إرضاءُ الشارع السوري غايةٌ تُدرك
أربعة عشر يوماً، تحديداً، مرّت على تشكيل الحكومة السورية الجديدة، حسب التوقيت الأصعب والأقسى والاستثنائي الذي تمرّ فيه سورية الوطن التي عانت حرباً كونية عشر سنوات، ولا تزال تبعات وويلات وأهوال جرائم مرتكبيها وآثار شرورهم مستمرةً وظاهرة المعالم، “للنيل” ما أمكن من صمودها وثبات مواقفها وهي التي استطاعت ليّ الأذرع الاستعمارية، وفرض حضورها السيادي بأحقية تاريخية وبطولات ميدانية فذّة، وبصمود وولاء شعب يأبى الهزيمة أو الخنوع، لأن «الحق فوق القوة، والأمة فوق الحكومة»، حسب توصيف المناضل المصري سعد زغلول ونهج الأحرار والقادة الأبرار، لذلك كان النصرُ حليفَ سورية دائماً، ولابدّ من تعميمه كمفهوم على كلّ المستويات والصعد، ويجب أن يكون الوطن أيقونةً أبدية، وأن يكون الجميع من دونه قرباناً.
وخلال أربعة عشر يوماً، من غير المنطقيّ إطلاق الأحكام وتقييم فريق حكومي لم يتسنَ له بعد التعرّف على هيكلية وزارته، ولا الشروع في تقديم برنامجه وخططه السنوية، ولا حتى الربعية!
إنّ الشارع العام المأزوم من الحرب العسكرية والاقتصادية على بلاده والتي أثّرت بشكلٍ رئيس في لقمة عيش المواطن السوري، وضيّقت سبل العيش أمامه، لابدّ من أنه يشعر بالقنوط واليأس، وسيحمِّل الحكومة الجديدة، حتى قبل إعلان برامجها، أخطاء وتقصير وعثرات حكوماتٍ سابقة لم تلبِّ طموحاته، ولم تؤمّن متطلباته، وعلى الرغم من أن مخاوفه مشروعة، وحتى توجّسه أيضاً، لكنّ الأمة التي يجب أن تكون فوق الحكومة، ومتن زهوها هو الشعب يجب عليها الإيمان بتحقيق النصر، وهذا النصر يستحقّ الصبر، وإعطاء الفريق الحكومي فرصةً للنهوض من تحت ركام الحرب و«العقوبات» الاقتصادية الجائرة وتحقيق متطلبات المرحلة الأصعب وفق منظومة تحرّك الكامن من موارد وثروات الزراعة والصناعة السورية، وتمكين الأفضل من الموارد البشرية، ومحاربة الفساد وتشغيل الشباب.. منظومة عملٍ قابلة للتحقيق والتجسد على أرض الواقع، وليست بالمهمة المستحيلة، والفريق الحكومي الجديد يدرك أن نجاحه في تغيير القناعات الجاهزة أمرٌ واردٌ، وبالعمل الحقيقي هو أمرٌ ممكنٌ، وأن إرضاء الشعب السوري غاية تُدرك، وما عليهم سوى العمل لإعادة الثقة بين الشارع والحكومة، وجَسْر الهوة بينهما من خلال تنفيذ الخطط والمشروعات البنّاءة، واستنباط الحلول وتجاوز المشكلات وتجنّب الأزمات والتغلّب عليها ما أمكن، والابتعاد عن التنظير والإنشاء بالعمل الجاد والدؤوب.
إن الجميع يدرك جيداً أن منسوب التعب المعيشي ارتفع خطه البياني ولاسيما في ظل ضغط غربي إجرامي لا يزال يستعر، ويشتدّ، وكذلك مطابخ الشرّ (العالمية) التي لا تزال تعمل بكلّ طاقاتها وقوّتها ضد الدولة السورية التي سقت مشغّليها كؤوس الذلّ والخذلان مترعةً.
لذلك، واجبٌ علينا التريّث والتروّي وترك حكومتنا تعمل بهدوء في انتظار مخرجات مأمولة لشعب مكلوم أدمته حرب إجرامية، ونغّصت حياته.