متلازمة اليوم الواحد!

يدهمنا الوقت دائماً، ونشعر بالعوز على آخر رمق من يومياتنا الرتيبة، ونستذكر تصحر وجداننا العاطفي وعطشنا الاحتفالي مع أوراق روزنامتنا السنوية.. فنستيقظ فجأة على زراعة شجرة بمناسبة احتفالية «عيد الشجرة» ونتجمهر بمسير اجتماعي حاشد في يوم التطوع، ونرسل المعايدات والتهاني «الفيسبوكية» للخال وابن ضيعتنا وبعض الجيران مرة واحدة في العام بمناسبة عيد العمال، وتصير قصصنا على «الواتس أب» و«الانستغرام» حالة تعاطف وتعاضد عام في يوم «ذوي الاحتياجات الخاصة» و«سرطان الأطفال».
أما عيد الحب فحدّث ولا حرج عن فنون وآليات الاحتفال التي تبدأ عشية الثالث عشر من شباط والاستعراض لاستثمار الساعات الأربع والعشرين خير استثمار ما بين ورود حمراء وصور وفيديوهات حب وافتتان العشاق مقرونة بناقوس يقرع قلبهم مرة في العام.
العلة ربما في الروزنامة وتدوين الاحتفاليات، أو عند “مارك” وأثير الميديا في الأجواء، أو ربما بأصحاب المشاتل لعدم ترويجهم لشجيرات الكرم والبستان، أو فيمن يطبعون كنزات مسير التطوع لقلة حبرهم وحيلتهم عن طباعة آلاف مؤلفة تستوعب مسيراً ربعياً في السنة أربع مرات، ولن أخوض باحتفالية اليوم الواحد لسرطان الأطفال وذوي الاحتياجات الخاصة كي لا تقل بركته وننساهم في العام القادم بحجة التقادم ودخول احتفاليات جديدة كيوم «الأركيلة والدخان، والفيلر والبوتكس وتكبير الشفاه».
أما عيد الحب فلا أستطيع تحديد الجهة المتآمرة فيه على عواطفنا والوجدان، التي يمكن أن يكون لبيت «الإحمى» ضلع فيه لمعرفة خبايا قلوبنا والجزدان، ويمكن أن تكون المرأة قبل ألف عام، ولن أقول التجار وباعة الورد والحلويات كي لا أتهم بالسلبية وتعليق كل مآسينا بشماعة “الدراويش” التجار.
متلازمة اليوم الواحد مرضٌ، إن استمر صار عضالاً، لأن الماديات طغت على ما ورائيات الأعياد التي اعتمدت بالأساس على نية التأكيد والاستمرار بضخ الروحانيات ما استطعنا لذلك سبيلا.
لنزرع الأشجار ونشارك بحملات التطوع ولندعم أطفالنا ومرضانا طوال عام، ولا ضير من اكتناز مشاعرنا وتقديمها دفعة واحدة في الرابع عشر من شباط شرط الابتعاد عن النفاق روزنامة كاملة فيها ٣٦٥ ورقة تحسب في بنك الأعمار.

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار