلفياته الثقافية والعلمية وملكته اللغوية، أي يدخل المؤثرات النفسية في عمله الأدبي هذا.
وأخيراً، يبدو أن هناك تصوراً قديماً ينظر إلى موهبة الشاعر على أنها تعويض، وهذا رأي واسع الانتشار، يقول (إن العصاب والتعويض يميزان الفنانين من العلماء وبقية المفكرين)، وذلك أن الفرق هو أن الكتّاب يوثقون حالاتهم الخاصة إذ يحولون عاهاتهم إلى مادة رئيسة لموضوعهم.