على بردى
بدت الحيرة على وجه ذلك الرجل الستيني وهو يعاين عدة شواحن عرضها عليه صاحب محل تناسب جهاز الموبايل الخاص به، وتقلب كثيراً بين هذا الشاحن وذاك محاولاً أن يصل إلى نتيجة بشأن أي منها الأفضل ليشتريه، ثم التفت إليّ بينما كنت مصادفة بالمكان برفقة زميلي وهو يملأ رصيداً وسألني ظناً منه أنني قد أستطيع مساعدته: ما رأيك أي شاحن يمكن أن يخدم لفترة معقولة؟ وأردف.. إنها غالية الثمن وغير عملية وتتلف بسرعة، فأعلمته بجهلي فيها لكنني قلت له بالعموم: كل الأجهزة في السوق من جنس بعضها البعض، ولم أسهب لكيلا يمتعض من تدخلي صاحب المحل، وغادرنا بينما الرجل بقي غارقاً في تردده.
أثناء المسير تطرقنا وزميلي لغياب الثقة بجودة لوازم الموبايلات من شواحن و وصلات وسماعات وحتى قطع تبديلها من شاشات وغيرها، فيما الحال ليس بالأحسن بالنسبة لإكسسوارات الحواسيب وخاصةً المحمولة من شاحن وبطارية وفلاشات و وصلات، فجميعها في أسواقنا من الأنواع الرديئة سريعة العطب بالرغم من أسعارها الباهظة والمتصاعدة ما يضطر المرء لاستبدالها بعد فترة وجيزة.
تشعب الحديث ليطول ما يتم تداوله بين عامة الناس حول بعض التجهيزات الكهربائية المنزلية من مراوح وماكينات حلاقة وغيرها التي تعمل على (البطاريات)، وكذلك تلك التي تعمل بالكهرباء من (فرّامات) وخلاطات ومطاحن وغيرها من الأدوات المستوردة أو المجمعة محلياً، حيث إنها أيضاً بجودة متدنية وتتعرض لأعطال بعد فترة قصيرة من استخدامها، وبعضها يمكن إصلاحه بتكاليف عالية، والبعض الآخر غير قابل للإصلاح ومصيره كما يقال عن السلع التي تباع في أسواق المواد المستعملة (على نهر بردى).
يحق لنا التساؤل هنا: كيف يتم السماح بدخول تلك التجهيزات والإكسسوارات منخفضة أو عديمة الجودة إلى أسواقنا، ولِمَ هذا التساهل تجاه عدم إلزام مستورديها بتوريدها مطابقة للمواصفات القياسية المعتمدة؟ على أمل إعادة النظر بما يحدث و وضع حدّ للمخالفات الحاصلة ومنع دخول أيٍّ من تلك المواد إلّا إذا كانت بمواصفات جيدة، وذلك كي لا تستنزف أموال البشر سدىً وهم يعيشون في ظل ظروف مادية صعبة لا يحسدون عليها.