أبداً لم ننصفهن

التقيتُها أثناء عملها، كانت ترتدي «أفرولاً» يشبه اللباس المعروف لعمال النظافة، حاولتْ حماية نفسها من الغبار والرائحة والشمس، فغطت أنفها وفمها بقطعة قماش، ووضعت «طاقيةً» فوق حجابها, حكت لي كيف وصلت مدينة جرمانا، وصفت خروجها من دير الزور بالمعجزة بعد أن عانت مع أسرتها، مما عايشته المنطقة تحت سيطرة “د*ا*ع*ش”في مرحلةٍ سابقة، كان عليها السير ثمانية أيام حتى وصلت إلى محافظة الحسكة، ومنها إلى دمشق، بحثت عن عمل، أيِّ عمل، أرشدها أهل الخير إلى حملةٍ قامت بها «هيئة مار أفرام السرياني» بالتعاون مع مجلس كنائس الشرق الأوسط لتنظيف المدينة وتأمين فرص عمل لمئة شخصٍ من متضرري الحرب وذوي الاحتياجات الخاصة, البعض وقفوا يتفرجون على السيدات والصبايا، يكنسن الشوارع، ويجمعن أكياس القمامة، هناك من جلبَ لهن الماء والشاي، لكن أحداً لم يزعجهن بكلمة أو تصرف, تقول السيدة : إنّ العمل الشريف لا يحتاج موافقة الناس، وسيفرض عليهم احترامه.
في الوسط الثقافي، تدور «أسطوانةٌ مشروخة»، سراً وعلناً، في كل مرّة تبرز شاعرة أو روائية أو غير ذلك، يكثر التلميح عن تنازلاتٍ ما قدمتها أو قُدِّمت لها، بل وتُتهم مباشرةً بالضعف والتكرار، هذا إذا لم يكن هناك رجلٌ ما يكتب لها أو يدعمها فيسهل طباعة دواوينها ويُسوّق لظهورها إعلامياً، ولأن اتهام المرأة يلقى عادة تأييداً مُجتمعياً مُبطناً بغض النظر عن نوع التهمة، يُصر هؤلاء على لعب دورين معاً، في الأول يصفقون على سبيل المثال للشاعرة أيّاً كان ما تقوله، وفي الثاني يستغربون كيف أُتيح لها الوقوف على المنبر أو النشر في صحيفة أو في ديوان مطبوع!. وفي السياق ذاته يردد بعض المثقفين مصطلحاتٍ تُحجّم نتاج المرأة وتحصره في اتجاه وحيد كـ«الأدب النسائي»، من دون أن يكون لهذه التسمية معنى واضح ومفهوم، فهل (الرجال/ النساء) عاجزون عن الكتابة فيما تكتب به (النساء/ الرجال)، أو إن لكلٍّ منهم حياةً منعزلة عن الآخر؟!.
تحمل النساء الأبناء والحقائب وأكياس الخضار، ويلاحقن السرافيس. في البرامكة وكراج جسر الرئيس، تجلسن القرفصاء أحياناً، ويقفن على رؤوس أصابعهن، ليمسكن بالحلقات المعلّقة على طول باصات النقل الداخلي، يسترقن نظرةً إلى الشباك، يبتسمن للإرهاق وخطوط التجاعيد، يلتفتن كلما سمعن كلمة «خالة»، ويضحكن إذا ما لاحت بيوتهن من بعيد, في يومهن وكل يوم، لدينا الكثير لنقوله ونكتبه، لكننا أبداً لم ننصفهن.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار
(وثيقة وطن) تكرم الفائزين بجوائز مسابقة "هذه حكايتي" لعام 2024..  د. شعبان: هدفنا الوصول لحكايا الناس وأرشفة القصص بذاكرة تحمل وطناً بأكمله معلا يتفقد أعمال تنفيذ ملعب البانوراما في درعا ويقترح تأجيل الافتتاح بسبب تأثر المواد اللاصقة بالأمطار الوزير الخطيب: القانون رقم 30 يهدف إلى حماية بنية الاتصالات من التعديات الوزير صباغ: إمعان الاحتلال في جرائمه ضد الشعب الفلسطيني يعبر عن سياسات إرهابية متجذرة لديه الجلالي يبحث مع أعضاء المجلس الأعلى للرقابة المالية صعوبات العمل ووضع حد لأي تجاوزات قد تحدث طلاب المعهد الصناعي الأول بدمشق يركّبون منظومة الطاقة الشمسية لمديرية التعليم المهني والتقني أجواء الحسكة.. عجاج فأمطار الأضرار طفيفة والمؤسسات الصحية بجهوزية تامة لمعالجة تداعيات العجاج انطلاق فعاليات أيام الثقافة السورية في حلب بمعرض للكتاب يضم ألف عنوان أين وصلت عمليات الترميم والتأهيل لمتحف معرة النعمان وماذا عن متحف حماة وقلعتها؟ بسبب العاصفة.. أضرار مختلفة في الشبكة الكهربائية باللاذقية