رغم أجواء الارتياح التي تخيّم على مفاوضات فيينا الرامية لإحياء الاتفاق النووي الإيراني والتقدم الذي أحرزته خلال الأسبوعين الماضيين, اتفقت الأطراف الموقعة على الاتفاق على وقف المفاوضات مؤقتاً للتشاور مع حكوماتها قبل استئناف المفاوضات الأسبوع المقبل.
لقد وصلت المفاوضات قبل هذا التعليق، إلى مرحلة الصياغة, حسب سفير روسيا إلى المنظمات الدولية ميخائيل أوليانوف، لكن الأخير لفت إلى أن الحلول العملية لا تزال بعيدة، مشيراً إلى الانتقال من الكلمات العامة إلى الاتفاق على خطوات محددة نحو الهدف.
لقد أكدت طهران أنها لن تسمح بمفاوضات استنزافية بأي شكل من الأشكال، كما لن تتسرع في التوصل إلى نتيجة غير مدروسة, كما ردت على ما يشاع حول خطط تدريجية أو توقيع اتفاق مؤقت, بأنه لن يكون هناك أي اتفاق مؤقت بين إيران ومجموعة “5+1”, وذلك انطلاقاً من خريطة الطريق التي أوضحته منذ البداية فيما يتعلق بموقفها الحاسم من إحياء الاتفاق النووي، ومساره من خلال رفض التفاوض المباشر مع واشنطن, وتأكيد رفع كل العقوبات الأميركية والرفض الكلي لمبدأ “خطوة بخطوة” الذي تدعمه واشنطن.
رغم ارتياح جميع الأطراف لما أحرزته المفاوضات من تقدم, إلا أن ذلك لا ينفي صعوبة المهمة حيث تتمسك طهران وواشنطن بنقاط معينة، فطهران تؤكد أنها لن تقدم أي امتيازات جديدة لواشنطن على طاولة مفاوضات فيينا وأنها لن تقبل بأقل من رفع العقوبات, فيما واشنطن, ورغم تصريحات مسؤوليها عن الاستعداد لحل يعيد العمل بالاتفاق، لا يبدو في الوارد تنازلها عن العقوبات التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عام 2018، بعد انسحابه من الاتفاق، إذ أكدت عدم نيتها تقديم أي تنازلات لطهران، ورفضها رفع العقوبات قبل “تطبيق إيران التزاماتها”.
اللافت, أنه بالتوازي مع تقدم مفاوضات فيينا, تتضاعف المحاولات المحمومة في واشنطن لعرقلة أي عودة منتظرة للأخيرة إلى الاتفاق, ولا تقتصر تلك المحاولات على قادة الحزب الجمهوري، إذ يقوم الكيان الإسرائيلي و”لوبياته” في العاصمة الأميركية، بممارسة ضغوط موازية للترويج لتبعات سلبية تترتب على عودة واشنطن للاتفاق النووي.
الإيجابية المحيطة بمفاوضات فيينا والبدء بالخطوات الأولى لصياغة الاتفاق, وحدها لا تكفي أمام الكثير من النقاط الخلافية التي ما زالت تراوح مكانها في ظل تعنت واشنطن ومحاولاتها بالعرقلة، رغم تعهد الرئيس بايدن بالعودة إلى الاتفاق ورفع العقوبات عن إيران.