حقائق مقلقة حول الفروج والأسماك التركية المهرّبة إلى الأسواق السورية.. ” سرمدا” بوابة الرياح الشمالية السامة!
تشرين:
عاد الفروج التركي المهرّب إلى الأسواق السورية، وهو الجديد الذي كان بالأمس موضوع تحقيق صغير ورد من حلب نشرته “تشرين”.. وهذا يعني أن ظاهرة قديمة قد عادت.. الفروج التركي يغزو الأسواق السورية، معززاً بارتفاع أسعار مثيله المنتج محلياً، كان تحت تغطية شائعات تزعم أنه من منشأ لبناني.. أما اليوم فقد انكشف الأمر وبات واضحاً.
ورغم تزاحم التساؤلات حول تكلفة إنتاج الفروج بين سورية ولبنان، ولماذا هي أقل في لبنان، إلا أن أحداً لم يجب ويشرح من أين للبنان تكلفة إنتاج أقل، وأين تموضع مداجن إنتاج الفروج لدى الجار الشقيق؟
لكن الأهم والمريب هو أن أحداً لم يُشِر إلى المصدر الحقيقي لهذا التدفق المثير للشبهات لمادة دار حولها ضجيج عالٍ في الأسواق السورية، لم يتحدث أحد للوهلة الأولى عن أن المصدر المشبوه هو تركيا، التي بالتأكيد لم تدفع بإنتاجها إلى الأسواق السورية رأفة بالمستهلك هنا.. فلماذا إذاً حصل ما حصل؟
الواقع أنه ومنذ سنوات.. تتحدث تقارير تركية رسمية عن مبلغ ملياري دولار، كقيمة إجمالية للبضائع التركية المصدّرة إلى سورية، ونعلم جميعاً أن لدينا في سورية تشريعات جديدة تمنع وتحظر استيراد المنتج التركي وبيعه وتداوله في الأسواق السورية، وهذا يعني أن كل بضائع ” الملياري دولار” دخلت أسواقنا تهريباً، وهي مواد مختلفة ومتنوعة، فيها نسبة غير قليلة مواد غذائية، ومنها الفروج ” نجم السوق في هذه الأيام”، ونعود للسؤال.. لماذا الفروج؟ ولماذا هو أرخص وتكلفته أقل بكثير كثير من تكلفة إنتاجه هنا في المداجن السورية؟ وما هذا السحر الذي ينطوي عليه الفروج التركي؟
نذكر أن “اجتياحاً” مشابهاً حصل في عام 2019، للفروج التركي إلى الأسواق السورية، وكانت أسعاره لافتة بانخفاضها، لكن الملاحظات أن لون اللحم لم يكن أبيض ناصعاً، وإنما هو مائل للاحمرار قليلاً، وهذا يعني أن الفروج ليس مذبوحاً لا على الطريقة الإسلامية ولا حتى المجوسية، بل وصل إلى الأسواق السورية بدمه لأنه باختصار فروج نافق.
حينها أفاد عارفون بخبايا الأمور، وكلامهم كان مدعماً بتقارير إعلامية متفرقة في الخارج.. والفحوى كشفت سبب مهاودة سعر الفروج التركي المهرّب.. وهو أن الأتراك لجؤوا إلى الدواجن النافقة والأخرى الممنوعة من التصدير بسبب مقاطعة أسواق 68 دولة كانت تستوردها، بسبب إصابتها بجائحة «نيوكاسل»، وكان الخيار إعادة الصعق والتجميد ومن ثم التصدير تهريباً إلى سورية ..!
وللأسماك التركية الرخيصة الواصلة إلى الأسواق السورية حكاية مشابهة، وهي الأسماك النافقة على شواطئ البحار التركية “المتوسط وقزوين وإيجة والأسود” بسبب الصرف الصناعي والصحّي الناتج عن كثافة المنشآت السياحيّة هناك.. كلّها تُجمع وتُرحّل إلى سورية تهريباً.
كل هذه المنتجات من بضائع ودجاج وأسماك.. تجري معالجتها في الأراضي السورية “الساخنة” وقد ذاع اسم “سرمدا” المدينة السورية التي احتضنت كل عمليات التدليس والغش والتفخيخ وإعداد “السم في الدسم” ودفعه إلى الداخل السوري؟!
