السمكة خارج الشبكة
كل الحكاية.. مواطن “طفران” يحلم أن يرمي شباكه في البحر ليأتيه السمك الوفير.. وكلما وصل إلى شط الوعود والعهود فاجأه البحر بمد وجزر.. ويصير كغريق يحلم بقشة.. يرى في البعيد أناساً يسكنون مباني فارهة بينما ينظر لأهله فيتحسر على “العش ” الذي كان مأوى لهم.. فيتأوه من البحر وأمواجه التي تتقاذفه مابين الغرق أو أنياب الصخور ويعتب على الحياة ذات الطريق الأعوج ويستغيث بصيادي السمك فيرجع إليه صدى صرخاتهم ..
وهكذا يبدو البحر والصياد في حيرة من أمرهما تحت مظلة إجراءات عائمة لتحسين المعيشة.. مابين الخوف من زيادة الرواتب وما تعنيه من موجات غلاء جديدة لطالما خبرها المواطن وصاحب الدخل المحدود أو الخوف من عدم إقرارها في ظل كابوس من العوز والفقر.
وعندما يقول أصحاب القرار إن التريث بهدف تأمين فرص عمل في القطاع الخاص وخاصة في مجال المشاريع العمرانية نجد أنه مطلب حق في ظل حالة اقتصادية عبثية، فالشباب الخريجون بلا عمل والكثيرون فقدوا أعمالهم . صحيح أن مشاريع البناء تحركت معها عشرات المهن بدءاً من معامل الحجر والرمل وانتهاء بصاحب كشك الفلافل الذي سينتعش عمله بسبب تزايد طلب العمال ومروراً بآلاف عمال البناء والصيانة والأدوات الصحية والكهربائية وغيرهم ..
لكن! ثم لكن! ماذا عن أصحاب الدخل المحدود وأيديهم المقيدة بالرواتب الثابتة والأسعار التي صارت أبعد من تلبية أبسط احتياجاتهم وأكثرها ضرورة ؟ والتي تكاد لاتكفي أسبوعاً من الشهر مع التقطير والتوفير!.. ولعلّ كل برامج الاقتصاديين لا يمكن أن تجد حلاً لميزانية أسرة مازال أربعة أو خمسة وربما أكثر من أفرادها في المدارس والجامعات .
وإذا ما كانت البطاقة الذكية لا تزال تبتكر الحلول لمنع الهدر والهم بـ “الكوم” على كتف الجهات الرقابية فإن المواطن يكاد لايدري ماذا يفعل بهذه البطاقة ربع السنوية!
لقد كان ثمة حديث عن حوافز جديدة وإصلاح لسلم التعويضات و رفع نسبة المكافآت مقابل زيادة الإنتاج أو رفع نسبة الترفيعات وكلها أسباب مريحة لأصحاب القرار لتحسين دخل أصحاب الدخل المحدود وتحفيزهم من دون إعلان زيادات رواتب قد تضر بهم وتؤدي إلى تضخم جديد ..
فهل يعجز البحر عن منح السمك لصياد ضاقت به الحال؟