مقاومتكم.. «تروّع أغنامي»!

جيفارا الذي قضى حياته في الدفاع عن بلاده وعن حقوق شعبه وشى به راعي غنم، بحجة أن حروبه كانت تروّع أغنامه.
الجمهورية العربية السورية بتاريخها النضالي وسياستها القومية ونهجها العروبي وسيادتها المطلقة ومواقفها البطولية «روّعت أغنام» بعض الأنظمة العربية فاندفعوا من غير تردّد للمشاركة مع محور الهيمنة الصهيو-أمريكية في حرب الثماني سنوات على سورية، وقد غلب الظن على أغنام تلك الدول المسماة (الشقيقة)، أن سعيها لتحقيق مصالحها وارتهانها وخضوعها وأجنداتها المخزية لابدّ أن يؤثّر عليها سلباً ثبات المواقف السورية وحجم حضورها المقاوم ورفضها الدائم للإملاءات الخارجية، في ظل التراخي والترهّل العربي والانصياع التام للتوجيهات الأمريكية، والتسابق إلى تمتين التطبيع وإقامة العلاقات الوطيدة مع الكيان الإسرائيلي، بمواقف مأجورة ومدفوعة الأثمان لقاء كرامة مهدورة، لكن ما غاب عن هؤلاء أن غياب الدولة السورية عما يسمى «قمة» الجامعة العربية أمر طبيعي يليق بحجم الممانعة السورية.
وبينما كان أثير الهواء المأجور يعلن عن بدء «القمة»، كانت «العواجل» الإخبارية ترصد ما يحدث في الجزائر والسودان من اضطرابات سياسية، وتتحدث عن الكوليرا ونعيات الموت التي تقضّ مضجع اليمن بخناجر عربية، وعن العراق الذي في مرحلة النقاهة السريرية، أما الأخبار في ليبيا فحدِّث ولا حرج… وفلسطين المحتلة التي قالوا في محفلهم الخاوي من أي مشروع عربي يمكن أن يرقى إلى مستوى التحديات الراهنة التي تواجهها المنطقة أنها (قضية مركزية)، كذّب قولهم ولي نعمتهم، الولايات المتحدة الأمريكية، وهو يعلن القدس «عاصمة» للكيان المحتل، ويغضّ الطرف عن التوسّع الكبير للاستيطان الإسرائيلي وحصار غزة المكلومة.
وعن سورية، التي ساهم رعاة الأغنام والمصالح والأجندات المشبوهة في حرب ضدّها وعليها، ندّدوا، مثلهم مثل الغرباء، بإعلان ترامب «اعترافه» الأبتر، الناقص الشرعية والمخالف للقوانين الدولية بادعائه الجولان السوري المحتل أرضاً مزعومة للكيان الصهيوني.
قمة تنديد واستهجان ورفض، صادقَ فيها المجتمعون، الذين أظهرتهم عدسات الكاميرات وهم نيام، على مشروع ليس إلا حبراً على ورق، لكن الأكثر إضحاكاً كانت حواشي بيانهم الختامي، إذ وبينما هم يستغلون مفردات اللغة العربية لحياكة جمل إنشائية شعرية بحتة:
«أهمية توحيد المواقف العربية في المحافل الدولية، وتعزيز العلاقات العربية مع بقية الفضاءات الدولية في مجالات سياسية واقتصادية وثقافية بما يساعد في توسيع دائرة الدعم والمساندة»..!
كان الأجدى بهم ذكر العلاقات العربية- الإسرائيلية على سبيل المثال.. والتطبيع المعلن الذي ما عاد ينقصه سوى التمثيل الدبلوماسي، والذي بات تحصيل حَاصلٍ، وتكلفته ليست إلا إيجاراً رمزياً لبناء، وخرقة زرقاء ترفرف من شرفته كإعلان صريح عن التطبيع مع الكيان الصهيوني.
أما فيما قالوه عن نيّتهم العمل على استعادة زمام المبادرة لمعالجة أوضاعهم العربية بأيديهم، وتجاوز خلافاتهم، وتنقية علاقاتهم، فهي نيّة مشكوك في أمرها.
وجمل من قبيل: «هناك محاولات دائمة لتدمير نسيجنا العربي..»، جمل منقوصة الوجدان والإيمان، ولا محل لها أو فيها من الإعراب، لا بل من غير اللائق حشوها في مخرجات «القمة» الثلاثين للجامعة العربية التي تعاني صقيع «ربيع عربي»، ومواقف وآراء بعض حكامها يجوز فيها قصّ الخطابات السابقة ولصقها في «قمة» اليوم و«قمة» الغد.
عُقدت «القمة» ورُفعت الجلسة والشارع العربي بأكمله لا يعقد عليهم أي أمل، لا على صعيد رأب الصدع العربي، ولا حتى تطوير أي فكرة أو مشروع نهضوي، أو حتى اتخاذ مواقف لا استزلام فيها.. وجلّ ما ينقصه التفاعل مع «هاشتاغ» قمة الجامعة العربية والتعليق:
– تمخض الجبل فأنجب فأراً.
– انطلقت القمة ونامت الأمة.
– قمة النيام لا تحقق لشعوبها الأحلام.
– أمة على سرير الموت..

m.albairak@gmail.com

قد يعجبك ايضا
آخر الأخبار