أوهمونا أنه شبابيُّ..!
هرِمنا، نعم هرِمنا ونحن ننتظرُ مشروعاً، قِيل منذ عشرين عاماً إنّه مخصصٌ للشباب، وُعِدوا به في محاولة لاستغلال حاجاتهم ودغدغة آمالهم في تحقيق حلم امتلاك منازل تؤويهم.
منذ أكثر من عقدين من الزمن، أعلنت المؤسسة العامة للإسكان عن مشروع للسكن أسمته “الشبابي”، أوهمتهم حينها بإنجازه خلال فترة محددة وعلى أقساط ميسرة. سدد المكتتبون الدفعة الأولى وتم إبرام العقود معهم، لكن مضت الأعوام وانتهت المدة المحددة للتسليم ولم يرَ المشروع النور، بل تضاعفت الأقساط مراراً ومراراً، بذرائع واهية وحجج مقولبة، بالتذرّع تارة بالظروف وأخرى بارتفاع أسعار مواد البناء، وثالثة بتذبذب سعر الصرف، وبقيت على هذا المنوال الذي أطربها لسنوات، والهدف فرض تخمينات جائرة وبشكل متكرر للإمساك بـ”رقاب العباد”.
نعم، طوال هذه السنوات، ظلّ السكن الشبابي مثار أخذ وردّ وجدل ومماطلة من قبل المؤسسة العامة للإسكان للتملّص من الإيفاء بالتزاماتها تجاه مكتتبيها والالتفاف عليهم.
الكثيرون فقدوا الأمل بتحقيق الوعد المزعوم بعد مرور سنوات دون إنجازه، على الرغم من تواضع مساحته وإكسائه، لتطلّ علينا المؤسسة في العام الفائت بـ”نغمة” جديدة أنها اكتشفت حين تحولها للدفع الإلكتروني تأخّر البعض عن السداد لأشهر، علماً أنهم سوّوا أوضاعهم حينها واستمروا بدفع أقساطهم، لكن ذلك لم يشفع لهم، وقررت تغريمهم بمبالغ وصلت إلى الملايين وبدأت التلويح بعصا إلغاء الاكتتاب لمن لا يدفع، واضطر الأغلبية لـ “لملمة” ما في جيوبهم وجيوب أسرهم وكثر استدانوا ليدفعوا حفاظاً على الحلم الذي لا يزال إلى الآن معلقاً.
اليوم ومع توقع عودة الآلاف من المواطنين إلى مناطقهم أو من بلاد الغربة، وأغلبهم قد لايملكون منازل، تتجلّى ضرورة إيلاء موضوع مشاريع الإسكان أولوية، ولاسيما أن أعدادها بالآلاف، و بعضها تم وضع البنية التحتية له، والآخر في مراحل متقدمة، وأسعارها مسددة، لعل ذلك يحلّ جزءاً من مشكلة السكن التي قد تتبدّى حالياً إلى حين البدء بإعادة إعمار المناطق المدمرة أو إمكانية ترميم العائدين لمنازلهم، حتى لا يصبح هؤلاء العائدون لقمة سائغة لدى المؤجِّرين، وليكن فتح ملف مشاريع الإسكان والجمعيات السكنية أولوية على طاولة التدقيق والتمحيص، وكلنا يعرف كم كانت تلك المشاريع تنطوي على ملفات فساد، روائحها أزكمت الأنوف لسنوات وسنوات.