أشار مقال نشره موقع “غلوبال ريسيرش” إلى أن وسائل الإعلام الأمريكية صورت القمم التي شهدتها الساحة الدولية مؤخراً، قمة (ناتو) وقبلها قمة مجموعة السبع، على أنها فرص للرئيس الأمريكي جو بايدن لحشد قادة الدول “الديمقراطية” في استجابة منسقة للمشاكل الخطرة التي تواجه العالم، من جائحة كورونا وتغير المناخ إلى التهديدات المزعومة التي تمثلها روسيا والصين.
وشدد المقال على أن هناك شيئاً خطراً في هذه الصورة الإعلامية الزائفة، فالديمقراطية تعني “حكم الشعب”، وفي حين أن ذلك يمكن أن يتخذ أشكالاً مختلفة باختلاف البلدان والثقافات، إلا أن هناك إجماعاً متزايداً في الولايات المتحدة على أن القوة الاستثنائية للأمريكيين الأثرياء والشركات الكبرى في التأثير على نتائج الانتخابات والسياسات الحكومية قد أدت إلى فرض نظام حكم لا يعكس إرادة الأمريكيين في العديد من القضايا الحاسمة.
وقال المقال: لذلك عندما يلتقي بايدن بقادة الدول “الديمقراطية”، فإنه يمثل دولة خارجة عن الديمقراطية من نواح كثيرة، وهذا يتضح في الإنفاق غير المسبوق على الانتخابات الرئاسية الأخيرة الذي بلغ 14.4 مليار دولار أمريكي، ومن خلال وسائل الإعلام الخاصة التي تجعل الأمريكيين فريسة للمعلومات المضللة التي تنشرها مجموعات المصالح عديمة الضمير.
وتابع المقال: كما أن الولايات المتحدة لديها أعلى معدل سجن من أي بلد في العالم، حيث يوجد أكثر من مليوني شخص خلف القضبان هناك، فضلاً عن عنف الشرطة المنهجي على نطاق لم يسبق له مثيل في الدول الغنية الأخرى، وعدم المساواة الشديدة والفقر وأنظمة التعليم والرعاية الصحية المخصخصة وغير الديمقراطية والفاشلة، إضافة إلى تاريخ حديث حافل بالغزوات غير القانونية ومذابح المدنيين والتعذيب والاغتيالات بطائرات من دون طيار، وأخيراً لا ننسى آلة الحرب العملاقة القادرة على تدمير العالم والقابعة في أيدي هذا النظام السياسي المختل.
وأضاف المقال: لكن لحسن الحظ، فإن الأمريكيين ليسوا الوحيدين الذين يسألون عن ماهية الخطأ الذي يعتري “الديمقراطية” الأمريكية، حيث أجرت مؤسسة “تحالف الديمقراطيات” استطلاعاً شمل خمسين ألف شخص في 53 دولة بين شباط ونيسان 2021، ووجدت أن الناس في جميع أنحاء العالم يشاركون الأمريكيين مخاوفهم بشأن نظامهم السياسي البائس والاعتداءات الخارجية التي ينفذها.
وأشار المقال إلى أن النتيجة الأكثر إذهالاً التي كشفها الاستطلاع بالنسبة للأمريكيين قد تكون أن العدد الأكبر من المستطلعين (44٪) يرون أن الولايات المتحدة تشكل تهديداً للديمقراطية في بلدانهم أكثر من الصين (38٪) أو روسيا (28٪)، ما يجعل جهود الولايات المتحدة لتبرير إحياء الحرب الباردة ضد موسكو وبكين باسم الديمقراطية محض هراء.
وقال المقال: إن “المفهوم الإستراتيجي” الذي قدمه بايدن في قمة “ناتو” الأخيرة في بروكسل لا يعدو كونه خطة لحرب عالمية ثالثة ضد كل من روسيا والصين، لكننا نستمد العزاء من الأدلة على أن شعوب أوروبا، الذين تعتمد عليهم خطة “ناتو” الحربية كقوات في الخطوط الأمامية، ليست مستعدة للالتحاق بحرب بايدن، فقد وجد استطلاعاً أجراه المجلس الأوروبي للشؤون الخارجية في كانون الثاني الماضي أن أغلبية كبيرة من الأوروبيين يريدون البقاء على الحياد في أي حرب أمريكية على روسيا أو الصين.