أمهات تابعن مسيرة تربية أبنائهم بعد وفاة الزوج
أمل جديد منحته السيدة رويدا لأولادها بعد وفاة الأب وهم في عمر صغيرة لم يتجاوز أكبرهم ثلاثة عشر عاماً ، فعلى قدر شدة ألم الفقد كان إصرارها على البقاء مع أطفالها، نذرت حياتها لأجلهم فكانت الأم والأب والمعلمة, ولا تزال المدافع والملجأ الآمن لهم حتى بعد أن أصبحوا كباراً ومستقلين في حياتهم.
كانت سنيناً قاسية، وكلما مرت الأيام زاد الوجع وألم الفقد؛ هكذا عبرت، إلا أن وجود أبنائها في حياتها نعمة من الله عليها، وهم السر وراء إصرارها على البقاء والعيش لحمايتهم وتأمين حياة كريمة لهم.
فقد بدأت أولى خطواتها في البقاء بمنزلها مع أطفالها ورفضت كل الحلول التي قدمت لها لتسهيل حياتها ما لم يكن أبناؤها داخل تلك الحسابات، معلنة أنها وهبت حياتها لأبنائها.
فبدأت تتغلب على الظروف الصعبة بالعمل ليلاً ونهاراً لتأمين حياة كريمة لأبنائها، فامتهنت الخياطة والتطريز وبدأت مشوارها بماكينة وضعتها في غرفة الجلوس بجانب أبنائها حتى لا تنشغل عنهم تقول رويدا: كانت أياماً صعبة مشيرة إلى أن تربية ثلاثة أطفال لم يكن بالأمر السهل، دراسةً؛ اهتماماً؛ ورعاية؛ بالإبرة والخيط، تمكنت من تعليم أبنائها والوقوف إلى جانبهم إلى أن اشتد عودهم، وأصبح الكبير يدرس الصغير، واليوم تخرجوا في الجامعة وحصلوا على وظائف وكانوا جميعاً برفقتها دوماً.
وكل عام يحتفلون معي بعيد الأم، وتتذكر فتنهمر دموعها رغماً عنها فرحة بنجاحهم وكيف وصلوا إلى برّ الأمان.
رويدا واحدة من عشرات القصص لأمهات أرامل نذرن حياتهن في تربية أبنائهن وسطرن التضحيات.
منال هي الأخرى برغم فاجعتها بفقدان زوجها؛ تمسكت بالعيش من أجل أبنائها وكان أملها الوحيد هو تجاوز كل تلك الآلام والمصاعب وتأمين مستقبل وحياة كريمة لأطفالها الثلاثة بعد غياب والدهم فمستقبل أبنائها هو هدفها في الحياة، بالرغم من كل الظروف الاقتصادية والمعيشية الصعبة، حاولت أن تظل صامدة فقد واجهت ظروفاً معيشية صعبة بعد وفاة زوجها، فالراتب كان قليلاً مقسماً عليها وعلى أطفالها في ذلك الوقت، لم تستطع الخروج والبحث عن وظيفة لتحيا هي وأبناؤها حياة كريمة، ففي كل مرة تتعرض للانتقاد باعتبارها أرملة وأماً لأطفال صغار حتى فكرت في أن تعمل بالصوف وحياكة الملابس والقفازات وبيعها، وأحياناً أخرى كانت تحضر بعض أطباق الحلو وتقوم ببيعها، وهكذا مرت بها السنوات بين يوم جميل وعشرة أيام مضنية إلى أن أصبح الأطفال شباباً ودخلوا الجامعة.
تقول: أشعر بفرح كبير عندما يعرفني الناس بأني أم المحامي وأم الدكتور كأنني أنا التي أخذت الشهادة شاكرة الله الذي عوض سني عمري خيراً بأبنائي.
من جهته تعد المرشدة التربوية صبا حميشة أن النساء اللواتي فقدن أزواجهن وهن ما يزلن في عمر صغير، قدمن تضحيات كبيرة، فعاطفة الأمومة غالباً ما تتغلب على كل ما يتعلق بقضايا الإنسان الخاصة؛ فكثير من النساء ضحين بحياتهن وخاصة بعد وفاة المعيل ويأخذن على عاتقهن تربية الأبناء بمفردهم لأن همها الوحيد المحافظة على أبنائها ووصولها إلى أعلى الدرجات وهذه النماذج من السيدات يشكلن قدوة دائماً في الحياة.