أشار مقال نشره موقع “نيو إيسترن آوت لوك” إلى أن الرسالة التي وجهها الرئيس الأمريكي جو بايدن للعالم بعد توليه منصب الرئاسة بأن “أمريكا عادت على الساحة العالمية” أصبحت كما يبدو واحدة من أكثر الموضوعات شيوعاً في المناقشات والمحادثات العالمية، متسائلاً: ما الذي عادت إليه الولايات المتحدة؟
وأشار المقال إلى أن بيانات نشرتها صحيفة “نيويورك تايمز” في أواخر الشهر الماضي، أكدت أن الولايات المتحدة متخلفة عن الدول الأخرى من حيث الرفاهية في الداخل والقدرة التنافسية في الخارج وأنها تنزلق نحو المستوى المتوسط، وعلى سبيل الأمثلة: فإن معدلات التخرج من المدرسة الثانوية أعلى في اليونان منها في الولايات المتحدة، ويعيش التشيليون أطول من الأمريكيين، والمراهقون البالغون من العمر خمسة عشر عاماً في روسيا وبولندا ولاتفيا والعديد من البلدان الأخرى أفضل في الرياضيات من نظرائهم الأمريكيين، وفي الواقع، يمكن التعامل مع هذه البيانات الأخيرة كمقياس لمكانة الدول خلال جيل أو جيلين قادمين.
ولفت المقال إلى أن نشطاء وممثلي الولايات المتحدة أطلقوا حلاً حالماً لإنهاء الفقر في جميع أنحاء الولايات المتحدة من خلال إعادة توجيه الإنفاق بعيداً عن البنتاغون تجاه احتياجات الإنسان، حيث حدد الخبراء أن تخفيض ما يصل إلى 350 مليار دولار من الإنفاق العسكري من شأنها توفير الموارد والحفاظ على البلد آمناً، إذ يمكن بعد ذلك إنفاق هذه الأموال على الخدمات الاجتماعية والرعاية الصحية وما إلى ذلك. على سبيل المثال: خمسون مليار دولار سيتم توفيرها بالانسحاب من أفغانستان يمكن أن تنهي التشرد بشكل دائم، فضلاً عن أن تغييرات كهذه في الإنفاق ستقلل الضرر الناجم عن العدوان العسكري الأمريكي على مستوى العالم، إذ تشير التقارير إلى أن حروب الولايات المتحدة منذ عام 2001 تسببت في مقتل أكثر من 800 ألف شخص وتشريد 37 مليوناً ما يثبت صحة العبارة القائلة: إن الفقر هو خيار سياسي.
وأشار المقال إلى أن الولايات المتحدة احتلت المرتبة العاشرة بين 64 دولة أخرى وفقاً لتقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية الصادر عن مركز التنافسية العالمي المعني بتحليل كفاءة الدول في استخدام مواردها للوصول إلى أعلى مراتب التنافسية والازدهار، وفي سياق متصل يرى الخبير الاقتصادي مايكل جرين وهو المدير التنفيذي لمنظمة “حتمية التقدم الاجتماعي” أن فشل الولايات المتحدة المزمن في تحويل قوتها الاقتصادية إلى تقدم اجتماعي يمثل عبئاً كبيراً على النفوذ الأمريكي.
وذكر المقال نقلاً عن دراسة أجرتها مؤسسة “مجموعة أوراسيا” أنه لا يُنظر دائماً إلى الولايات المتحدة و”ديمقراطيتها” بشكل إيجابي في جميع أنحاء العالم وخاصة في الدول المتقدمة، ووفقاً لاستطلاع رأي عالمي آخر نشرته صحيفة “ذا غارديان” في أيار الماضي فإن ما يقرب من نصف الذين شملهم الاستطلاع (خمسين ألف شخص من 53 دولة) قلقون من أن الولايات المتحدة تهدد الديمقراطية في بلادهم.
وأكد المقال أن شعار بايدن “أمريكا عادت ومستعدة لقيادة العالم” قد يثبت أن لا معنى له مثل شعار سلفه ترامب، أي “أمريكا أولاً”، إذ يُفترض أن يُظهر شعار بايدن أن الولايات المتحدة مستعدة مرة أخرى لتولي الدور الذي كانت تلعبه بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، لكن على أرض الواقع لم تلعب الولايات المتحدة هذا الدور على مدى العشرين عاماً الماضية أو نحو ذلك، أي منذ تأسيس مجموعة العشرين، وقد تآكلت قيادتها بشكل أكبر بسبب النتائج الكارثية لجهود العولمة النيوليبرالية التي قادتها، وتشكيل “بريكس”، والأدوار المتزايدة لروسيا والصين على المسرح العالمي.