المشاهدون ليسوا أغبياء.! كثيرة هي المشاهد التي يمكن تنفيذها بالإيحاء

يظن بعض المخرجين أن المشاهدين “أغبياء” لن يصل لهم فحوى أي فعل درامي بالإيحاء فيجسده لهم بشكل واقعي وممجوج أحياناً، والكلام يخص الكثير من المشاهد التي يفترض أن تقوم بها هذه الممثلة أو تلك لنفهم ما هو الفعل الذي قد يُبنى عليه أحداث أخرى، أو آلت أفعال الممثلة وشريكها إليها. لكن ليس بالضرورة أن نرى الممثلة مشاهد ، إن لم يكن لذلك أي ضرورة درامية، فكثيراً ما تتكرر تلك المشاهد في الأفلام السينمائية التي يدافع عنها أصحابها الممثلات والممثلين أبطال تلك المشاهد، بأن المُشاهدين يذهبون بإرادتهم لمشاهدة الفيلم، ولذلك لا حرج في ذلك، وعلى خلاف ما يعترض عليه الناس حين حضور مشاهد العري في أعمال تلفزيونية، تتابعها العائلة بأفرادها كاملة، ما يعني أن ثمة إحراجاً يصيب الأم أو الأب وهو يتابع مع أطفاله أو أولاده في سن المراهقة مثل هذه المشاهد. وبما أن التسويق هو الغاية الأساسية لدى أغلب صناع السينما والدراما التلفزيونية فلا بد من حضور المشاهد بضرورة درامية وبغير ضرورة. وما يزيد استهجان الناس لتلك المشاهد، حضورها المتواتر في الكثير من الدراما التلفزيونية، خصوصاً التي باتت تعرض على بعض الفضائيات المشفرة أو المنصات التي تتطلب مشاهدتها الاشتراك فيها، لكنها تتوافر على بعض وسائل التواصل بفضل المقرصنين، ما يعني مشاهدتها من قبل الجميع.

ولذلك كلما عرض فيلم أو مسلسل فيه مشهد يستنفر رواد وسائل التواصل الاجتماعي كل أسلحتهم لشتم تلك الأعمال وأصحابها والسخرية منهم ومن الفن عامة. وما يزيد الطين بلةً أن بعض الممثلات تدافع عن هذه المشاهد بشكل غير منطقي بل وتتهم الناس بأنهم أصحاب عاهات، فلنقرأ ما قالته الفنانة ” سلافة معمار” حول مشهدها في مسلسل ” عالحد ” وهي ممثلة يقدّرها معظم شرائح المشاهدين لقدراتها الأدائية، تقول: شعوبنا عندها كبت….وهناك معضلة بتفسير معنى الجرأة. الجرأة في عقول الناس ما تزال مرتبطة بحجم إظهار مفاتن الجسد… ؟”.
في هذا التصريح تصدت الفنانة معمار للدفاع عن المشهد لأنه يخصها، ولم تتصد مخرجة العمل للدفاع عنه، ومع الأسف يحسب عليها، وليس لها ،لأنها على ما يبدو بلا ذاكرة فقد نسيت مشهدها في مسلسل ” العار”و لم تتذكر الممثلة معمار أنه في زمن عرض المسلسل وعقبه لم يعترض أي مشاهد على ما قدمته من مشهد جريء، من دون أن ننسى فضل المخرجة رشا شربتجي والكاتبين حسن سامي يوسف ونجيب نصير. أما مشهدها في ” عالحد ” يمكن لمخرج مبتدئ أن يقدم الإيحاء به، وكفى، ليصل للمشاهدين أنها استعدت للقاء حبيبها، وللمفارقة هي بذلك كررت العلاقة ذاتها بالمسلسلين لكن مع فرق الدوافع، وكان يمكن للمشهد أن ينفّذ بلقطة ليصلنا كمشاهدين فحوى الفعل.
صالون هدى
ولأن الشواهد كثيرة سنكتفي بالأحدث، من الفيلم الفلسطيني فيلم ” صالون هدى” للمخرج هاني أبو أسعد، ولن نقارب محتواه ورسالته في أي تقويم فني وفكري، بل سنتوقف مع فقط مشهد غير مقبول حتى لدى بعض المشاهدين في صالة السينما، فظهور الممثلة “ميساء عبد الهادي” بشخصية “ريم” التي غدرت بها صديقتها “هدى/ منال عوض” ووضعت لها منوماً في القهوة، ثم التقاط بعض الصور لها مع رجل عارٍ، لكي تضغط عليها وتجندها لصالح قوات أمن الاحتلال الصهيوني لفلسطين. مشهد كان يمكن الإيحاء به، إضافة لصورٍ تراها الشخصية فقط، وحوار مناسب، ليفهم أي مشاهد ما الذي حدث، إذ ليس بالضرورة أن نرى كمشاهدين ما حصل بالتفصيل حتى يصل المغزى للمشاهدين، فما شاهدناه أضر بالفيلم كثيراً، إذ انشغلت الناس بردود الأفعال حول هذا المشهد، ونزعم أنها لم تنتبه لرسالة الفيلم التي تشير إلى سطوة السلطة الفلسطينية على مواطنيها التي بسببها يمكن أن يصبح بعضهم عملاء، أو خونة، أو يساهموا بتخريب مجتمعهم. فالفيلم فضح لتلك السطوة ولما يفعله بعض رموزها في المجتمع الفلسطيني، وهو بمثابة نذير ينبّه بضرورة كبح جماح ذلك.!

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار