أسعار السمك في اللاذقية (خمس نجوم) .. وصيادون يعتزلون المهنة: (لم تعد تطعم خبزاً )
في أسواق السمك بمحافظة اللاذقية، يتساوى العرض مع الطلب، فبينما تقتصر المحال على نوعين أو ثلاثة في أحسن الأحوال من السمك، يمر مواطن أو اثنان كل ربع ساعة لينظروا من بعيد على غلة الصيد المعروضة أمام المحال، ويكملوا سيرهم بعد أن يبادر أحدهم بالسؤال عن سعر الكيلو، فيتمتم ببضع كلمات ويسير في طريقه خارجاً من السوق.
أحد المواطنين الذين التقتهم (تشرين) في سوق السمك بمدينة اللاذقية قال: حتى السمك لم يعد باستطاعتنا شراؤه، ولو كيلو واحد منه، لنعوّض به اللحوم الحمراء ولحم الدجاج اللذين باتا عصيّين على موائدنا للارتفاع الجنوني في أسعارهما، ويضيف: أسعار السمك باتت خمس نجوم ولها زبائنها الخاصون.
“حتى سمك البلميدا لم يعد لذوي الدخل المحدود والمعتّرين بوصفه النوع الأكثر شعبية لانخفاض سعره”، بهذه الجملة اختصر مواطن آخر حال ارتفاع الأسعار الذي طال الأسماك في المحافظة الساحلية، متسائلاً : لماذا هذا الارتفاع الجنوني في أسعار السمك، علماً أنه لا توجد تكلفة للعلف أو الحراثة أو الأسمدة أو أجور النقل وغيرها من التكاليف.
ويضيف بتهكم : هل يعقل أن سعر كيلو البلميدا الذي كان يباع في الصيف بين ١٥٠٠- ٢٠٠٠ليرة، اليوم في سوق السمك بـ١٥ ألف ليرة، وهو أرخص أنواع السمك الموجودة في السوق.
أحد أصحاب المحال في سوق السمك عزا لـ(تشرين) السبب وراء قلة السمك حالياً في السوق، إلى الظروف الجوية التي كانت سائدة خلال الأيام القليلة الماضية وعدم نزول الصيادين إلى البحر، مشيراً إلى أن ارتفاع الأسعار أمر طبيعي خلال هذه الفترة من السنة، وهو يتكرر سنوياً في مثل هذه الأوقات.
أبو إبراهيم أحد الصيادين الذي هجر مهنة الصيد وتحوّل إلى صناعة المراكب، أوجز معوقات الصيد وأسباب اعتزاله لها، بقوله: (لم تعد تطعم خبزاً، وكلها تعب ومعوقات)، مشيراً إلى عدم توزيع المازوت المدعوم المخصص للمراكب منذ شهر ونصف الشهر، ويضيف: إذا أراد الصياد أن يشتري مازوتاً بالسعر الحر فإن ثمن البيدون ٢٠ ليتراً يصل اليوم إلى ٧٠ ألفاً ويكفي رحلة صيد واحدة، وبحسبة بسيطة أجراها على عجل استناداً إلى قرار الهيئة العامة للثروة السمكية منعهم حالياً من الصيد بـ”الشنشلة” فإن غلته لن تكون “محرزة” وسيخرج بخسارة، ولذلك اختار اعتزال المهنة حالياً ريثما تتحسّن الأحوال.
عدم نزول الصيادين إلى البحر لم يقتصر على الأيام التي ساءت فيها الظروف الجوية، وإنما منذ أكثر من شهر ونصف الشهر، حسب رئيس جمعية صيادي اللاذقية نبيل فحام الذي أكد لـ”تشرين” أن عدداً كبيراً من الصيادين، وهو منهم، اعتزلوا مهنة الصيد بسبب الصعوبات الكبيرة التي يواجهونها، وفي مقدمتها عدم تزويدهم بمادة المازوت منذ شهر ونصف الشهر، واستمرار مراكب الجرف القاعي بحصد الأسماك الصغيرة والكبيرة من البحر.
وأضاف فحام : ناهيك بقرار الهيئة العامة للثروة السمكية منع الصيد بين ١٥ آذار- ١٥ نيسان، بحجة أنه موسم هجرة وتكاثر لأنواع من الأسماك، وأن الصيد بالشنشلة يؤثر سلباً في تكاثر هذه الأسماك وتوفرها في المياه السورية، وعلّق فحام على قرار منع الصيد : هذه الأسماك مهاجرة وإن لم نصطدها نحن، سيصطادها صيادو الدول المجاورة .. فلماذا نحرم منها!؟.
وأوضح فحام أن منع الصيد بالشنشلة خلال هذا الشهر والاقتصار على الصيد بالشبكة والأقفاص وبشبكة فتحتها ٢٥ ملم فما فوق، حسب دراسة أجرتها الهيئة العامة للثروة السمكية، يعني أننا لن نصطاد إلا ما ندر من الأسماك. واقع الحال الذي يتجلى في سوق السمك الذي لا يوجد فيه سوى أنواع محدودة جداً مدللاً بسرغوس، غريبي، غبص، بلميدا.
وعن الأسعار، أكد فحام أنها تختلف بين يوم وآخر، لكنها مرتفعة جداً بسبب قلة العرض، مشيراً إلى أن الأسعار يحكمها العرض والطلب في السوق.