قبل الحصاد!!
عندما يؤكد الخبراء أن كلّ متر مكعب من ماء الجفت يعادل على الأقل 500 متر مكعب من مياه المجاري من الناحية البيولوجية إضافة إلى أثرها السام, نسأل في كل عام ومع كل موسم جديد للزيتون, ألم يحن الوقت لإجراءات جدية لمعالجة مخلّفات المعاصر، وهل بادرت فعلاً جميع المعاصر لإقامة محطات معالجة لمياه الجفت؟
نعتقد أن ما يحدث من تلوث يبرهن بالدليل القاطع أن المعاناة مستمرة, وأن مياه الجفت مصيرها الوديان والمسطحات المائية أو حتى شبكات الصرف الصحي، وهنا تكمن الكارثة، فالصرف العشوائي لماء الجفت، يغيّر لون المياه السطحية من أنهار وسدود وبحيرات، إضافة إلى تهديد الحياة المائية والجوفية, وانطلاق روائح وغازات مزعجة للوسط المحيط, عدا مشاكلها مع التربة حيث تقل خصوبتها وتتدهور, ولا ننسى- منذ سنوات عديدة – كيف تلوثت الينابيع وآبار الشرب في طرطوس واللاذقية نتيجة مخلفات معاصر الزيتون!!
المشكلة أن الأزمة مستمرة والملوثات قائمة, والجهات المعنية تغفو طوال أشهر لتستيقظ وقت مواسم الزيتون والحصاد, والمضحك المبكي ورغم الأضرار, ورغم تشكيل اللجان والمناشدات وحتى إغلاق بعض المعاصر وإصدار القرارات, ومع ذلك يبقى الكثير من أصحاب تلك المعاصر يغردون خارج السرب ويفلتون من قبضة الرقابة التي لا تطولهم!!
وهنا نسأل: هل فعلاً هناك تسهيلات لإقامة محطات معالجة تمنع تلك المعاصر من صب ملوثاتها في مياهنا وتربتنا، وهل القرارات الصادرة عن الزراعة والإدارة المحلية والبيئة تم تنفيذها؟
لاشك في أن هناك أصواتاً تتعالى باستمرار للاستفادة من بقايا الزيتون كالجفت والزيبار في التدفئة والأعلاف, أي إعادة تدوير هذه المخلفات واستثمارها لتكون نافعة بدلاً من أن تتحول لسموم, وهناك الكثير من التجارب الناجحة في هذا المجال, حتى إنه – كما تشير الدراسات- يمكن الاستفادة من تلك المياه في ري المحاصيل الزراعية لكن وفق ضوابط وتعليمات محددة, وكل ما هو مطلوب الرقابة الجدية وعدم التهاون في كل ما يضرّ بالبيئة والصحة, لأن الوضع لم يعد يحتمل التسويف والتأجيل!!