حتى الآن لا أفق واضحاً بما يخص الاتفاق النّووي، فكل الجهود والمساعي لإعادة الحياة إليه تصب في اتجاه، بينما لا اتجاه واضحاً للولايات المتحدة في هذا السياق، والواضح أن سياسة المماطلة المتبعة لديها لن تساهم في التوصل إلى ما ينتظره الجميع بمن فيهم الاتحاد الأوروبي.
حيناً نرى أن إعادة إحياء الاتفاق النّووي قاب قوسين أو أدنى وأحياناً أخرى نجد أن المسار يحتاج إلى أشواط كثيرة نتيجة المماطلة الأمريكية والمطبّات التي تضعها، ورغم العمل على تقدم المسار من الناحية الأوروبية والإيرانية، لكن على ما يبدو أن واشنطن من خلال المماطلة تراهن على عامل الوقت، ظناً خاطئاً منها بأن ذلك قد يدفع طهران إلى تنازلات والقبول بشروط تخدم بشكل أو آخر الكيان الصهيوني الغاصب الذي تشكل إيران بقوتها النّوويّة والإقليمية وحضورها المقاوم مصدر قلق بالنسبة إليه.
في الواقع ضبابيّة المشهد لناحية واشنطن مردها لعدة عوامل مرتبطة بالوضع الدولي برمته وصورة ومكانة أمريكا فيه حالياً، إذ من الصعب عليها أن تبدو على صورة المتنازل وأن ينتهي المطاف بتحقيق إيران الانتصار رغم فرض العقوبات والحصار عليها لسنوات التي لم تثمر إلا عن تقدم إيراني إلى جانب تحقيق الاكتفاء الذاتي. الأمر الآخر أن مكانة أمريكا مُختلة اليوم ولاسيما منذ الانسحاب من أفغانستان وبعدها الأزمة الأوكرانية التي تشعّبت وسارت باتجاهات غير تلك المرسومة أمريكياً والتي أفرزت متغيرات جديدة سياسياً واقتصادياً، بالتالي فالعودة إلى الاتفاق من دون تحقيق أي شروط أمريكية يزيد صورة واشنطن سوءاً.
الواضح أن العديد من الملفات على الساحة ليست بوارد الحسم بعد بالنسبة لأمريكا أقله ليس راهناً، فذلك ليس في مصلتحها انطلاقاً من عقليتها المهيمنة، وتبعاً لذلك فالممطالة والتسويف الاستراتيجية المتبعة.
في المقابل، ليس بوارد طهران ذات النفس الطويل والصبر الاستراتيجي تقديم أي تنازلات أو الخضوع لأي شروط أمريكية، وهي إن استمرت بالتفاوض للحظة فمن باب الالتزام والجديّة ومصداقيّة التعاطي والوصول لرفع العقوبات عنها والحصول على حقوقها وأموالها المُجمّدة، وإلا العودة إلى المربع الأول، واستكمال إيران لخطواتها النّوويّة السّلميّة أساساً.