من دون كل هذه المعطيات علينا جميعاً كمستهلكين أن نشك بسلامة المنتج الغذائي التركي الرخيص المتداول تهريباً في أسواقنا، لأن تركيا ليست جمعيّة خيرية لتوزع المساعدات على السوريين المأزومين.. ولم نعتد لا نحن ولا سوانا من جوار ” بلد صفر الأصدقاء” أن يعمل هذا الجار وفق أدبيات إنسانيّة.
في سياق آخر متصل.. المعلومات المؤكّدة تقول: إن الأتراك يقومون بتجميع مرتجعات كامل الشركات التركية من مختلف أشكال وأنواع البضائع التي جرت التقاليد بإتلافها على حساب الشركات المنتجة والمصانع.. تجميع بقصد إعادة التهيئة للتصدير إلى سورية، وقد جرى تحضير مستودعات كبرى لتجميع هذه البضائع، ليقوم عمال متخصصون بعملية ” الفتل”.. والفتل يعني إعادة تدوير مدّة الصلاحية ووضع تاريخ إنتاج جديد “طازج” ومدة انتهاء مديدة، بعدها يتم التوضيب وتحضير شحنات البضائع المعدّة للتهريب إلى سورية..أي بضائع كان مصيرها الحتمي الإتلاف، أُعيدت إلى الحياة وإلى أسواق الاستهلاك لتتحول أسواق السوريين وبيوتهم إلى مطارح للتخلص من نفايات الأتراك.
هي وقائع يتحدّث بها وبما يشبه الفانتازيا التجارية، العارفون والمطلعون في قطاع الأعمال، وهم يسترسلون عندما يطمئنّون إلى أن أسنانهم بعيدة عن مضمار التداول في هذا الموضوع.. يتحدثون عن ممارسات الأتراك والأساليب التي يلجؤون إليها لترويج بضائعهم المهرّبة في الأسواق السورية، مختصرين كل الحلقات والأدوات التقليديّة، في الحلقة الأخيرة وهي المستهلك، الذي يجد نفسه مباشرة أمام سلعة رخيصة الثمن، قد لا يملك مقاومتها خصوصاً في ظل الضائقة المعيشيّة التي تسببت بها الحرب القذرة على سورية والسوريين.
يستغل التركي عادات استهلاكية للمواطن السوري، منذ زمن الانفتاح الاقتصادي والسياسي على تركيا، ويدرك أن المستهلك السوري اعتاد على السلعة التركيّة خلال عقد كامل من الزمن، في ظل حقبة الانفتاح والعلاقات الدافئة بين البلدين، التي استغلّها التركي لممارسة سياسة إغراق سلعي، تكفّلت – بالتدرّج – بإغلاق المصانع والمنشآت السورية بسبب عدم قدرتها على منافسة سلع مدعومة تجارياً لأغراض أبعد من اقتصادية، وهذا ما ثبت خلال سنوات الحرب وانكشاف ما لم يكن بالحسبان.
رقم المهربات التركية إلى سورية ليس بالقليل، ولعل كل متابع سيستنتج أن لا أرقام جديدة باتت تصدرها السلطات التركية.. فبعد الحديث عن الـملياري دولار كقيمة الصادرات التركية “المهربات” إلى سورية، كانت هناك إجراءات من الحكومة السورية التي أعلنت حينها أن عام 2019 سيكون عام مكافحة التهريب، وفعلاً كانت هناك إجراءات حازمة وتشدد من الجمارك السورية، لذا صمتت التقارير التركية عن الإشارة إلى ما يخص التجارة مع سورية.
اليوم نحن بحاجة إلى نشر ثقافة مقاطعة البضائع التركية في الأسواق السورية، لأنها “ملغومة” ومشكوك في سلامتها، أي ضارّة بالصحّة وخطيرة وقد تكون قاتلة. ومن جانب آخر سؤال سنختم به وهو: هل حوّل الأتراك مؤسساتهم إلى “جمعيات خيرية” للأخذ بيد الاقتصاد السوري والمواطن.. كي يدفعوا بكل هذا التدفق باتجاه أسواقنا، أم إن الغاية هي الإضرار بالمواطن والاقتصاد .. أي هو استهداف صامت لكنه خطير؟