جداريات محمد نذير المهايني.. ثلاثة عشر فناناً من الزمن الجميل في حديقته

لبنى شاكر
عام 2020 اضطر محمد نذير المهايني للبقاء في بيته، كما فعل الآلاف غيره حين فرض وباء كورونا فترة حجرٍ صحي عالميّة، لكنّ الشاب الذي أراد بدايةً تزيين حديقة منزله ذات الجدران المرتفعة ليملأ وقت فراغه، اختار طريقاً فيه من الجديّة ما يلزم ليجعل من فكرتهِ مشروعاً فنياً مُستنداً إلى خبرته كطالبٍ في كلية الفنون الجميلة “قسم الغرافيك”، وبدأ يرسم شخصياتٍ فنية سوريّة وعربيّة، وصل عددها إلى ثلاثة عشر رسماً تحت عنوان “جداريات العمالقة”، كانت أولها مع السيدة أم كلثوم ثم ظهرت بورتريهات لنجومٍ آخرين من بينهم “فيروز، الشحرورة، نزار قباني، أسمهان، وديع الصافي، فريد الأطرش”، يقول المهايني في حديثٍ إلى “تشرين”: “واصلتُ العمل لعدة أشهر وكنت أنشر رسوماتي في صفحات فيسبوك تُعنى بالفنون، وجدتُ عبرها تشجيعاً كبيراً دفعني لأقدم المزيد في تجربتي على الجدران”.
اختار الشاب أسماءً تنتمي إلى ما يُسمى “الزمن الجميل”، وكتب بجوارٍ كلٍّ منها عباراتٍ غنتها أو قالتها شعراً، لكنه عجز عن انتقاء كلماتٍ مرافقة لصورة الراحل عاصي الرحباني، وعلى حدِّ تعبيره “هذا الرجل قال كل شيء لذلك لا شيء لدي لأقوله عنه، رسمتُ علاماتٍ موسيقية استطاع دائماً تحويلها إلى ألحانٍ مُحببة”، ومع إن المهايني عزم منذ البداية على تقديم شخصياته بشكلٍ ضخم لكنه لم يلجأ إلى قياساتٍ مُحددة، مفضِلاً الرسم الحر بلا اسكتشات، يُضيف: “استخدمتُ الألوان الزيتية مع الفرشاة، لوضعٍ خطوطٍ واضحة على الجدران الخشنة والمليئة بالحفر، وفي النتيجة كانت النسب صحيحة والحجوم متقاربة، كنتُ أرجع خطواتٍ إلى الخلف لأتأمل ما أنجزته، ولاسيما أن رسم الجداريات يختلف عن نظيره في اللوحة الصغيرة، ربما تُتيح المساحات الكبيرة شيئاً من الحرية لكنها تحتاج درايةً لتقديم أبعادٍ صحيحة ومُريحةٍ للمُتفرج”.
لم يتوقف المشروع عند الانتهاء من رسم الشخصيات، بل خضع لإعادة نظرٍ، أفضت إلى إضافاتٍ جديدة وضعها المهايني مُؤخراً بالاعتماد على الفوتوشوب، وكما قال “دعونا نتخيل هؤلاء الكبار يزورون رسوماتهم في الحديقة”، هكذا انطلق مُجدداً يبحث عن صورٍ مناسبة، لكن معظم ما وجده كان صوراً قديمة لا تتوفر فيها الدقة المطلوبة، فعالَجَها ورممها وأعاد تلوينها قبل الاشتغال على دمجها مع الخلفية، وفي المحصلة ظهرت السيدة أم كلثوم بنظارتها ومنديلها ووِقفتها الرزينة، وإلى جوارها وقفت الشحرورة صباح بابتسامتها المُشرقة، وفي صورةٍ ثالثة محمد عبد الوهاب ووديع الصافي يضحكان، كما بدت أسمهان مُستعدة للغناء بالرصانة المعروفة عنها، يقول الرسّام: “ربما أُضيف على المشروع خطوةً ثالثة، طالما أن الإضافات مدروسة وجميلة”.
إلى جانب عمله في مشروع الجداريات، يُتقن محمد نذير المهايني الرسم على الزجاج والأشغال اليدوية باستخدام ألوان الإكريليك والمائي وغيرها مما تعلّمه خلال سنوات الدراسة مدفوعاً بالشغف للمعرفة، وهو حريصٌ على تنمية مهاراته بالممارسة والتدريب المُتواصلَين، كما يُولي اهتماماً خاصاً لفنون عصر النهضة وما قدمه كلٌ من “دافنشي” و”رامبرانت”، تحديداً ما يتعلق بالظل والإضاءة، وكما يصف نفسه “طموحٌ وواثقٌ من أدواته”، يتمنى أن يُقدّم معرضاً فردياً ونِتاجاً متميزاً في الرسم والتصميم، يترك بصماتٍ في الأماكن والأشخاص.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار