فرص لشركات التكنولوجيا الفاشلة للعودة بعد التعلم من أخطائهم
تشرين رصد
تاريخيا، يتم تشكيل الدول الحديثة في أوقات الأزمات، فعلى سبيل المثال الاتحاد الأوروبي كان رد فعل على ويلات الحرب العالمية الثانية، وكان سقوط جدار برلين بمنزلة فرصة سانحة لاقتصادات شرق ووسط أوروبا، التي التحقت بالاتحاد الأوروبي للارتباط بالاقتصاد العالمي.
أما الأزمة المالية لعام 2008 وأزمة منطقة اليورو فقد أسفرتا عن مزيد من التعاون المالي بين الدول ومزيد من الصلاحيات للبنك المركزي ، وجاءت جائحة كورونا لتدفع الدول لمستوى أعلى من التنسيق المالي من خلال صناديق مالية للأجيال المقبلة.
وعلى الرغم من أن الدول الحديثة لديها عديد من الشركات عالية الأداء من بين عشر التقنيات مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمية والسحابية تتصدر معظم الدول اثنتين فقط، ففي الحوسبة الكمية 50 في المائة من أكبر عشر شركات تكنولوجية تستثمر في هذا التكنولوجيا موجودة في الولايات المتحدة و40 في المائة في الصين، ولا شيء في الاتحاد الأوروبي.
في إنترنت الجيل الخامس وهي عنصر أساسي في مستقبل الاتصالات تستحوذ الصين على ما يقرب من 60 في المائة من الاستثمارات في هذا القطاع والولايات المتحدة 27 في المائة وأوروبا 11 في المائة فقط، بينما في الذكاء الاصطناعي استحوذت الولايات المتحدة على 40 في المائة من الاستثمارات خلال الفترة من 2015 و2020 فيما حصلت أوروبا على 12 في المائة، أما قارة آسيا بما فيها الصين فتسيطر على حصة 32 في المائة، وفي مجال التكنولوجيا الحيوية بين عامي 2018 و2020 أنفقت الولايات المتحدة 260 مليار دولار وأوروبا 42 مليار دولار والصين 19 مليار دولار.
وتعد أوروبا أكثر طموحا من معظم المناطق الأخرى، فيما يتعلق بأهداف الحد من انبعاثات الكربون بحلول 2030، لكنها تفقد قوتها في الموجة التالية من تكنولوجيا الطاقة النظيفة، فالشركات الأوروبية تمتلك براءات اختراع في مجال التكنولوجيا النظيفة بنسبة 38 في المائة أكثر من الشركات في الولايات المتحدة، وأكثر من ضعف العدد في الصين، مع ذلك، فإن آفاق أوروبا في الريادة في مجال التكنولوجيا النظيفة آخذة في التلاشي، بينما تقود الصين إنتاج التكنولوجيا النظيفة في جميع المجالات تقريبا، وغالبا بحصة سوقية تزيد على 50 في المائة، بينما تتصدر الولايات المتحدة معظم التقنيات المتقدمة”.
ويقدر بعض الخبراء بأنه إذا لم تستطع أوروبا تحسين قدرتها التكنولوجيا، فقد تفوت شركتها التكنولوجية فرصة ذات قيمة مضافة تراوح من 2 إلى أربعة تريليونات يورو سنويا بحلول 2040، بما تعنيه تلك القيمة من أجور أعلى ومزيد من الاستثمارات المستدامة. وهذه القيمة المعرضة للخطر تعادل بين 30 و70 في المائة من نمو الناتج المحلي الإجمالي لأوروبا بين عامي 2014 و2040، وما يعادل ستة أضعاف الأموال اللازمة للانتقال إلى انبعاثات كربون صفرية.
مع هذا فأنه من السابق لأوانه القول إن أوروبا همشت في سباق التكنولوجيا العالمية، فلا تزال تتمتع بعديد من نقاط القوة التي تؤهلها إلى المنافسة الشرسة وحيازة إحدى الميداليتين الذهبية أو الفضية.
ان أنظمة التعليم العالية الجودة في أوروبا تنتج مواهب رائدة في مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، إضافة إلى بعض الأنشطة الاقتصادية الأكثر إنتاجية على المستوى الدولي، وهذا يؤهل أوروبا إلى دور متقدم في سباق التكنولوجيا.
مع هذا، فإن هناك حاجة أوروبية ماسة إلى العمل على تبني سياسة أكثر هجومية من أجل تغيير القدرات التكنولوجية والبيئة التنافسية وطرح رؤية متكاملة لتغيير قواعد اللعبة لمصلحة الشركات الأوروبية لجذب التمويل على نطاق أوسع، على أن تهدف الشركات الأوروبية إلى ما هو أبعد من أعمالها الحالية، وأن تضع رؤية للقيادة العالمية خلال فترة تراوح من عشرة إلى عشرين عاما.