الملتقيات الثقافية السورية.. فضاء معرفي و مشاقّ تمويلية
التوقُ للثقافة رغم ظروف البلاد القاسية، واستكمالُ ما أنتجته المؤسسة الثقافية الرسمية، سببان ارتقيا بالمنتديات الثقافية أركاناً هامة في الحياة الثقافية والاجتماعية السورية لتلمّ شمل السوريين من كافة الشرائح حول أنغام عودها وعندلة قصائدها و احتدام حواراتها.
شغفٌ ثقافي شبابيّ
“ولدت أغلب تجارب الملتقيات رغبة بتغيير الوضع الثقافي الراهن والتأثير فيه” هكذا استهل الحديث لـ«تشرين» السيد حسام غزيّل(الكاتب والممثل والعضو في ملتقيات ثقافية عدة) الحديث عن تجربته مع الملتقيات الثقافية: “كنا مجموعة من الشباب والصبايا اجتمعنا على محبة وشغف القراءة التي حفزتنا لإنشاء مجموعة خاصة لمناقشة الكتب والأفكار بغية خلق بيئة ملائمة للحوار وفضاء ثقافي يتجاوز المسافة والصعوبات.
” القصة بدأت بـ” إيفنتات”/حوادث افتراضية خاصة بالكتب وحوارات ضمن المجموعات على مواقع التواصل الاجتماعي، ثمّ أخذت تتطور تدريجياً إلى لقاءات دورية للمناقشة وتقديم نماذج مختلفة من الأدب والفنون والمواهب التي تخللت هذه اللقاءات ضمن المراكز الثقافية وخارجها”.
صعوبات
عن المشاق التي تعرضت لها هذه الملتقيات أشار غزيل إلى بعض الإرباكات التي نالتها نتيجة الظرف العام أهمها وفق رأيه:” تغيراتٌ خصّت آلية تنظيم الملتقيات قانونياً واجتماعياً” وفي سؤال عن الدعم المالي و المكاني أجابنا بالقول: “صحيح إن الملتقيات تلقى دعمها من المؤسسات الحكومية ضمن المتاح، لكنها بالمجمل بعيدة عن تلقي أي دعم مادي إلا ما يقدمه القائمون عليها، فالصعوبات مادية ولوجستية وحتى اجتماعية من ضجيجٍ وسطوةٍ للتعليب الفكري والثقافي”.
تعددت الملتقيات أثناء سنوات الحرب على سورية، لكن قلة منها تمكنت من الاستمرار لأمور متعلقة بالهجرة أو التمويل أو مناخ العمل إضافة إلى ما سماه السيد حسام ” المنهجية الثابتة بالتفكير تناسياً لأهمية التجديد وضرورة محاكاة الثقافة بلغة تجذب الشباب” و يرى غزيل أنه بالرغم من محاولة المراكز الثقافية ترميم هذا الاحتياج بالاحتضان وخلق آلية تفاهم مشتركة تسهل العمل وتقوم بدعمه، لكنها ظلت مرهونة بآلية عملها القانونية. منادياً بضرورة:”اعتبار الثقافة منتجاً إبداعياً محتاجاً للتسويق والرعاية كي يتناسب مع منهجية العصر وتطوره”
للكتاب أصدقاء
في استضافة «تشرين» للشاعرة و الصحفية رولا حسن مديرة منتدى (أصدقاء الكتاب في حمص ) أخبرتنا عن ولادة فكرتها مع طرحها على صديقاتها ليقررن البدء بجلسات قراءة مصغرة للكتب توسعت بعدها بجلسة قراءة موسعة في المركز الثقافي بحمص حضرها ١٥٠ شخصاً من كافة الفئات العمرية.
“لجعل القراءة عادة محببة، انطلق منتدانا بشكل رسمي 2016، بهدف بناء علاقة حوارية معرفية مع الآخر ضمن جلسات نقاش شهرية حول كتاب أو رواية مركّزين على المرأة و تثقيفها بصفتها أساساً للمجتمع” .
أما عن مشاركة الجيل الشاب المنجذب لعوالم التواصل الافتراضي، وضّحت صاحبة ديوان(في عينيك تمر غابة): “كان من الصعب بداية الوصول إلى فئة الشباب، لكننا تمكنا أخيراً من استقطاب عدد لا بأس به من الفئة الشابة لحضور ملتقيات ضمت كتّاباً نفتخر بإنجازاتهم أمثال الأساتذة عطية مسوح، الروائي عبد الغني ملوك، المترجمة وكاتبة الأطفال كنينة دياب والكاتبة لين غرير”، لتعلن السيدة رولا عن أمنيتها باستضافة كتّابٍ من خارج حمص و المؤجلة لصعوباتٍ تمويلية:”نعمل كمتطوعات ومتطوعين، غير متلقين للدعم من أي منظمة أو مؤسسة، حتى الكتب المشاركة بالملتقى نشتريها من اشتراكاتنا الشهرية”.
لعلّها معضلة لعبت دوراً في جعل الملتقى يركز على العمل مع الأطفال، ليشكل فيما بعد فريقاً (لنقرأ معاً) للأطفال في المركز الثقافي بحمص. توزيع نسخٍ من كتابٍ معين، قراءة و نقاش، إضافة لإقامة دورات خاصة بالرسم، الشطرنج، وورشات كتابة إبداعية و طباعة الكتب الأفضل، و “انطلاقاً من رؤية الملتقى بالعمل على الثقافة الموسيقية عند الطفل وتطويرها” أوضحت ضيفتنا مديرة الملتقى: “شكلنا كورالاً موسيقياً تطوع الأستاذ فايز الشامي بتدريب أفراده على الغناء، منحناهم مسرحاً للإلقاء والنطق السليم والأداء الصوتي” أنهت السيدة رولا حسن حوارها بنظرة دفء استحضرت أطفالاً ينتظرونها كل سبت مع جعبتها من الكتب والمجلات:”إن أبناء قارئين منذ الصغر، يتعلمون الموسيقا والرسم والشطرنج والمسرح هم من يشيد مستقبل الوطن الواعد”.